ضمن جولة له في الشرق الأوسط، زار الرئيس التنفيذي لشركة نيسان للسيارات كارلوس غصن دبي بدولة الامارات العربية المتحدة، حيث عرض خلال احتفال خاص باطلاق سيارة Z الرياضية الجديدة، ابرز التطورات التي حققتها الشركة اليابانية، وطموحاتها وخطة عملها المستقبلية.
«الشرق الاوسط» التقت غصن الذي استطاع نقل شركة نيسان من انهيار وشيك الى تحقيق اعلى ربحية بين الشركات اليابانية المصنفة للسيارات. وفي البداية سألناه:
* هل النجاح الذي حققته شركة نيسان في عهدكم يعني ان نجاح الشركة قائم على رجل واحد هو كارلوس غصن؟
ـ لا يجوز ان نقول ان شخصاً واحداً هو اللاعب الوحيد في هذا النجاح، فنجاح نيسان والعلامة التجارية لـ«نيسان» هو ثمرة لعمل كل الفريق العامل في الشركة.
لكن رئيس الشركة يلعب في العادة دوراً مهماً لانه لو لم يكن له هذا الدور لما كان رئيساً، وعندما تكون الاوضاع صعبة فان الناس في العادة يتطلعون للرئيس لانهم يتوقعون منه توجيهات واستراتيجية ويعطونه اهمية اكثر من الاوقات العادية.
والقيادة مهمة في الاوقات الصعبة وليس في الاوقات العادية، ولذلك فان الرئيس يلعب دوراً مهماً لكن القول انه هو الشخص الوحيد الذي يلعب دوراً في التصحيح غير منطقي.
* هل واجهت وأنت القادم من ثقافة ومدرسة مختلفة صعوبة في التكيف مع اليابانيين ومع الفلسفة اليابانية في الادارة ؟
ـ ابداً، كان البعض يقول ان هناك مقاومة من العاملين لقيادتي، لكن بأمانة لم اشعر بهذه المقاومة، لانني لم آت للشركة لتقديم حلول جاهزة، فمنذ البداية قلت علينا ان نتفق على الاهداف وهو امر يسهل الاتفاق عليه، بعد ذلك فتحنا المجال لمناقشة الطرق للوصول الى هذه الاهداف وللوصول الى افضل الحلول للمشاكل التي تواجه الشركة وكان النقاش حول هذه الحلول مفتوحاً لكنني كنت صارماً بشأن الاهداف وهو ايجاد حلول للمشاكل.
طبعاً عندما كانت الحلول تتضمن اغلاق بعض المصانع، صار هناك نوع من المقاومة، وقلت في ذلك الوقت انك تستطيع ان تقاوم وترفض الاغلاق اذا كان لديك ما هو افضل من هذا الحل.
* هل تطور علاقة نيسان بمنطقة الشرق الاوسط ناتج عن علاقتك الشخصية بالمنطقة ؟
ـ معلوم، فنحن في النهاية بشر نتأثر بالعلاقات الشخصية ونتأثر بالارتباط بالمنطقة وكما تعلم فأنا اصلاً من لبنان وعشت فيه فترة من عمري، كما انني اتكلم العربية واعرف منطقة الشرق الاوسط لا كاجنبي بل كشخص يعرف النفسية والعقلية التي يتحلى بها ابناء المنطقة، وهذه الامور كانت عوامل مساعدة في اتخاذ القرار بشأن بعض المنتجات الموجهة للمنطقة.
* ما هي طبيعة التحديات التي تواجه شركة نيسان في منطقة الخليج والشرق الاوسط؟
ـ نحن اليوم الشركة الثانية بين شركات السيارات في منطقة الشرق الاوسط، علماً بأننا في بعض بلدان المنطقة، كلبنان، الشركة الاولى والشركة الثانية في دول خليجية اخرى.
وما نحاول عمله حالياً هو التعرف من خلال شركائنا في المنطقة على أي فرصة تحسن مواقع الشركة بالمنطقة.
صحيح ان سوق الشرق الاوسط الذي لا يتجاوز حجمه 500 الف سيارة سنوياً ليس بحجم السوق اليابانية التي تصل الى 5.5 مليون سيارة او الاوروبية التي يصل حجمها الى 19 مليون سيارة، ومع ذلك فان سوق الشرق الاوسط سوقاً مهمة وتملك امكانيات لاستيعاب حجم اكبر من السيارات في المستقبل يتجاوز الحجم الحالي ونحن نريد ان نكون جزءاً من اي تحسن في هذه السوق.
