بنك الرياض يتوقع صعود سوق الأسهم السعودية 12 % العام الحالي

خبير اقتصادي: خفض إعانة القمح يهدف إلى تحرير قطاع الزراعة وخصخصة صوامع الغلال والبنك الزراعي

TT

رجح بنك الرياض أن لا يتكرر صعود سوق الأسهم السعودية بحدة كما حدث في العام الماضي 2003 على المدى القريب، مع تشديده على أن بعض المحلليين يتوقعون أن تسجل السوق مكاسب في العام الحالي 2004، بمعدل يتراوح ما بين 8% إلى 12%. لكن بنك الرياض توقع أن تواصل السوق السعودية اتجاهها نحو الصعود في عام 2004 بشكل طبيعي وفقاً للعوامل الأساسية للشركات وما تحققه من نمو في الربحية.

وربط بنك الرياض ذلك بمدى استقرار أسعار النفط، وما تتمخض عنه تطبيقات نظام السوق المالية السعودية، وما يتخذ من قرارات تجاه فتح السوق أمام الاستثمارات الأجنبية، وإلاصلاحات الاقتصادية وعمليات الخصخصة. وحدد بنك الرياض أبرز المخاطر التي قد تواجه السوق، بغلاء السوق على ضوء مؤشرات التقييم الحالية، واحتمال انخفاض أسعار البترول في الربع الثاني، واحتمال ارتفاع معدل الخدمة على الريال تدريجياً في النصف الثاني، مع تشديد بنك الرياض على أن ذلك ليس توصية استثمار. إلى ذلك استعرض بنك الرياض مكاسب سوق الأسهم السعودية العام الماضي، مشيرا إلى أنها بلغت 76.2% العام الماضي، والتي تعتبر الأعلى منذ عام 1991. وقد تحققت تلك المكاسب بدعم من ارتفاع ثقة المستثمرين، وتحسن المناخ الاستثماري، ونمو الاقتصاد المحلي بقوة نتيجة ارتفاع أسعار وإنتاج البترول، وتحقيق الشركات صافي أرباح عالية، بالإضافة إلى العديد من العوامل الإيجابية الأخرى، مثل تدني معدل الخدمة على الريال، وإدراج شركة الاتصالات السعودية وجرير للتسويق، وإعادة هيكلة القطاع الزراعي، وتحسن السيولة، وعودة جزء من رؤوس الأموال المهاجرة، ومواصلة الاصلاحات الاقتصادية، وتوزيع بعض الشركات لأسهم مجانية، ومنح البنوك تسهيلات إئتمانية ميسرة للمستثمرين، والإقبال المتزايد من الخليجيين على الأسهم السعودية وغير ذلك. وتشير البيانات التاريخية الى أن المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية منذ بدء تأسيسه في عام 1985 وحتى نهاية عام 2003 (19 سنة)، سجل مكاسب ثلاث عشرة مرة، في حين سجل خسائر ست مرات. وكان أعلى أداء له في عام 1991 بعد تحرير الكويت، حينما ارتفع بنسبة 80.2 في المائة. ولوحظ أن السوق واصل الارتفاع في العام التالي 1992 وحقق مكاسب بنسبة 7 في المائة، غير أنه انخفض في العامين التاليين 1993 و1994 بنسبة ـ5.1 في المائة وـ 28.5 في المائة على التوالي. ومن ثم واصل الارتفاع منذ عام 1995 حتى عام 2003، باستثناء عام 1998. وحينما حقق السوق ارتفاعا بنسبة 76.2% في عام 2003، كان ذلك ثاني أعلى ارتفاع له منذ تأسيس المؤشر العام. وتشير التحليلات الى أن المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية خلال التسعة عشر عاماً الماضية، حقق مكاسب بمعدل 8.2 في المائة سنوياً (على ضوء المتوسط الهندسي) في ظل معدل مخاطرة 16 في المائة سنوياً. وكان أداء قطاع البنوك الأعلى، حيث حقق مكاسب بمعدل 12.9 في المائة سنوياً في ظل معدل مخاطرة 21 في المائة سنوياً. وحقق قطاع الصناعة مكاسب بمعدل 10.3 في المائة سنوياً في ظل معدل مخاطرة 21 في المائة سنوياً، وحقق قطاع الاسمنت مكاسب بمعدل 7.7 في المائة سنوياً في ظل معدل مخاطرة 19 في المائة سنوياً. في حين كان أداء قطاع الخدمات والزراعة محدوداً.

