المدير التنفيذي لمصافي عدن: نفذنا مشاريع تطوير تتجاوز 200 مليون دولار

تكرر المصفاة حاليا تسعين ألف برميل من النفط الخام يوميا وطاقتها التصميمية 120 ألف برميل يوميا

TT

خمسون عاما منذ التأسيس وبدء التشغيل هو عمر أول مصفاة لتكرير النفط في اليمن، وأحد أوائل هذا النوع من أنواع الصناعات النفطية في المنطقة العربية والشرق الأوسط عموماً.

شركة مصافي عدن التي عُرفت سابقاً باسم شركة مصافي الزيت البريطانية عدن المحدودة BP، تكون بعد بضعة أشهر ـ العام المقبل 2004 ـ على موعد مع مناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسها وبدء تشغيلها، وهي المناسبة التي تعدّ لها منذ الآن للاحتفال بها.

هذه المصفاة التي تضافرت ظروف اقتصادية وسياسية في أوائل سنوات عقد الخمسينات من القرن العشرين الماضي، للتعجيل بإنشائها، حيث كانت عدن إحدى المستعمرات البريطانية، وكانت الحاجة الاقتصادية والموقع المتميز لعدن، الذي يربط أهم مستعمراتها أحد أبرز الدوافع لإنشاء مثل هذه المصافي علاوة على الظرف السياسي الناجم عن توجهات قيام حكومة مصدق في إيران التي قامت في أوائل سنوات ذلك العقد بتأميم الصناعة النفطية في بلادها، وهي العوامل التي تضافرت للتعجيل بإبراز الأفكار البريطانية إلى حيز الوجود والإسراع في إقامة مصفاة عدن.

وبقرب موعد الاحتفال في اليمن بهذه المناسبة وللاطلاع على تاريخ ومسار وأفكار المستقبل لهذه المصفاة، كان لـ «الشرق الأوسط»، حديث مع المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن، فتحي سالم، الذي تطرق إلى كل ذلك.

وبهذا الصدد يقول المدير التنفيذي للشركة، إن إدارة المصفاة وبمناسبة اليوبيل الذهبي (مرور خمسين عاما) للتأسيس والتشغيل، تقوم حالياً بإعداد تصور وبرنامج متكامل لمختلف الأنشطة والفعاليات التي ستتم بهذه المناسبة، والتي لن تقتصر على المصفاة ووزارة النفط فقط، بل ستكون شاملة وعلى مستوى اليمن كله.

* التأسيس والتشغيل

* وعن تأسيس وبدء تشغيل المصفاة، قال فتحي سالم: في عام 1952 قامت شركة البترول البريطانية BP، بالتعاقد مع شركتي بيكتيل Bechtel الأميركية وويبمي Wimpey البريطانية، على إنشاء مصفاة للنفط في مدينة عدن الصغرى (البريقة) بعدن، وبدأ العمل في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 1952، وأنجز في 21 شهرا.

وفي 15 يوليو (تموز) عام 1954، وصلت أول ناقلة نفط بريطانية تحمل النفط الخام واسمها «بريتش جراتيتيود» British Gratitude، قادمة من الكويت، وتم تكرير تلك الشحنة في 29 يوليو من العام نفسه، وكان ذلك إيذاناً ببدء تشغيل المصفاة.

وقد صممت المصفاة بطاقة إنتاجية تقدر بخمسة ملايين طن من الزيت الخام في السنة، وبلغت تكلفة البناء حوالي 45 مليون جنيه استرليني.

وبتغير الخارطة السياسية في العالم، أخذت شركة BP، تقلل من نشاطها في مجال التسويق تدريجياً تحت وطأة الظروف الجديدة التي تمثلت بتقلص الدور الذي كانت تلعبه شركات احتكار النفط الكبرى عموما.

وبحلول عام 1977، كانت المعطيات التي بنيت المصفاة اعتماداً عليها، قد تلاشت، وكان على الشركة البريطانية إما أن تطور المصفاة أو التخلي عنها، فآثرت أن تتخلى عنها.

وفي الأول من مايو (أيار) 1977، آلت ملكية الشركة إلى الدولة، وتكونت شركة مصافي عدن. وفي ذلك التاريخ، كانت لا توجد على الدولة أي مستحقات للشركة البريطانية، إلا ان المصفاة كانت غير مؤهلة للتعامل مع التطورات الحديثة في هذا المجال وكان متوقعاً لها الانتهاء مخلفة مشكلة اجتماعية كبيرة، حيث كان عدد العمال والموظفين فيها آنذاك 1751 عاملا وموظفا، محليا وأجنبيا، أو الاستمرار بأعباء مالية ثقيلة على الدولة، لكن التوقعات كانت خاطئة، فارتفعت فرص العمل بدل تقلصها.

* خطط التحديث والتطوير

* ويتطرق المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن فتحي سالم، في حديثه لـ «الشرق الأوسط»، إلى خطط وبرامج التحديث والتطوير التي نفذت منذ عام 1984، وبعد أن ظلت المصفاة منذ أن آلت ملكيتها للدولة في عام 1977، تواصل عملها وبنجاح بفضل جهود وتعاون إدارتها والعمال والموظفين والكوادر فيها وتحقق أرباحاً جيدة ولم تكلف موازنة الدولة حتى الآن ريالا يمنيا واحدا.

