لبنان: «حرب فوائد» بين المصارف لجذب الدولار والودائع الجديدة

TT

اكدت مصادر مصرفية واسعة الاطلاع، ان نوعاً من «حرب الفوائد» تدور بين المصارف اللبنانية خلال هذه الفترة، وبالاخص بين مصارف كبرى، بدأت تلقي بظلالها على السوق المالي وسوق القطع.

واللافت في التنافس على عرض فوائد مغرية لاستقطاب الودائع، حصرها بحاملي العملات الاجنبية لدى المصارف الذين يتلقون عروضاً مزدوجة لشراء ما بحوزتهم باسعار تفوق السعر المعلن في سوق القطع، وتوظيف الحصيلة بالليرة اللبنانية باسعار فوائد تفوق ايضاً المعدلات الفضلى للسوق.

وافاد متمولون لـ«الشرق الأوسط» بانهم تلقوا بالفعل عروضاً ومن مصارف كبيرة ومرموقة، باستعدادها لشراء الدولار بسعر يفوق 1515 ليرة (السعر الوسطي للسوق 1507 ليرات). ومنح الوديعة المحصلة بالليرة فائدة مؤقتة (لمدة تتراوح بين شهرين وستة اشهر) تتراوح بين 10 و11 في المائة علماً بان المصارف ذاتها تكتتب بسندات الخزينة اللبنانية بعوائد تتراوح بين 6.75 و8.75 في المائة.

وقد ادت هذه العروض الى ارتفاع سعر تداول الدولار الاميركي خارج سوق القطع، وضمن عمليات خاصة ينفذها بعض البنوك لصالح بعض العملاء، مع بقاء سعر التداول المعلن من قبل المصرف المركزي بين 1501 و1514 ليرة.

وعلمت «الشرق الاوسط» ان مصارف عاملة بصدد اثارة هذه القضية لدى جمعية المصارف ومصرف لبنان المركزي، بالنظر الى تأثر مودعيها بالعروض المجزية التي لا تنسجم مع معطيات السوق وتضعها امام خيارين احلاهما مر، فاما التخلي عن الودائع المنجذبة الى العروض واما توفير عروض مماثلة على حساب ربحيتها.

ويبدو بحسب المصادر المصرفية، ان بعض المصارف الكبرى حجز كميات كبيرة من شهادات الايداع بالليرة اللبنانية التي كان يصدرها المصرف المركزي بفائدة خاصة تبلغ 12.3 في المائة لقاء تسييل مبلغ مواز بالدولار الاميركي، وقد اثرت هذه الاكتتابات على نسبة سيولتها بالعملات الاجنبية، فلجأت الى السوق لتغطية جزء منها بعروض مغرية. كما ان اقتراب نهاية العام المالي يشهد عادة تنافساً على زيادة الميزانية ومؤشراتها الاساسية، لفترة محدودة، مع تحمل كلفة اضافية وذلك بهدف التقدم اكثر على لائحة ترتيب المصارف.

ويخشى مصرفيون، ان تستعر حرب الفوائد اكثر في الاسابيع القليلة المقبلة، خصوصاً بعد توقف المصرف المركزي عن اصدار شهادات الايداع الخاصة، سيما وان حسابات مديري القطع لدى هذه المصارف تظهر ان العائد المحقق من شهادات الايداع المكتتب بها سابقاً، كفيل بتغطية شراء الدولار باسعار اعلى من الاسعار المعروضة حالياً، ومن دون المساس كثيراً بالربحية المحققة والمتوقعة، وذلك قياساً الى اتجاه السوق نحو المزيد من الانخفاض في معدلات الفوائد.

وتساءلت المصادر المصرفية عن موقف المصرف المركزي حيال هذه التطورات التي يمكن ان تؤدي الى ارباكات اكثر شمولاً، سيما وانه اللاعب الاقوى في سوق القطع ولديه احتياطات من العملات الاجنبية تزيد عن 12.5 مليار دولار تخوله الدفاع عن الاسعار الرسمية لسوق القطع ومنع نشوء سوق مواز، كما يمكنه من خلال متابعته اليومية لميزانيات المصارف الكشف عن اي مخالفات لتعاميمه التنظيمية بما فيها تعميمه الخاص باصدار شهادات الايداع الخاصة واليات الاكتتاب فيها.

ولفتت المصادر الى حصول سابقة كادت ان تسبب ارباكات في السوق، قبل اسابيع من انعقاد مؤتمر باريس ـ 2 جرى من خلالها اكتتاب بعض المصارف بسندات الخزينة اللبنانية بفوائد بلغت 18 في المائة عبر عمليات «سواب» اجراها المصرف المركزي، وقد اثار هذا الامر حينها، حفيظة بقية المصارف التي طالبت بحصتها على قاعدة تكافؤ الفرص امام المصارف العاملة، وقد نالت فعلاً حصة من هذه الاكتتابات التي حققت ربحاً اضافياً لها.