تفاوت في معدل النمو بقطاع العقارات البريطانية بين منطقتي الشمال والجنوب وسط تحذيرات من هبوط في الأسعار

TT

شهدت بريطانيا هذه السنة اياما صيفية حارة، ولكن على ما يبدو ان هذه الحرارة لم تنتقل تماما الى سوق العقارات، فقد ذكر تقرير صادر عن مركز «كابيتال اوكونوميكس» المتخصص في الدراسات الاستشارية، والاقتصادية ان أسعار العقارات تباطأت وبردت في معظم انحاء بريطانيا خصوصا في منطقة لندن الكبرى وجنوب شرق بريطانيا وهي المناطق التي شهدت ارتفاعات جنونية مع بداية العام الماضي. طبعا هناك استثناء سجلته منطقتا يوركشاير وهامبرسايد الواقعتان في الشمال البريطاني اللتان شهدتا ارتفاعات في الاسعار وصلت الى مستويات قياسية.

ومثل هذا الركود اكدته مؤسسة رايتموف في نشرتها العقارية لشهر يوليو (تموز) الحالي حيث اظهرت مؤشراتها في 57 منطقة بريطانية ان الاسعار ما زالت تسجل ارتفاعات مقارنة في العام الماضي الا ان معدل هذا الارتفاع في جميع انحاء بريطانيا انخفض من 26.5% مع بداية هذه السنة ليصل الى حوالي 12.1% خلال هذا الشهر، فقد بلغت الزيادة في الاسعار لهذا الشهر حوالي 0.4%، في حين وصل ارتفاع اسعار العقارات بين شهري ابريل (نيسان) ويوليو حوالي 2.9% وهو ما يعادل زيادة سنوية تقدر بحوالي 12.1%. ولكن عند النظر الى مقاطعات بريطانيا المختلفة فان الشمال مازال يسجل ارتفاعات كبيرة مقارنة مع مقاطعات الجنوب خصوصا في منطقة لندن، حيث شهدت معظم مناطق الشمال البريطاني ارتفاعات في الاسعار وصلت الى اكثر 20% طوال العام، لا بل ان بعض الاماكن الشمالية مثل تاين وير، درهام، تيسايد وبيرمنغهام سجلت ارتفاعات تجاوزت الـ30%. بينما لم تتجاوز الارتفاعات في مناطق جنوب بريطانيا الـ15%.

* تجدد الثقة العقارية

* وفي شهر يوليو الحالي تجاوز عدد العقارات التي خرجت من السوق عدد العقارات التي دخلت اليه، وهو امر طبيعي خلال فترة الصيف حيث ان معظم المعاملات العقارية تصل الى مراحلها النهائية. ولكن مع اعلان البنك المركزي البريطاني خلال هذا الشهر عن تخفيض في سعر الفائدة بمعدل ربع نقطة او 0.25% شهد السوق نوعا من اعادة الثقة والحركة، الا أن المشكلة الرئيسية تبقى في ما يصطلح على تسميتهم محليا «المشترين لاول مرة» الذين يمثلون حصة مهمة من السوق العقاري حيث لا ينحصر قلق هؤلاء في سعر الفائدة فحسب، بل يمتد الى مستوى المبالغ الذي يمكنهم اقتراضها وبحجم المقدم (او الديبوزيت) الذي ينبغي دفعه عند شراء العقار وهي امور لا تعمل في صالح هؤلاء المشترين في الوقت الحاضر خصوصا صغار الموظفين.

* تحسن في لندن

* ومن المناطق التي ارتفعت فيها اسعار العقارات نسبيا كانت منطقة لندن الكبرى التي وصل معدل الارتفاع فيها خلال هذا الشهر الى 2.1%، ويعتبر ذلك هو الارتفاع الرئيسي الاول من نوعه منذ شهر يناير لهذا العام عندما شهدت اسعار منطقة لندن انخفاضا وصل الى 2%. وتعتبر هذه الزيادة اول مؤشر على تحسن السوق العقاري في منطقة لندن، فعلى مدى العام الماضي لم يكن هناك نمو كبير يذكر في هذا السوق، لا بل شهدت عقارات لندن تباطؤاً منذ شهر سبتمبر الماضي كان الاكبر مقارنة مع كافة المناطق البريطانية. صحيح ان الارتفاع لم يشمل كافة مناطق لندن بل اقتصر على 11 من اصل 32 مجلسا محليا تابعة لمدينة لندن الكبرى، الا ان هذا الامر يعتبر تطورا ايجابيا مقارنة مع شهر يونيو (حزيران) الماضي الذي شهد ارتفاعا في الاسعار في اطار 4 مجالس محلية لندنية فقط حسب ما جاء في نشرة هومتراك الواسعة الانتشار.

والهبوط في الاسعار في بقية مناطق لندن كان جليا في المناطق الراقية التي تتجاوز فيها الاسعار اكثر من 300 الف جنيه استرليني مثل مركز مدينة لندن، كيسينغتون، تشيلسي وريتشموند الامر الذي عكس تراجع سوق العقارات الباهضة منذ بداية هذه السنة خصوصا مع بداية الحرب على العراق. الا ان التراجعات الحادة في الاسعار تركزت قي شرق العاصمة البريطانية في مناطق مثل سوتون، واندزوورثن، والثامفورست، وهاكني. الا ان المحصلة النهائية تشير الى ان مثل هذه الارتفاعات تبقى معتدلة نسبيا مقارنة مع الارتفاعات الهائلة التي حدثت خلال العامين الماضيين.

* تحذيرات مستقبلية

* وعلى الرغم من التحسن الذي طرأ على بعض المناطق خصوصا بعد انخفاض اسعار الفائدة البريطانية، الا ان العديد من الخبراء المختصين في هذا المجال يحذرون من انخفاضات كبيرة مع بداية العام القادم. وحسب ما جاء في التحليل الاسبوعي لشركة هاليفكس التي تعد اكبر شركة عقارية في بريطانيا فان تخفيض اسعار الفائدة ربما يحفز بعض المشترين، لكن القضية الاساسية تكمن في ان القدرة الشرائية لمعظم العاملين في بريطانيا تقل كثيرا عن الاسعار الموجودة في السوق وهي مشكلة تبدو بشكل واضح في المدن الكبرى. من ناحية اخرى ذكرت غرفة التجارة والصناعة البريطانية في تقرير نشرته اخيرا ان اداء معظم قطاعات الاقتصاد البريطاني هو دون المتوقع، لا بل ان احد مراكز البحث الاقتصادية المعروفة وهو «ذي ايرنست يونغ ايتم كلوب» الذي يحاكي النموذج الاقتصادي نفسه الذي تستخدمه وزارة المالية البريطانية خفض التوقعات بالنسبة لاداء الاقتصاد البريطاني ككل حيث يتوقع ان يبلغ النمو الاقتصادي للسنة المالية (التي تنتهي في نهاية شهر ابريل القادم) حوالي 1.7% بدلا من 2.5 ـ 2% وهي النسبة التي يتوقعها غوردن براون وزير الخزانة البريطاني.

واذا ما صحت مثل هذه التوقعات الاقتصادية وتفاقمت التداعيات السياسية للحرب على العراق فان ذلك ربما ينعكس سلبيا على القطاع العقاري ويدفعه للهبوط الى مستويات لم يشهدها منذ عدة سنوات.