وفي هذا الصدد يقول: في عام 1984، بدأت الشركة بتنفيذ خطتها الأولى لتحديث المصفاة ببناء وحدات إنتاجية لترفع من جودة الإنتاج ولزيادة دخل الشركة ماليا، وقد تم تنفيذ هذا التحديث ببناء التالي: وحدة التقطير الفراغي بطاقة إنتاجية تبلغ 10500 برميل يومياً، ووحدة الاسفلت، وبناء مصنع البراميل لتعبئة الاسفلت، ووحدة لغاز الايثين، وبناء خزانات كروية الشكل للغاز المسال بسعة ثلاثة آلاف طن متري، وبلغت تكلفة المشروع 22 مليون دولار.

ولمواكبة التطورات الحاصلة على ناقلات الزيت من حيث الحجم والكمية، بدأت الشركة بتنفيذ خطتها الثانية في عام 1986، وهي تطوير ميناء الزيت التابع للمصفاة بتحديث المراسي الأربعة، وشمل المشروع حفر وتعميق الممرات المائية إلى تلك المراسي، حيث بلغت الأعماق في الغاطس في المرسى الأول 13.5 متر، وفي الثاني 11.5 متر، والثالث 11.5 متر، والرابع 15.85 متر.

كما اشتملت الخطة على تحديث المراسي الأربعة وادخال تكنولوجيا حديثة تمكنها من استقبال ناقلات زيت كبيرة تصل حمولتها الى 110 آلاف طن متري، اضافة الى بناء وتعميق مرسى خاص بشحن الاسفلت والبوتاغاز ولاستقبال سفن حمولة 22 ألف طن، وبلغت تكلفة ذلك 55 مليون دولار.

وفي عام 1992، نفذت خطة ثالثة، حيث شملت بناء 16 خزانا جديدا منها خزانان كبيران بسعة 100 الف طن من الزيت الخام، و14 خزانا بإجمالي سعة تخزينية 250 ألف طن متري، وبلغت تكلفة المشروع 55 مليون دولار.

وفي عام 1993، نفذت خطة اخرى هدفت إلى زيادة حجم أسطول الشركة للنقل البحري، حيث تم شراء ناقلة لمشتقات الزيت حمولة 13.8 الف طن متري، سميت «المسيلة» وبمبلغ سبعة ملايين دولار ضمت للناقلة «قنا» وهما تعملان حالياً لنقل المشتقات النفطية بين موانئ اليمن، كما تم في عام 1999 شراء ناقلة اخرى حمولة ستة آلاف طن متري وهي «باب عدن».

هذا بالاضافة الى تنفيذ مشروع بناء عدد من الخزانات المتوسطة ومشروع آخر لبناء 10 خزانات اضافية لغاز البوتان وبطاقة تخزينية تصل الى 1500 طن متري، ونفذ المشروعان عام 2000، علاوة على برامج الاستمرار في الصيانة المكثفة والإحلال للآلات والمعدات القديمة وهي البرامج التي نفذت طيلة السنوات الـ 25 الماضية.

وللعلم، فإن اجمالي قيمة المشاريع المنفذة خلال سنوات خطط التحديث والتطوير تتعدى مبلغ 200 مليون دولار، تم تمويلها من أرباح الشركة ومن دون الحاجة إلى دعم أو قروض من الدولة أو المؤسسات المالية المحلية والأجنبية.

ويمضي مدير الشركة بالقول:

ـ ولدينا مشروع كبير لتطوير وتحديث المصفاة يشتمل على رفع مستوى الاعتماد على الاجهزة الحديثة والمتطورة في التشغيل وتحسين مستوى السلامة والأمان وخفض كلفة استهلاك الوقود في وحدات المصفاة ومحطة الطاقة وتقليص كلفة التشغيل والصيانة وخفض نسبة الفاقد من المشتقات النفطية.

* طاقة المصفاة الحالية

* وحول الطاقة الانتاجية التصميمية والفعلية الحالية للمصفاة يقول فتحي سالم:

ـ ان طاقة المصفاة التصميمية الآن تبلغ 120 ألف برميل يوميا من النفط الخام الثقيل، في ما تكرر المصفاة حالياً ما يقارب 90 الف برميل يوميا. وهذا يظهر ان هناك طاقة انتاجية فائضة حاليا يمكن استغلالها وتقدر بـ 30 ألف برميل يوميا.

وفي ما يتعلق بالكوادر البشرية المدربة والمؤهلة، فإن المصفاة لديها كادر فني من الدرجة الأولى وعلى المستويين الوسطي والعالي، اضافة إلى ان لديها معهدا فنيا للتدريب، حيث هناك برامج لتدريب الكادر المتوسط ولمدة خمس سنوات، اما الكادرات العليا من خريجي الجامعات، فهناك برامج تدريبية لهم ولمدة ثلاث سنوات.

ويتمتع العاملون والموظفون في المصفاة وأسرهم بمزايا عديدة، منها الرعاية والعلاج الصحي، حيث يتبع المصفاة مستشفى مجهز بأحدث الأجهزة وبالكادر الطبي والتمريضي، اضافة الى ارسال الحالات المستعصية إلى الخارج على حسابها ومنها الخدمات الاجتماعية التي توفرها لهم.

كما تقدم المصفاة دعما ماديا وخدمات اجتماعية للإسهام في تطوير وخدمة المنطقة التي تقع في نطاقها الجغرافي «مديرية عدن الصغرى»، ولمحافظة عدن عموما، كالمساهمة في مشاريع المدارس والمرافق الصحية والطرق وغيرها من مجالات الخدمات الاجتماعية.