لبنان: نمو قياسي لاحتياط العملات الأجنبية وفائض ميزان المدفوعات تجاوز 3 مليارات دولار

TT

تركت الاجواء الايجابية التي رافقت الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء اللبناني، اصداء ايجابية في الاوساط الاقتصادية والمالية التي تخوفت من تداعيات معاكسة من شأنها استنزاف المؤشرات الايجابية المحققة.

ويعتبر اقتصاديون وخبراء، ان النمو الاقتصادي المتوقع ان يتراوح بين 2 و3 في المائة هذا العام، تعزز من خلال مؤشرات اكثر ايجابية ابرزها نمو مجمل الاعمال المصرفية بنسب تتراوح بين 10 و15 في المائة لتسجل اعلى مستوى لها في السنوات الخمس الماضية، حيث ارتفع اجمالي موجودات القطاع المصرفي الى حوالي 56 مليار دولار، اي ما يفوق ثلاثة اضعاف الناتج المحلي، كما ارتفع احتياط مصرف لبنان من العملات الصعبة الى مستوى قياسي لم يشهده في السابق، بعدما تجاوز 12.5 مليار دولار بنهاية شهر اغسطس (آب) الماضي، وحقق ميزان المدفوعات فائضاً تراكمياً تجاوز 3 مليارات دولار بنهاية يوليو (تموز) الماضي.

وعلى رغم ان سوق العملات لم تتأثر كثيراً باجواء التشنج السياسي خلال عطلة مجلس الوزراء في الاسبوعين الماضيين، فقد كانت ترقبات المتعاملين تنحو باتجاه عودة الارباك والطلب على الدولار في السوق، قبل ان تعود مجدداً الى حالة الهدوء الحذر التي سادت في الاشهر الاخيرة، مع ميل لبيع الدولار الذي استقطبته المصارف لتعيد بيعه للمصرف المركزي، مقابل شهادات ايداع بالليرة اللبنانية لمدة ثلاث سنوات.

وتشير الاحصاءات الى ان الشهادات الخاصة التي يصدرها المصرف المركزي بالليرة اللبنانية لقاء ما يعادلها بالدولار، وبفائدة مغرية تبلغ 12.3 في المئة سنوياً، استحوذت على 2200 مليون دولار في الاشهر الثلاثة الماضية، ضمها المصرف المركزي الى احتياطه. واستطاع من خلالها امتصاص جزء من السيولة الفائضة بالليرة اللبنانية التي تزيد قيمتها عن 6 مليارات دولار، نتيجة استحقاق شرائح من سندات الخزينة المصدرة سابقاً، وعدم حاجة الدولة حتى الآن، لاصدار سندات جديدة لتمويل احتياجات الانفاق.

وقد لعبت اموال مساهمات مؤتمر باريس ـ 2 التي جرى الاكتتاب بها من قبل الدول المساهمة، بسندات خاصة لمدة 15 سنة بفائدة 5 في المائة، دوراً حاسماً في تحويل المسار النقدي والمالي وتعزيز احتياطات المصرف المركزي، سيما وان هذه الاموال، التي وصل منها 2.6 مليار دولار، جرى تعزيزها باسهامات مماثلة من قبل الجهاز المصرفي وبما يوازي 10 في المائة من مجموع ودائع القطاع، اي حوالي 4 مليارات دولار، وذلك مقابل سندات لمدة سنتين بفائدة صفر في المائة.

ويؤكد الاقتصاديون والخبراء، ان لبنان الذي يواجه استحقاقات هامة في العام المقبل على المستوى السياسي، تتمثل بانتخابات رئاسة الجمهورية وبعدها بأشهر الانتخابات النيابية، يحتاج الى تعزيز الاجواء الايجابية الداخلية ومعالجة الملفات المطروحة، ومنها قضايا الكهرباء والضمان الاجتماعي والتخصيص والتسنيد وسواها بما يعزز النتائج الاقتصادية والمالية المحققة وتحصين نتائج مؤتمر باريس ـ 2، سيما وان المناخات السائدة في المنطقة غير مؤاتية تماماً، لطلب اي جهود او مساهمات عربية اضافية في اطار معالجة ازمة الاقتصاد.

ويعتقد الاقتصاديون، ان معالجة الفساد الاداري الذي يشكل احد اهم المطالب الاصلاحية في ورقة عمل صندوق النقد الدولي، يجب ان يكون شاملاً وعميقاً ويطال الملفات المطروحة وبنية الادارة بصفة عامة.