مصرفيون: شبهة تعارض مصالح في تعيينات المركزي المصري

المجلس يضم عضوين بغرفة التجارة الأميركية ومسؤولين بشركتي سمسرة في الأوراق المالية

TT

أثار قرار تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي المصري الجديد والذي ضم 8 أعضاء من ذوي الخبرة بينهم سيدتان ردود فعل متباينة داخل الاوساط المصرفية، ففي الوقت الذي اكدت فيه مصادر مسؤولة على شبهة تعارض مصالح في تعيين رؤساء شركات سمسرة وأوراق مالية، ومحاسبة قانونية، وكذا رؤساء مكاتب استشارات قانونيين كاعضاء بمجلس ادارة البنك المركزي أو شبهة استغلال وجودهم بالمركزي لتطويع السياسات النقدية ومعرفتها قبل صدورها واستغلالها بما يخدم اهدافهم وشركاتهم، وخاصة فيما يتعلق باسعار الفائدة. نفى بعض الاعضاء الجدد بالبنك المركزي وجود هذا التعارض قائلين ان تعيين هؤلاء الرؤساء كاعضاء بالمركزي هو اتجاه لتطعيم القيادات الباقية (الاعضاء القدامى) بالاعضاء الجدد (الشابة) في الخبرات المصرفية.

وأشاروا ان قانون البنوك والائتمان الجديد اجاز تنوع الخبرات الاقتصادية في حالة تعيينهم لعضوية مجلس ادارة البنك المركزي وليس شرطا ان يكون عضو مجلس الادارة مصرفيا أو اقتصاديا أو رجل أعمال ولكن هي فلسفة وسياسة لتدعيم الخبرات بما يخدم السياسة النقدية كما يقول بعض المصرفيين.

وقد ضم مجلس ادارة البنك المركزي الجديد في تشكيله الذي صدر به قرار جمهوري برقم 216 لعام 2003 الدكتور محمود أبو العيون محافظا للبنك المركزي و8 أعضاء بينهم سيدتان هما الخبيرة الاقتصادية الدكتورة هبة حندوسه رئيس منتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية وتركيا وايران وكانت عضوا بمجلس ادارة المركزي في تشكيله السابق، ايضا ضم المجلس من الاعضاء الجدد من السيدات منى ذو الفقار خبيرة قانونية ورئيس مكتب الشلقاني للاستشارات القانونية وعضو مجلس ادارة بنك القاهرة.

ومن الملفت للنظر ان يضم تشكيل مجلس ادارة البنك المركزي المصري حازم حسن وهو باق ايضا من بين اعضاء المجلس القديم للمركزي وهو رئيس جمعية المحاسبين والمراجعين المصريين، واختاره صندوق النقد الدولي ضمن لجنة لمراجعة صحة الميزانيات والقوائم المالية للصندوق، وهو ايضا يقوم بمراجعة ميزانيات عدد من البنوك المصرية. والسؤال الآن كيف يكون محاسبا قانونيا ومراجعا يقوم على اعداد ميزانيات البنوك المصرية ومراجعتها عضوا بمجلس المركزي وهو ما اعتبره المصرفيون نوعاً من تعارض المصالح والتداخل في الاختصاصات.

من جانبه اكد مصدر مسؤول بالبنك المركزي المصري رفض ذكر اسمه على وجود شبهة تضارب مصالح في تعيين رؤساء بعض الشركات الخاصة للاوراق المالية والسمسرة أو المحاسبة والمراجعة القانونية في تعيينهم كأعضاء لمجلس ادارة البنك المركزي لمعرفة القرارات والتعليمات السياسية التي يصدرها المركزي واستغلالها خاصة فيما يتعلق باسعار الفائدة وأوراق الخزانة.

واضاف المصدر ان عددا من الذين تم تعيينهم بمجلس ادارة المركزي هم أعضاء ايضا في الغرفة التجارية الامريكية شأنهم في ذلك شأن بعض رؤساء البنوك العامة والمشتركة الذين تم استقطابهم من مدرسة ستي بنك الامريكية لقيادة البنوك المصرية ورئاستها وهم ايضا اعضاء بهذه الغرفة.