* هل تعتقد ان المواصفات الخليجية للسيارات مواصفات مبالغ فيها وهل تقومون بأي اتصالات لاقناع السلطات في المنطقة بابداء قدر اكبر من المرونة بشأن هذه المواصفات؟
ـ نحن دائماً نقوم باتصالات ونجري لقاءات مع الجهات المسؤولة في دول المنطقة ونعرض عليهم وجهات نظرنا في كثير من القضايا، وصناعة السيارات كما تعلم معنية بالتجارة الحرة والتمويل الحر للعملات، واذا كانت هناك مشاكل من هذا النوع فاننا نكون اكثر تأثراً ونواجه صعوبات، لكن في النهاية فاننا نحترم قرار السلطات في المنطقة بالنسبة للمواصفات.
* ذكرت ان شركة نيسان استأثرت بحوالي 30 في المائة من حجم مبيعات السيارات في اطار برنامج النفط مقابل الغذاء في العراق، هل تتوقعون هذه الحصة في العراق بالمستقبل؟
ـ طبعاً نأمل ان تكون لنا الحصة الاكبر لكن في هذه المرحلة من الصعب ان نقرر هذه الحصة لاننا لا نعرف القوانين المقبلة ولذلك نحن ننتظر ونراقب ونحلل السوق العراقية ونستعد للتجاوب مع اي تطور في تلك السوق.
* هل ارسلت نيسان بعثة للعراق لدراسة السوق هناك؟
ـ طبعاً، خاصة ولدينا مبيعات كثيرة هناك ونحتاج الى خدمة، لكن مع ذلك من المبكر تقدير وضعية السوق في المستقبل.
* هل هناك من يتصل بكم من العراق للحصول على توكيلات؟
ـ هناك اتصالات عديدة، لكن للآن لم نقم باختيار اي وكيل لاننا نريد اولاً معرفة طبيعة القوانين المقبلة ومع صدور هذه القوانين سنقوم بتنظيم انفسنا.
* هل أثر تصدير السيارات من الاردن والخليج للعراق على مبيعات نيسان في هذه البلدان؟
ـ بما اننا كنا نشكل 30 في المائة من مبيعات برنامج النفط مقابل الغذاء من السيارات، فاننا لم نجد حاجة الى زيادة مبيعاتنا للاردن او للخليج للوصول الى السوق العراقية التي نتواجد فيها بالفعل من خلال الامم المتحدة.
* هناك من يرى غياباً او تأخراً في طرح بعض الموديلات والطرازات التي تنتجها الشركة ما سبب ذلك وهل هناك نية لمواجهة هذه المشكلة ؟
ـ هذه قضية هامة، ونحن الان في مرحلة علاجها، وسببها ان سوق الشرق الاوسط كانت تعتمد المواصفات الخليجية وهي مواصفات اكثر صرامة من المواصفات الاوروبية والاميركية ووجدنا الان من الملائم ان نقسم منطقة الشرق الاوسط الى قسمين من ناحية المواصفات بحيث يكون لبنان ضمن الفئة التي تعتمد المواصفات الاميركية والاوروبية مما يتيح للسوق اللبنانية ان تستقبل الموديلات الجديدة في نفس الوقت مع السوقين الاوروبية والاميركية.
الامر الثاني الذي ندرسه هو ان هناك حاجة للتركيز على طبيعة السوق، فمثلاً لاحظنا ان سيارات الدفع الرباعي الباترول والتي تعد افضل السيارات في الطرقات الوعرة تستخدم كسيارة عادية وان ما نسبته 10% فقط تستخدم في الطرق الوعرة مما يقتضي منا تطوير التشكيلة حسب الاحتياجات الفعلية للسوق.
* هناك تساؤل مستمر عن سبب غياب صناعة سيارات عربية، وهل تتوقعون قيام مثل هذه الصناعة في المستقبل؟
ـ هذا سؤال كثيراً ما يلقى علي، وجوابي هو ان السوق العربية سوق صغيرة قياساً لمتطلبات هذه الصناعة، ولا امل بقيام هذه الصناعة الا اذا كان هناك تدفقاً حراً للسلع والبضائع بين الدول العربية وهذا يتطلب تعديل التشريعات المتعلقة بالتجارة والاستثمار، والتي تشجع على قيام صناعة سيارات بحجم مقبول من الناحية الاقتصادية.
