دشن العاهل المغربي الملك محمد السادس امس في اصيلة مشروع مارينا الذي ستنجزه الشركة الايطالية لميناء اصيلة (سويبا).
وتبلغ قيمة الاستثمار الذي يساهم فيه رجال اعمال ايطاليون واميركيون، 51 مليون يورو (52 مليون دولار ). وسيستغرق انجاز المشروع 36 شهرا ويوفر وظائف لحوالي الف شخص.
ويأتي مشروع مارينا اصيلة ضمن التوجهات التي حددها الملك محمد السادس لانعاش منطقة شمال المغرب.
وعلمت «الشرق الأوسط» ان العاهل المغربي اصدر تعليماته لوضع مخطط عمراني سياحي للمساحة الممتدة من اصيلة الى طنجة تفاديا للمشاكل العمرانية والبيئية التي تعرضت لها السواحل الفرنسية والاسبانية والايطالية منذ الخمسينات من جراء عشوائية المشاريع السياحية في هذه السواحل.
ويعتبراعطاء انطلاقة «مارينا اصيلة» من قبل العاهل المغربي ايذانا بالبدء في هذا التوجه لاقامة منطقة سياحية تمتد على ساحل طوله 38 كيلومترا، يتميز برماله الذهبية، وهو اطول شاطىء ممتد بدون انقطاع بعد شاطئ تاغزوت في اغادير.
وعلمت «الشرق الأوسط» كذلك ان الملك محمد السادس وجه بصرامة لضرورة تفادي اخطاء الجيران التي تكلف البلديات الان ملايين الدولارات والتغلب على تبعات ذلك بيئيا وعمرانيا وجماليا. وستتوفر المارينا على اكبر حوض لاستقبال وصيانة اليخوت في المغرب، الذي سيكون اول مركز يقام على الساحل الشمالي للمحيط الاطلسي يقدم خدمات لاصلاح وصيانة اليخوت خاصة تلك العابرة من اوروبا الى افريقيا وبالخصوص الى جزر الكناري. وتبعد اصيلة عن الساحل الاسباني حوالي 50 كيلومترا، و20 دقيقة طيران عن لشبونة، و40 دقيقة عن مدريد، في حين تستغرق الرحلة اليها من لندن وباريس ساعتين ونصف. تجدر الاشارة الى ان مطارا دوليا يوجد بين اصيلة وطنجة ، ويبعد عن ميناء اصيلة 28 كيلومترا، وعندما سينجز الطريق السيار بين اصيلة وطنجة ستصبح المسافة بين ميناء اصيلة والمطار 14 دقيقة فقط. وستضم مارينا اصيلة ايضا ناديا لليخوت وميناء عصريا للصيد البحري بحيث يتوقع الخبراء ان يكون هذا الميناء من اجمل الموانىء في المنطقة خاصة ان ارصفته ستمتد في البحر وسيتم توسيع بوابة الميناء الامر الذي سيمكن مراكب الصيد من العمل على امتداد السنة وخلال جميع الفصول. كما سيقام في مارينا اصيلة مركز تجاري سيرخص لجزء منه بيع اصحاب اليخوت بضائع معفاة من الضرائب (منطقة حرة) بواسطة خاصة، بالاضافة الى فندقين الاول من صنف خمس نجوم يشيد على مساحة 6200 متر مربع، وسيكون موقعه قبالة مدخل المارينا، والثاني من صنف اربع نجوم يقام على مساحة 3200 متر مربع، كما ستزود المارينا بوحدة طبية مجهزة للطوارئ، ومسرح في الهواء الطلق يخصص لاقامة الحفلات الموسيقية والمسرحية خلال مواسم اصيلة الثقافية في الصيف. ويقول الخبراء ان ما يميز المارينا من حيث الموقع هو انها تتوفر على مزايا قلما توجد في أي مكان من العالم، ذلك ان الراكب بمجرد ما ينزل من مركبه يجد نفسه وسط المدينة القديمة، وخلافا لكثير من المارينات في العالم (البرتغال، اسبانيا). وعلى سبيل المثال تتوفر مارينا اصيلة على خلفية تراثية وحضارية وثقافية تتمثل في اسوار المدينة وفي الفن المعماري المغربي الاندلسي وفي مهرجانها الثقافي الذي احتفل هذا العام بيوبيله الفضي وبخاصة مرافقه الثقافية التي تشمل «قصر الثقافة» ومركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية ومكتبة الامير بندر بن سلطان، وهي عبارة عن قصر للمؤتمرات، ومتحف في طريق البناء مما يصون المدينة وسكانها من سلبيات الاقبال السياحي ومضاعفاته في كثير من الاحيان على التقاليد والسلوكيات والمقومات الحضارية للشعوب التي تقام فيها مثل هذه المشاريع.
ويعد مهرجان اصيلة والتقاليد العلمية والفكرية والابداعية التي مارسها جيل كامل من سكان المدينة وزوارها في الصيف واعتداد سكان المدينة بهذه المكتسبات بمثابة حصانة للتأقلم مع هذا المشروع وغيره من منطلق الانفتاح. ويرى محمد بن عيسى رئيس مجلس بلدية اصيلة (العمدة) ووزير خارجية المغرب ان السياحة مثل الزراعة يجب ان يحضر لها كما تهيأ الارض بالسماد الجيد والري ليكون المنتوج وافرا، مشددا على ضرورة اعداد الانسان حضاريا حتى يكون متحصنا ومعتدا بدينه وحضارته ومتشعبها بقيم التسامح والتعايش والتعامل مع الاخر، وهذا في نظر بن عيسى هو اساس السياحة الحقيقية.
ويعتبر مشروع المارينا تتويجا لشعار«الثقافة والفن في خدمة التنمية»، الذي رفعته جمعية المحيط الثقافية منذ انطلاق مواسمها الثقافية عام 1978 قبل ان تتحول الى مؤسسة منتدى اصيلة.