هل حقيقة تستحق النرويج أن تحتفظ بمركزها الأول على مؤشر التنمية الدولية؟

TT

بعد تصدر النرويج للسنة الثالثة على التوالي القائمة العالمية للتنمية البشرية التي تصنف 175 دولة (عدد سكان النرويج أربعة ملايين ونصف المليون نسمة تقريبا، وبعدها في المركز الثاني آيسلندا ويبلغ عدد سكانها حوالي مائتين وثمانين ألف نسمة) وذلك بناء على عدد من العناصر ومنها متوسط حياة الفرد ونسبة الأطفال الذين يلتحقون بالمدارس ونسبة المتعلمين ودخل الفرد وغيرها، أثار هذا التقرير تساؤلا في النرويج على مدى مصداقية مثل هذه التقارير التي لم تتطرق إلى الوضع الحقيقي للسكان النرويج ومشاكلهم بعد تجاهل التقرير للبيانات التي صدرت عن دائرة الإحصاء النرويجية والتي تفيد أن سكان النرويج يعانون من ارتفاع مستوى البطالة (اكثر من 100 ألف عاطل عن العمل وتعد الأقل في دول أوروبا الغربية) وان هنالك ارتفاع في أسعار المحروقات واستياء عام من الخدمات العامة خاصة قطاع المواصلات والصحة وغلاء أسعار مقاعد رياض الأطفال وعدم قدرة النرويج على المنافسة في الأسواق التجارية العالمية بسب قوة عملة الكرون النرويجية والتكاليف العالية للمنتجات النرويجية نظرا لارتفاع أجرة القوة العاملة بسبب ارتفاع مستوى المعيشة والرفاهية في النرويج، كذلك ارتفاع أسعار المحروقات. كما لم يشر التقرير كيف أن سكان النرويج قد عانوا خلال فصل الشتاء القارس الماضي من ارتفاع أسعار الكهرباء والتدفئة المركزية، مما أدى إلى وفات أربعة أشخاص من كبار السن نتيجة تخفيضهم درجة التدفئة في منزلهم للتوفير في المصروف مما أدى إلى وفاتهم في بلد توجد فيه انهار وشلالات عديدة وتعد إمكانية إنتاج الطاقة الكهربائية ضخمة. كما ان معظم سكان النرويج مستاءون من أن الاقتصاد النرويجي يعاني من مشاكل كبيرة بسبب السياسة غير الحكيمة للسياسيين النرويجيين خاصة في موضوع الصندوق الذي تدخر فيه النرويج جزءاً من ثروتها النفطية والذي يبلغ اليوم حوالي 100 مليار دولار وترفض الحكومة استخدام جزء منه في خلق استثمارات داخلية وخلق فرص عمل جديدة والمساعدة في تحسين الخدمات الرئيسية اكثر. كما أن تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تجاهل أن العديد من الشركات النرويجية أعلنت إفلاسها وسرحت عامليها وان العديد منها نقل عمله إلى دول أوروبا الشرقية أو شرق آسيا لقلة التكاليف.

التقرير أيضا لم يشر إلى أن معظم النرويجيين يعانون من المديونية التي ترافقهم طوال حياتهم. ويواجهون مشاكل اقتصادية عويصة بسبب القروض التي تقدمها البنوك لشراء مساكن رحبة وسيارة وقرض الدراسة وغيرها. يذكر هنا أن النرويجيين عموما غير راضين عن ارتفاع المساعدات الخارجية التي تقدمها النرويج الى الدول النامية والفقيرة والتي خصصت لها هذا العام ملياري دولار، حيث يرى الكثيرون أن الحكومة كريمة مع شعوب الدول النامية وشحيحة معهم. كما أن النرويج هي الدول الوحيدة التي ليس عليها ديون لدى الأمم المتحدة وتدفع مستحقاتها مسبقا مما حدا بالأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الى اختيار شخصية نرويجية كمساعد له لشؤون المساعدات الإنسانية ولا ننسى أن ممثل الأمين العام في الشرق الأوسط تيري رود لارسن هو نرويجي، مما يفسر مدى سعادة الأمم المتحدة بالمبالغ المالية الضخمة التي تقدمها النرويج إلى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة او للدول الفقيرة. بالتالي يفهم أن تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تجامل النرويج في اختيارها أو تصنيفها كأفضل بلد للعيش في العالم بتركيزها على الظاهر وعدم تناول الوضع الداخلي ورأي الشارع النرويجي مما يجري وان شعبية الحكومة الحالية وصلت الى 25 في المائة فقط.