تحديات نمو واستمرارية الشركات العائلية بدول مجلس التعاون الخليجي

أبوعيسى: الشركات العائلية محرك أساسي لنمو القطاع غير النفطي في المنطقة

TT

طرح عيسى عبدالسلام أبوعيسى رئيس مجلس إدارة مجموعة السلام العالمية للاستثمار ورئيسها التنفيذي الأسبوع الماضي وفي ملتقى الشركات العائلية في قطر ورقة عمل تتضمن تجربة شركته العائلية، وأوضح أبوعيسى أن الشركات العائلية الخليجية تلعب دوراً هاماً ومتميزاًَ وأساسياً في النهضة الحديثة لدول مجلس التعاون الخليجي، وأنها ساهمت في تحقيق التوجهات الاقتصادية الهادفة لتطوير القطاعات الاقتصادية غير التقليدية في الاقتصاد الوطني. حيث تعتبر الشركات العائلية المحرك الأساسي لنمو القطاع غير التقليدي (غير النفطي). ويبرز دورها في تنويع مصادر الدخل الوطني وخاصة في قطاعات الصناعات غير النفطية والتجارة والبناء والتشييد والخدمات بمختلف أنواعها . فقد كانت تلك الشركات ومازالت شريكاً أساسياً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتلعب دوراً هاماً في تحقيق المؤشرات العامة للخطط الإنمائية في دول مجلس التعاون الخليجي.

وعلى الرغم من دورها الهام تواجه هذه الشركات العديد من التحديات التي تهدد وجودها واستمرارها. وتفرض عليها بالتالي العمل على تطوير وتوفيق أوضاعها لتعزيز قدرتها على الاستمرار والنمو والمنافسة سواء محلياً أو إقليمياً ودولياً.

فقد أدت التوجهات والتطورات الاقتصادية العالمية والإقليمية المنبثقة عن نظام العولمة إلى بروز متطلبات جديدة لضمان الاستمرارية والنمو لجميع الوحدات الاقتصادية في جميع الأسواق المحلية، حيث يتطلب ذلك توحيد الجهود والخروج من المحلية إلى الإقليمية والعالمية من جهة، والاستعداد لمواجهة المنافسة المحتملة من جهة أخرى.

وفي سبيل ذلك لابد من رفع الكفاءة في الإنتاج وتخفيض التكلفة وتحسين النوعية استعداداً لمواجهة المنافسة المحتملة.

لذا أصبح من الضروري الانتقال لمرحلة جديدة من النمو والتغيير الهيكلي والمؤسسي بهدف زيادة القدرة التنافسية كحد أدنى في الأسواق المحلية المحررة في إطار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ونظام العولمة الذي أصبح يضم معظم دول العالم ومن بينها دولة قطر.