إلى ذلك، أشار بنك الرياض أن حجم التداول في عام 2003 ارتفع بشكل فاق التوقعات، حيث بلغت قيمة الأسهم المتداولة نحو 597 مليار ريال، بارتفاع 346 في المائة عن 2002. وارتفع عدد الأسهم المتداولة 221 في المائة لتصل الى نحو 5.6 مليار سهم، وكذلك ارتفع عدد الصفقات المنفذة بنسبة 264 في المائة لتصل إلى نحو 3.8 مليون صفقة. إلى ذلك أوضح الدكتور عبد الوهاب بن سعيد أبو داهش رئيس بحوث الاستثمار في بنك الرياض في معرض تعليقه على قرار مجلس الوزراء الصادر نهاية العام الماضي والذي سمح للشركات الزراعية المساهمة بزراعة القمح، إلى أن القطاع الزراعي ساهم في التسعينات بما بين 5.6 في المائة و6.0 في المائة إلى إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للسعودية. وكان نموه ضعيفاً خلال تلك الفترة، إذ بلغ متوسط نموه الحقيقي حوالي 2 في المائة . ووصل إنتاج القمح الى 2.1 مليون طن في سنة 2001. ووصلت السعودية إلى حد الاكتفاء الذاتي عام 1985 حيث كانت تنتج حوالي 2.1 مليون طن، ولكنها حققت أعلى نمو في إنتاج القمح سنة 1992 عندما بلغ الإنتاج 4.1 مليون طن. وكانت الحكومة السعودية تقدم إعانات كبيرة لزراعة القمح في بداية الثمانينات، حيث كانت تصل إلى 3.5 ريال(0.93 دولار) لكل كيلوغرام. ثم بدأت في تخفيض إعانات القمح تدريجياً إلى ريالين (0.53 دولار) للكيلو، ثم 1.5 ريال (0.40). وفي 30 ديسمبر 2003 قررت الحكومة خفض إعانة القمح إلى ريال واحد (0.26 دولار) ليصل تقريباً إلى مستويات الأسعار العالمية.

وأشار إلى توقعه أن تتبنى الحكومة سياسة تحرير القطاع الزراعي. فبالإضافة إلى خفض إعانة الإنتاج التي اتخذت مؤخراً، هناك نية لدى الحكومة بخفض إعانات بعض الآلات والمعدات الزراعية من مستواها الحالي المحدد بـ 50 في المائة من أسعار تلك السلع إلى 25 في المائة. وبذلك تحقق الحكومة هدفين: الأول، هو خفض النفقات الحكومية نتيجة خفض فاتورة الإعانات، والثاني مواءمة السياسة الزراعية للمملكة مع متطلبات منظمة التجارة العالمية. ويمكن تقييم تأثير خفض الإعانات الزراعية على الاقتصاد بالنظر إلى تأثيرها في الموازنة العامة وتأثيرها في القطاع الزراعي. فالحكومة ستخفض إعانات القمح بحوالي 33 في المائة. ومع توقع أبو داهش زيادة إنتاج القمح بنسبة ضئيلة لأن السماح للشركات الزراعية، بدلاً من الأفراد، سيمكنها من استخدام التقنيات والموارد المائية بفاعلية أكبر. وسيتزامن مع ذلك خروج المنتجين الأقل فاعلية من السوق، مما قد لا يساعد كثيراً في زيادة إنتاج القمح. ولذلك توقع ابو داهش أن يظل إنتاج القمح في المستويات الحالية بين 2 ـ 2.3 مليون طن في السنة. ومن المرجح أن توفر الحكومة 33 في المائة، وربما أكثر في حال خفض إعانات الآلات الزراعية خلال العام القادم.

وشدد أبو داهش على أنه ليس من الواضح كيف سيكون تأثير تلك السياسات على الشركات الزراعية. فمن المؤمل أن تستفيد الشركات الزراعية من عودتها إلى إنتاج القمح، لكنها ستنال إعانات أقل وحصص إنتاجية صغيرة (15 في المائة ـ 30 في المائة من إجمالي إنتاج القمح). وربما لا يؤدي ذلك إلى تحسين ربحيتها كثيراً، خصوصاً أن الشركات الزراعية قد تعمل على شراء آلات ومعدات زراعية جديدة، مما يزيد من النفقات الرأسمالية. إلى ذلك شدد الدكتور أبو داهش أنه يعبر عن وجه نظره الشخصية لا وجهة نظر البنك. واشار أبو داهش إلى تحرك الحكومة الأخير بخفض الإعانات الزراعية كخطوة لتحرير القطاع الزراعي، وربما تخصيص البنك الزراعي، والمؤسسة العامة لصوامع الغلال وطحن الدقيق، لتتماشى مع متطلبات منظمة التجارة العالمية. وباتباع ذلك فإن القطاع الزراعي يصبح أكثر تنافسية وفاعلية في استخدام الموارد، وخصوصاً الطبيعية.