الأخطار تحيق بالاقتصاد الروسي رغم النجاح بمعالجة تبعات أزمة تسديد الديون في 1998

TT

موسكو ـ أ.ف.ب: بعد خمس سنوات تماما من الازمة المالية في اغسطس (آب) 1998، تمكنت روسيا من اصلاح الاضرار وارساء اسس سليمة تسمح لها بتسجيل احدى اعلى نسب النمو في العالم، لكن المستثمرين لا يزالون يعتبرون انها بلد ينطوي على مخاطر.

ولا يزال تاريخ 17 اغسطس 1998 ماثلا في الاذهان على انه الاثنين الاسود للاقتصاد الروسي. يومها، أعلنت الحكومة التي ارهقتها الفوائد المترتبة على مصاريف الدولة، تجميد تسديد الديون وتركت الروبل يفقد من قيمته بشكل مفاجىء وبنسبة 34%.

على الاثر، انهارت الاسواق المالية وتوقف العمل بالنظام المصرفي. وتركت عملية التوقف عن الدفع آثارا قوية على الاقتصاد الروسي. وتضاءل عدد المستثمرين الاجانب، فيما سجل هروب للرساميل بسرعة وبنسبة كبيرة.

وادى ذلك الى تضخم كبير بلغت نسبته 84.5 % لعام 1998.

وخسرت الطبقة الوسطى قسما كبيرا من مدخراتها في عمليات الافلاس التي شهدتها المصارف، فلم تعد هناك طبقة متوسطة. وتراجع الدخل القومي الصافي بنسبة 5.3%.

بعد خمس سنوات، عالجت البلاد الوضع ليعود الى طبيعته. ويقول الخبير في شركة الاستثمارات «سوفلينك» اريك كروس انه من المتوقع ان يصل النمو في الدخل القومي الى نسبة 5.9% في 2003، مشيرا الى ان «نسبة النمو في روسيا تأتي مباشرة بعد الصين، ورغم اقتراب موعد الانتخابات، فقد وصل الفائض في الموازنة الى رقم قياسي»، فيما سجل الميزان التجاري نتيجة ايجابية.

ويقول المحلل الرئيسي في شركة «اتون» للصيرفة ستيفن داشفسكي ان الازمة كانت في الواقع مفيدة.

ويضيف ان البلاد «كانت تعاني من مشاكل هيكلية جدية ومن عملة قوية جدا ومن مستوى دين مرتفع، وقد ادت الازمة الى اجراء اصلاحات ضريبية وسياسية» ضرورية.

الا ان السكان دفعوا غاليا ثمن اعادة التنظيم المفروضة، وهم بالكاد بدأوا باستعادة مستوى معيشتهم السابق قبل الازمة، بينما لا تزال مداخيل اكثر من 23% من الروس متدنية وعلى عتبة الفقر.

وقد سجلت روسيا هذه السنة، وللمرة الاولى منذ سقوط الاتحاد السوفياتي في 1991، دخولا لرساميل جديدة في ابريل (نيسان) ومايو (ايار) 2003، في وقت كان رجال الاعمال الروس قد اعتادوا الابقاء على اموالهم في بلدان تعتبر جنات ضريبية.

كذلك، اقلعت الاستثمارات المباشرة الاجنبية منذ بداية السنة (ارتفعت بنسبة 35.5% في النصف الاول من السنة)، ويبدو المستثمرون مهتمين اخيرا بروسيا التي ظلوا بعيدين عنها منذ الازمة المالية، واكبر دليل على هذه الثقة المستعادة، اعلان شركة «بي بي» النفطية البريطانية في فبراير (شباط) استثمارا بقيمة ستة ملايين دولار في روسيا.

الا ان الاقتصادي في البنك الدولي في روسيا كريستوف رويل يرى انه لا يجب الافراط في الحماس، ويقول ان «الاقتصاد هو على السكة الصحيحة، الا انه لم يتعاف بعد تماما».

ويقول «لا شك انه في حال افضل مما كان عليه في اي يوم من الايام منذ بداية الاصلاحات، الا انه يمكن له ان يكون افضل بكثير»، مشيرا الى النقص في التنويع في الصناعة المركزة على القطاع النفطي.

كذلك لم يحصل تقدم على صعيد الاصلاح في القطاع المصرفي، ورغم حصول عملية اعادة تنظيم بعد الازمة، الا ان عدد المصارف لا يزال كبيرا جدا. وترى وكالة «ستاندرد اند بورز» للتقييم ان خطر عدم التسديد يحيط بـ75% من القروض الممنوحة للشركات.

واذا كانت المؤشرات الاقتصادية مستقرة، فان التحقيقات القضائية الجارية في قضية الشركة النفطية العملاقة «يوكوس» اقلقت الاوساط الاقتصادية.