مصر: ارتفاع سعر الدولار بالسوق غير الرسمية وشائعات حول تغيير قيادة البنك المركزي تشعل المضاربة

TT

فقد سوق صرف النقد الأجنبي المصري كثيرا من الاستقرار النسبي الذي شهده خلال الاشهر الثلاثة الماضية وعادت السوق غير الرسمية التي عانت من ركود وكساد واضحين خلال الفترة الماضية لتقود تعاملات سوق الصرف مجددا وتقفز بسعر الدولار ليتجاوز 655 قرشا بعد ان ظل شهورا عديدة لا يتجاوز 620 قرشا الأمر الذي أنعش عمليات المضاربة على العملة الاميركية وشجع الافراد على اكتنازها لاستغلال فرصة صعودها المفاجئ الذي وصفه مصرفيون مصريون بأنه غير منطقي وليس له ما يبرره خاصة أن الفترة الحالية تمثل ذروة العرض من الدولار مع قدوم المصريين العاملين بالخارج والسياح العرب ومن المفترض ان يكون الدولار على الأقل مستقرا أمام الجنيه لا أن يشهد هذه الزيادة الكبيرة.

وأوضح المصرفيون ان انتعاش معدلات الاستثمارات الأجنبية التي تدفقت على البورصة المصرية في الأسابيع الماضية علاوة على التراجع الحاد في أعداد المعتمرين المصريين لهذا الموسم حتى الآن رغم الاتفاق الذي تم بين الجانبين المصري والسعودي مؤخرا فضلا عن تفعيل آلية توريد 75 في المائة من موارد النقد الاجنبي للمصدرين للبنوك وخفض الواردات كل هذه العوامل كانت تدفع باتجاه تراجع الدولار أمام الجنيه أو استقراره غير ان الواقع جاء عكس التوقعات ولم تفلح اجراءات بعض البنوك الخاصة المتمثلة في تنفيذ صفقات خاصة بأسعار متميزة في القضاء على السوق غير الرسمية وسحب البساط من تحت اقدامها.

ولم ينكر بعض المصرفيين ان رفض بعض البنوك تلبية احتياجات العملاء إلا في نطاق ضيق ومحدود رغم زيادة مواردها من النقد الاجنبي قد دفع هؤلاء للتعامل مع السوق غير الرسمية التي استغلت الفرصة وتلاعبت في قوى العرض والطلب واشعلت سوق الصرف من جديد، كما أوضحوا ان ما تردد من شائعات حول تغيير وشيك في قيادة البنك المركزي المصري وترشيح اشخاص بعينها لتولي هذا المنصب خلال الفترة القادمة أبرزهم الدكتور محمود محيي الدين رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني وعبد الحميد أبوموسى محافظ بنك فيصل الاسلامي في مصر والدكتور فاروق العقد رئيس مجلس ادارة البنك الاهلي المصري، كل ذلك أوحى بعدم الاستقرار في قطاع النقد وتذبذب السياسات التي يدار بها هذا القطاع الحيوي، الأمر الذي جعل المناخ مناسبا لعودة وانتعاش السوق غير الرسمية، وزاد من تسارع المضاربة توقعات متعاكسة بأن المركزي والحكومة سيتدخلان وشيكا لتصحيح الاوضاع.

ويرى خبراء مصرفيون آخرون ان ما يحدث منذ عدة أشهر هو عملية مدارة من أجل بلوغ الدولار (7 جنيهات) حسبما يريد خبراء في صندوق النقد والبنك الدوليين من أجل اعادة التعاون مع الحكومة المصرية واقراضها المليار دولار التي تم الاعلان عنها في فبراير (شباط) الماضي.

وتابع الخبراء ان ارتفاع سعر الدولار على هذا النحو العشوائي والعجز عن القضاء على السوق غير الرسمية سيفرز تداعيات شديدة الخطورة على الاقتصاد المصري حيث ستؤدي الى صعود معظم العملات العربية لاسيما الريال السعودي أمام الجنيه وتضاعف قيمة فاتورة الواردات وتكرس حالة الركود والكساد وارتفاع الاسعار في معظم المنتجات والخدمات داخل الأسواق المصرية.

وأكدوا انه من الصعوبة بمكان توقع حركة سوق الصرف سواء على المستوى الرسمي في البنوك وشركات الصرافة أو السوق غير الرسمية التي كشرت عن أنيابها وقفزت بسعر الدولار حوالي 25 قرشا في أقل من 72 ساعة، فيما استبعد الخبراء حدوث تغييرات جوهرية في أسعر صرف العملات الأجنبية الاخرى كاليورو والجنيه الاسترليني التي شهدت تراجعا في حركة التعامل عليها نتيجة انخفاضها أمام الدولار في السوق العالمية وزيادة المعروض منها في سوق الصرف المصرية.

وأجمع الخبراء ان بلوغ مرحلة التوازن بين العرض والطلب في سوق الصرف خاصة فيما يتعلق بالدولار يتطلب مواجهة حقيقية للقوى المتلاعبة في سوق صرف النقد الأجنبي وسياسات نقدية واضحة تعيد الثقة في الجهاز المصرفي المصري فضلا عن زيادة موارد النقد الأجنبي واحداث توازن فعلي بين هذه الموارد والاستخدامات للقضاء على الفجوة القائمة أو على الأقل تقليصها الى أقل قدر ممكن.