* لكن هناك مصانع اوروبية في مصر ودول عربية اخرى في شمال افريقيا؟
ـ هذه صناعة تجميع وهي مختلفة عن صناعة السيارات التي تتطلب ان يكون امامها سوق لا يقل عن نصف مليون سيارة.
* هل الانضمام لمنظمة التجارة العالمية سيؤثر على مكانة وكلاء الشركة الحصريين في المنطقة؟
ـ علاقة نيسان بوكلاء الشركة ليست علاقة لوجستية، بل هي علاقة عميقة فهم يمثلون بالنسبة لنا امتداداً لنيسان وهم ايضاً اكثر معرفة منا بالسوق المحلية وميول الزبائن ونحن نعتمد عليهم اعتماداً كبيراً في عملية التسويق لمنتجاتنا ونعتقد ان ثلث مهمة التسويق تقع على عاتق الوكلاء الموزعين، وبالتالي فاننا نحرص على اختيار الوكلاء على وجود علاقة مستقرة بهؤلاء الوكلاء والموزعين.
* ما هي استراتيجية نيسان للمرحلة المقبلة؟
ـ نحن اليوم في السنة الثانية من خطة نيسان 180 التي تركز على النمو المربح وتستمر لمدة ثلاث سنوات، ان اهداف خطة نيسان 180 مثل برنامج احياء نيسان، بسيطة ومباشرة، نحن نخطط لزيادة مبيعاتنا مليون وحدة في نهاية السنة المالية 2004 وتحقيق هامش تشغيلي بمعدل 8% مما يضع نيسان على قمة مصنعي السيارات العالميين، وصافي ديون السيارات يبلغ صفراً.
ومن المليون سيارة التي ننوي انتاجها وفق الخطة نخطط لبيع 300000 سيارة اضافية في اليابان، 300000 سيارة اضافية في اميركا الشمالية، 100000 سيارة في الاسواق الخارجية العامة، التي تضم الشرق الاوسط.
وفي السنة الاولى من خطة نيسان 180 حققنا التزامين مهمين، بلوغ 10.8% كهامش تشغيلي والتخلص نهائياً من صافي ديون السيارات، الالتزام الثالث الذي بقي هو زيادة المبيعات مليون وحدة، وهو ما نتوقع تحقيقه بالكامل.
ومبيعاتنا العالمية لهذه السنة المالية هي 3040000 سيارة اي بزيادة 9.7% عن السنة المالية السابقة وهي المرة الاولى منذ العام 1991 التي تقفز فيها مبيعات نيسان عن عتبة 3 ملايين سيارة، وبالرغم من صعوبة الاسواق العالمية فاننا واثقون اننا سوف نحقق ما نشرناه على صعيد المبيعات.
وسيساعد على تحقيق هدفنا بشكل جزئي، الموديلات الجديدة التي سننتجها من مصنعنا في كانتون في المسيسيبي وكذلك فان خمسة من ضمن ستة موديلات التي ننوي اطلاقها في السوق الاميركية سوف يتم انتاجها في كانتون، وتتميز هذه الموديلات بانتاجها باعداد كبيرة وبهامش ارباح عال.
كما لدينا توقعات كبيرة من خلال توسعنا في السوق الصينية حيث قمنا في التاسع من يونيو، بالاعلان عن بداية العمليات في الشركة التي اسسناها وهي واحدة من اكبر ثلاث شركات مصنعة للشاحنات في الصين، وعبر شركتنا الجديدة، نخطط لاطلاق 6 موديلات مصنعة محلياً في الصين بحلول العام 2006 ونخطط لبيع 550000 سيارة هناك، مع ان مبيعات هذه السيارات سيكون لها تأثير خفيف على اهداف نيسان 180، الا ان توسعنا في الصين هو استثمار بعيد المدى مع فرصة كبيرة للنمو والربحية سوف يعطي نتائجه لسنوات بعد نيسان 180.
اما في هذه المنطقة، فنخطط لزيادة المبيعات بنسبة 25% على الاقل خلال مدة خطة نيسان 180، وسنحقق هذا الهدف بتقديم موديلات جديدة تتميز بالجاذبية والجودة الاضافية.