ولا يقلل المصدر من شأن هذا الاتجاه بقدر ما يرى انه يخلق نوعا من الاحباط في الاوساط المصرفية المصرية بين القيادات والكوادر التي يتم اهمالها، مشيرا ان التقييم في هذه الادوار لا تكون فيه الكفاءة هي المعيار المحدد للاختيار بقدر ما تكون علاقات شخصية أو عائلية بين المسؤولين.

ويرى ان هدف هذا الاتجاه هو دعم الجهاز المصرفي المصري والنهوض به للارتقاء بالسياسة النقدية وتطوير التكنولوجيا المصرفية وبرامج التدريب والموارد البشرية.

ولكن ان يكون رئيس شركة سمسرة أو تداول اوراق مالية أو محاسبة قانونية عضوا بالمركزي فهذا ايضا يعمل على اثارة الشكوك والمشاكل ووجود شبهة استغلال العمل داخل المركزي بما يخدم مصالحهم الشخصية.

ويرى احمد قوت العضو المنتدب للبنك الوطني المصري ان تعيين رؤساء شركات أو رجال اعمال بمجلس ادارة البنك المركزي قائم منذ ثلاث فترات وليس في التشكيل الاخير فقط، مشيرا ان هذه الخطوة تعتبر اضافة خبرات للبنك المركزي لادخال معايير محاسبية جديدة وهي فلسفة جديدة بالجهاز المصرفي.

قال أيمن لاظ عضو مجلس ادارة بنك القاهرة السابق، والعضو المنتدب الحالي لشركة امريكانا في مصر، والذي عمل كما يقول على مدار 25 عاما في البنوك والاستثمار وعمل في تشيس منهاتن بالخارج انه لا يوجد تعارض مصالح في تعيين رجال اعمال وصناعة أو رؤساء شركات كأعضاء بمجلس ادارة البنك المركزي، وأشاد بتاريخ باقي الاعضاء المهني سواء القدامى منهم أو الجدد، قائلا ان المزج بين الخبرات يخدم السياسة النقدية.

كما ضم المجلس الجديد محمود عطا الله عضو مجلس ادارة البورصة السابق والعضو المنتدب لشركة HSBC للاوراق المالية حاليا الذي قال انه كان يعمل في السابق كمسؤول عن غرف التداول للفروع الخارجية بالبنك العربي الافريقي ورئيس شرف للاتحاد العربي لخبراء النقد ومؤسس ورئيس سابق وشرفي حاليا للجمعية المصرية للمتعاملين في الاوراق المالية.

واكد ان العمل في السياسة النقدية له مصالح مشتركة ويجب تجنب أي مصالح حتى لا يحدث تعارض بين المصلحة الخاصة والعامة ويرفض ان يكن مجلس ادارة البنك المركزي من المتفرغين حتى لا يتحولوا الى موظفين، ويجب ان يعتمد مجلس ادارة أي بنك مركزي على ذوي الخبرة غير المتفرغين للجمع بين كل انشطة المجتمع. ويرى ان هناك تداخلا في المصالح بين جميع اوجه انشطة المجتمع والسياسة النقدية.

وترى مدير القطاع القانون بأحد البنوك العامة ان تعيين رؤساء الشركات ورجال الصناعة والاندية (رجال الاعمال) في عضوية مجلس ادارة المركزي قد يشوبه شائبة هي تعارض المصالح، ووجودهم قد يؤثر على سياسة البنك لحساب مصالحهم، مشيرة الى ان التشكيل الجديد قوبل بعدم الارتياح داخل البنوك المصرية لانه كان غير متوقع وخاصة بعد صدور القانون الجديد للبنوك .

وقالت ان المصرفيين كانوا يتوقعون وجوها بعيدة عن المجالات التي تم التعيين منها، وتتوقع تنافر الاعضاء فيما بعد مع المحافظ لعدم اتفاقهم في اسلوب العمل.

وكان المجلس الجديد قد ضم ايضا كل من محمد يونس رئيس مؤسسة كونكورد للاستثمارات العالمية وهي مؤسسة انشئت بامريكا، واسست شركة مصرية للعمل في مجال الاوراق المالية في مصر وكان يونس من الاعضاء القدامى في المجلس السابق، كذلك ضم المجلس الدكتور حاتم القرنشاوي المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة المصرية وعميد بكلية التجارة جامعة الازهر.