إضافة إلى تلك التحديات تواجه الشركات العائلية الخليجية كغيرها من الشركات العائلية عوامل ضعف ذاتية . ويرجع ذلك في أغلب الأحوال إلى عدم الفصل بين الإدارة والملكية وغياب الرؤية والتفكير الاستراتيجي الموحد. وتطرق أبوعيسى لفرص وتحديات نمو واستمرارية الشركات العائلية في دول مجلس التعاون الخليجي، واستعرض هذا الموضوع من خلال تجربة مجموعة «السلام» في التحول والتغيير والتي كانت أول تجربة من نوعها في دولة قطر. وحصر أبوعيسى التحديات والمشاكل الذاتية التي من المحتمل أن تواجهها الشركات العائلية في: غياب الرؤية والتفكير الاستراتيجي الموحد ، لمواجهة التحديات والمصاعب التي تعترض مسيرة الشركة. وزيادة عدد المالكين بفعل النمو الطبيعي والوراثة وتباين الاهتمامات والتوجهات لأفراد العائلة. وبالتالي صعوبة اتخاذ القرارات المناسبة، والميل إلى التصارع على قيادة وإدارة الشركة وعدم الفصل بين الإدارة والملكية وظهور السلطة الأبوية للابن الأكبر والتفرد في اتخاذ القرار وعدم تحكم الفرد في أمواله وحصته في الميراث بعد وفاة المؤسس. وعدم الفصل بين مصير العائلة ومصير الفرد. والتعامل مع الشركاء (الورثة من أفراد العائلة) كأبناء وإخوة وتداخل الذمم المالية للشركة ولبعض أفراد العائلة، وعدم الفصل بين الاحتياجات المادية للشركة والاحتياجات المادية لأفراد العائلة (الشركاء). ووجود هامش سماح واسع للخطأ في الإدارة. وانعكاس نوعية العلاقات العائلية على أداء الشركة. وضعف فرص الاستثمار والنمو. ومحدودية مصادر التمويل، وتدني قدرة الشركة على اغتنام الفرص. وقال ابوعيسى انه بعد دراسات متعمقة توصلوا إلى الثقة التامة بصواب وبنجاعة اندماج شركاتهم في السلام العالمية للاستثمار، حيث تلاقت مصالح الطرفين بالاندماج لما فيه مصلحة ومنفعة جميع الأطراف. وتم اندماج 15 شركة تابعة لمجموعة السلام القابضة تتوزع ما بين قطر والإمارات في السلام العالمية للاستثمار الشركة المساهمة العامة القطرية والمدرجة للتداول في سوق الدوحة للأوراق المالية. بذلك شكل هذا الاندماج أول حالة تحول من شركة عائلية إلى شركة مساهمة عامة مدرجة للتداول بتاريخ دولة قطر. وكان أكبر صفقة اندماج في المنطقة من حيث عدد الشركات المندمجة البالغة 15 شركة مندمجة وشركة دامجة، وقد شمل الاندماج شركات السلام القابضة.

وأشار إلى أن من أهداف الاندماج رفع كفاءة الإدارة واستخدام الموارد وتحقيق وفورات في الحجم وتأهيل الشركة لاعتماد استراتيجيات النمو والتحديث واعتماد أساليب الإدارة العلمية والعصرية، وتمكين الشركة من استخدام التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها في المجالات الإدارية والخدمية والإنتاجية بكفاءة عالية مما سينعكس على تدني تكاليف الإنتاج وزيادة القدرة على المنافسة. وذلك لتأهيل الشركة من المنافسة، من جهة ولضمان النمو والاستمرارية من جهة أخرى.

وقد تم تشكيل مجلس الإدارة بحيث يضم خمسة أعضاء من خيرة رجال الأعمال متعددي الاختصاصات من دولة قطر ومن خارجها . كما تم إضافة عضوين من المديرين الرئيسيين الذين أمضوا سنوات عديدة من العمل في الشركة. وعلى الرغم مما يتضمنه تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة من منافع، تتمثل بالدرجة الأولى في إرساء أسس نمو واستمرارية تلك الشركات بغض النظر عن تباين اهتمامات وتوجهات الأجيال القادمة من جهة، والإنفتاح على الأسواق المالية وسوق السندات ومصادر التمويل العامة لتمويل الاحتياجات الاستثمارية للتطوير من جهة أخرى، لا تخلو تلك الخطوة من سلبيات لابد من تحديدها مسبقاً وأخذها بعين الاعتبار قبل اتخاذ الخطوة الأولى باتجاه التحول.

وكان مرسوم تأسيس الشركة مطلع عام 1998 قد تضمن السماح لغير القطريين بالمساهمة في السلام العالمية للاستثمار.

ودعا ابوعيسى على كل دولة خليجية، ترغب في تشجيع تحول الشركات العائلية، الى اعتماد برامج دعم ومساندة فورية ومتوسطة وطويلة الأجل. وذلك أسوة ببقية دول العالم التي تعد وتنفذ برامج وتمول صناديق لدعم وتأهيل القطاع الخاص ومؤسساته لمواكبة التطورات والمتغيرات ولتعزيز القدرة التنافسية، ويمكن أن يكون هذا الدعم في شكل صندوق تنمية الشركات العائلية.