مدير إدارة الاستثمارات الخارجية في المغرب: حققنا تدفقات قياسية في 2003 ناهزت 3 مليارات دولار أميركي

TT

قال حسن البرنوصي مدير ادارة الاستثمارات الخارجية بالمغرب، ان المنتدى العالمي للاستثمار الذي يعقد يومي 11 و12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بمنتجع الصخيرات «جنوب الرباط» برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، يعتبر الأكبر من نوعه ينظم بالمغرب، وتتمحور أعماله حول شعار «الاستثمار والثقافة والحضارة، أي علاقة وأي تأثير».

وفي حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» بالرباط، كشف البرنوصي أن المغرب حقق هذا العام رقما قياسيا في قيمة الاستثمارات الأجنبية التي ناهزت قيمتها للمرة الأولى 3 مليارات دولار أميركي، وان قطاعات السياحة وصناعات التكنولوجيا الحديثة والخدمات هي الأكثر جاذبية. وتوقع البرنوصي تغييرات عميقة في النظام المصرفي والمالي المغربي، خلال السنوات الأربع المقبلة، باتجاه اندماج المصارف وتفعيل دورها في الاستثمار، مشيرا الى أن أداء المصارف المغربية حاليا لا يبعث على الرضا بسبب انكفائها على وظيفة الودائع وعدم تشجيعها للاستثمار. وتحدث البرنوصي عن أوضاع الاستثمارات العربية في المغرب، وقال ان المغرب يسعى لتشجيع الاستثمار ضمن استراتيجية عربية شاملة، داعيا للعمل والتنسيق عربيا لتحسين صورة البلاد العربية التي تضررت بسبب أحداث الإرهاب في العالم وخصوصا اثر حادث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 .

وفي رد على سؤال حول الربط بين الثقافة والاستثمار، وما هو المقصود من ذلك في الظرفية الراهنة بالنسبة لأوضاع الاستثمار بالمغرب قال: ـ أردنا أن نبين ان وراء الاستثمار تتخفى عدة أبعاد، وضمنها ما نعتبره الأهم وهو التقارب بين الشعوب والثقافات. ففي عالمنا اليوم نعيش حالة ذوبان الحواجز الاقتصادية، والأسماء التجارية العالمية المعروفة مثل «سوني» و«اريكسون» لم تعد الأولى يابانية ولا الثانية سويدية، لاسيما أن أكثر من 80 في المائة من انتاجها يتم في بلدان خارج البلد الأصلي لكل واحدة منها. إذن يمكننا القول أن وراء العمل الاستثماري الذي يفهم كونه عملية مالية لخلق الثروة وفرص العمل، توجد وتنتج أشياء أخرى، وهو ما نريد إبرازه من خلال الملتقى الذي ننظمه حاليا في المغرب. وعن حجم تأثير الصورة السلبية التي ترسم عن المنطقة بالنسبة للمستثمرين في العالم قال: ـ من أجل هذا نحاول تفعيل دور شبكة وكالات الاستثمار العربية، ونسعى لعقد اجتماع هنا في المغرب على هامش الملتقى، كي ندرس صورة البلدان العربية وخصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ونريد كعرب تقديم صورة موحدة ومنسجمة للعالم مفادها أن العالم العربي أيضا منطقة مستقطبة للاستثمار الأجنبي، وسنعمل على التوصل لتوقيع اتفاق للتعاون بين كافة وكالات الاستثمار العربية، واعتماد ميزانية مشتركة بهدف تشجيع الاستثمار في الدول العربية.

وعن القيمة المالية المطلوبة اجاب: ـ اعتقد ان اعتماد قيمة 5 ملايين دولار أميركي سيكون مبلغا معقولا لتحقيق هدف الترويج عالميا للاستثمار في العالم العربي. وسيكون التركيز على البلدان الغربية أي أوروبا وأميركا، التي تسود نظرتها الشكوك إزاء أوضاع البلدان العربية.

اما بالنسبة لحصيلة الاستثمارات الأجنبية في المغرب فقال: نعتبر سنة 2003 قياسية، وقد ناهزت قيمة الاستثمارات خلالها 3 مليارات دولار أميركي. لقد أضرت أحداث 16 مايو المأساوية بالمغرب بشكل عام، ولم يكن تأثيرها فقط على أوساط المال والأعمال المغربية بل العالمية أيضا بما أن عمليات الإرهاب تستهدف كل البلدان المنفتحة والمتقدمة. لكن لم يكن لها تأثير مباشر على الاستثمار في المغرب.

اما عن مصدر أهم الاستثمارات التي تحققت هذا العام في المغرب، وقيمة الاستثمارات العربية ضمنها فقال: هذه اشكالية تتعلق بطريقة احتساب الاستثمارات، ويتعين توضيحها، فعندما نظمنا المنتدى الأول للاستثمار العربي، بلغتنا ملاحظات من مستثمرين عرب في المغرب قالوا لنا بأننا استثمرنا رصيدا مهما ولكنه لا يظهر في الإحصاءات. ويمكنني القول بأن هنالك طابعا جديدا للاستثمارات العربية التي تأتي للمغرب، كما يحدث في بلدان أخرى، فالأموال التي يستثمرونها لا يتم تحويلها من بلدان عربية، بل تأتي ضمن حركة رؤوس أموال مصدرها بلدان أوروبية أو أميركية. ومن هذا المنطلق نعتبر أن مصدرها هو البلد الذي جاءت منه. على سبيل المثال، شركة «كورال» السعودية التي تتمركز في السويد واستثمرت في قطاع الطاقة، وتحمل صفة استثمارات سويدية رغم مصدرها السعودي كمبادرة.

وهنالك ثلاث قطاعات رائدة اليوم أولها القطاع السياحي بفضل مخططات الحكومة ومشاريع طموحة من أبرزها مخطط «آزور». وقطاع الصناعة وخصوصا الصناعات الإلكترونية والنقل الجوي، التي تزداد جاذبيتها بالنسبة للمستثمرين. وثالثا قطاع الخدمات الذي يعتمد على مراكز الاستقبال والإعلاميات في المناطق الحرة «الأوف شور»، وكل ما يرتبط بميدان الاتصالات عبر مسافات.

اما عن مصير مشروع تحديث مصفاة «لاسامير» الذي رصدت له شركة «كورال» السعودية قيمة 750 مليون دولار قال: هذا مشروع مشروط، أي ان شركة «كورال» مستعدة لاستثمار 700 مليون دولار أميركي ضمن خطة لتحديث مؤسسة «لاسامير» وان تستمر هذه المؤسسة في احتكار وارداتنا من الطاقة. وهذا أمر تجري مناقشته ودراسته حاليا في المغرب، لاسيما أن هنالك عددا من الفاعلين في ميدان توزيع الطاقة. من جانبنا، علينا دراسة الفرص المناسبة، سواء من خلال فتح الاستيراد، أو تدعيم إمكانيات مصفاة «لاسامير» في الإنتاج، بما يمكن شركة «كورال» من تحقيق مشروعها الاستثماري.