الحكومة اللبنانية تتجه لتكليف السنيورة وسلامة بمتابعة المباحثات حول سبل تحريك الودائع العراقية

TT

يعرض مجلس الوزراء اللبناني مجدداً، في جلسته الاسبوعية اليوم، موضوع الودائع العراقية في بعض المصارف اللبنانية التي جرى منع تحريكها بعد سقوط النظام السابق، نظراً لغياب المرجعية الشرعية صاحبة الحق بتحريك هذه الحسابات المسجلة خصوصاً باسم البنك المركزي العراقي ومصرف الرافدين.

ويستمع مجلس الوزراء، الى خلاصة يقدمها وزير المال فؤاد السنيورة عن لقائه الاسبوع الماضي، مع وزير المال العراقي كامل الكيلاني ومحافظ البنك المركزي الدكتور سنان الشبيبي ومندوب عن مصرف الرافدين، بعد لقاء الوفد العراقي مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تقدم بدوره بكتاب الى الحكومة يؤكد فيه على مضمون التشريعات المصرفية التي تحول دون تجميد اي حساب لصاحب حق محدد وشرعي، مع ضرورة عدم الاضرار بمصالح لبنان.

وعلم، ان مجلس الوزراء بصدد تكليف السنيورة وسلامة بمتابعة البحث مع الجانب العراقي في ظل توجه لبناني للتعامل بمزيد من المرونة مع مطلب الحكومة العراقية بتحديد حجم الأموال المودعة من قبل البنك المركزي العراقي في المصارف اللبنانية، والاتفاق على كيفية تحريكها، من دون اغفال الاضرار اللاحقة بالتجار والمصدرين اللبنانيين من جراء حرب العراق وتداعياتها.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان زيارة وزير المال العراقي ركزت على البحث عن تفاهم بين الحكومتين العراقية واللبنانية، يتم بموجبه تحديد الحجم الفعلي لهذه الاموال تمهيداً لاتفاق لاحق يوازن بين حق تحريك هذه الحسابات والاضرار اللاحقة باللبنانيين من دون الربط الكامل بينهما، علماً بأن معلومات سابقة اشارت الى ان حجم الودائع العراقية لدى المصارف اللبنانية يبلغ حوالي 500 مليون دولار، فيما يبلغ مجموع خسائر التجار والمصدرين اللبنانيين حوالي 400 مليون دولار، بحسب احصاءات اجرتها غرفة التجارة في بيروت.

وتنسجم هذه التوجهات مع مواقف ادارات المصارف اللبنانية التي تستضيف الودائع العراقية الرسمية، والتي سبق ان رفضت كتاباً رسمياً من محافظ البنك المركزي العراقي ورد اليها في يوليو (تموز) الماضي.

طلب فيه اجراء تحويل فوري لكامل الحسابات الى حساب صندوق تنمية العراق لدى بنك الاحتياط الفدرالي الاميركي في نيويورك، وبررت موقفها في حينه، بأن الكتاب جاء خالياً من اي مستندات قانونية تحدد شرعية الطلب، كما خلا من تحديد الحسابات المطلوب تحريكها والشيفرة المتفق عليها لتحريك الحسابات، اضافة، طبعاً، الى اختلاف تواقيع المسؤولين، مما يضع هذه المصارف تحت المسؤولية القانونية، وقد سبق لـ«الشرق الأوسط» ان نشرت النص الحرفي للكتاب المذكور، ونص الكتاب الرد الذي اقترحته جمعية مصارف لبنان، بناء لاستشارات تلقتها من المصارف المعنية. علماً بأن الادارة العراقية عينت الشبيبي لاحقاً محافظاً للبنك المركزي والمحافظ المؤقت فالح داود سلمان نائباً له.

وتعتبر ادارات المصارف، ان تعاطيها مع اي عميل بغض النظر عن هويته، يقوم على اسس واحدة بموجب الانظمة والقوانين المرعية في لبنان، وبالأخص منها قانون السرية المصرفية الذي يفرض عدم الكشف عن اي حساب الا في حال وقوعه تحت طائلة القانون رقم 318 الخاص بمكافحة تبييض الاموال، والحالة العراقية لا تقع تحت مضمون هذا القانون، لكنها حالة خاصة بسبب تغيير السلطة بشكل غير اعتيادي ومن خلال قوة خارجية لذلك، فإن المصارف لا ترفض تحريك هذه الحسابات لكنها تطلب تحديد هوية العميل واحقيته بتحريك الوديعة. وهذا ما اضفى على القضية بعداً سياسياً، يفترض ان يؤمن للمصارف الغطاء القانوني المناسب للموافقة على اعتبار السلطة الجديدة وريثة شرعية لهذه الحسابات ولها الحق بتحريكها وفق ما تراه مناسباً.

وقد اعلن الوزير العراقي خلال زيارته ان البحث تركز على موضوع الارصدة العراقية الموجودة في لبنان، «حيث ابدى الجانب اللبناني تعاوناً كبيراً معنا، اذ انه في بادئ الامر وضع هذه الارصدة كأمانة لديه، على الا يتصرف بها اي شخص. والامر الثاني ان الجانب اللبناني طالب المخولين بهذه المبالغ من الجانب العراقي كمحافظ البنك المركزي الذي لديه تفويض رسمي من مجلس الحكم ومن سلطة الائتلاف ايداعه جميع الوثائق الرسمية التي كان قد طالب بها لبنان، وسيصار الى تسليمه اياها للتأكد منها وعندئذ يمكن التصرف بهذه الارصدة ونقلها الى صندوق تنمية العراق».

كما اكد الكيلاني «ان هناك مستحقات سابقة للقطاع الخاص اللبناني، في العراق، ويلتزم الجانب العراقي بها وستدرس وسترسل الطلبات من جانب غرفة التجارة اللبنانية لدرسها في وزارة المال العراقية وتوزيعها على القطاعات الفنية. والجانب العراقي ملتزم بها اذا كانت مطابقة للشروط الموقعة في حينها».