رجال أعمال سعوديون وسودانيون يطالبون السودان بفسخ اتفاق مع الأمير الوليد يحتكر فيه تصدير اللحوم والمواشي

المصدرون: خسائرنا جراء الاتفاقية تجاوزت 58 مليون دولار * المستوردون: الاتفاقية سببت خروج أكثر من 100 مصدر ومستثمر

TT

قوبلت الاتفاقية الحصرية التي أبرمها المستثمر السعودي الأمير الوليد بن طلال مع الحكومة السودانية لتصدير اللحوم والمواشي السودانية، بعد الغاء الاتفاقية السابقة والمبرمة عام 2002 برفض شديد من قبل المستوردين السعوديين والمصدرين السودانيين، مطالبين الحكومة السودانية بفسخ ذلك الاتفاق وتهديدهم بعدم التعامل معها في حال الضغوط التي تمارسها وزارة التجارة الخارجية السودانية ضد المصدرين والمستثمرين السودانيين.

وذكر 9 مستوردين للحوم من السودان في خطاب بعثوا به لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاقية الحصرية وهي المحتكر الوحيد للتصدير من السودان خفضت الأسعار قسرياً في الشراء الى 2500 دولار للطن بدلاً من 3 آلاف للطن، ورفعت أسعار البيع الى 3100 دولار للطن الواحد في السعودية اي بمكسب يصل إلى 600 دولار للطن، الأمر الذي سبب خروج أكثر من 100 مصدر ومنتج ومستثمر في السوق من السودان كونه أصبح مجالاً طارداً لعدم انسياب وورود المواشي للأسواق، مشيرين الى أنه لم يستمر مع الحصرية من المصدرين سوى 3 شركات كانت تعمل ضمن نطاق الاتفاقية.

المستوردون السعوديون تذمروا من الشروط التي فرضتها الشركة العربية للمواشي المحتكرة التي يمتلكها الأمير الوليد بن طلال ووصفوها بالقاسية، حيث عليهم دفع مبالغ تأمينية تصل إلى 60 ألف دولار من كل مستورد وهو مبلغ يجمد ويدفع قيمته ما يرد نقداً مع الالتزام بشروط، منها عدم تحكم المستورد في الكميات أو نوعيتها أو جودتها.

وأوضح المستوردون السعوديون أن الاتفاقية الحصرية فيها احتكار وتفرض شروطاً صعبة وتأمينات اجبارية مجحفة مع غياب أي دعم للانتاج أو الصادرات أو المساهمة الفعلية في التسويق.

من جهة أخرى، تقدم 12 مستورداً للحوم من السعودية الى وزير المالية ورئيس المجلس القومي لتنمية الصادرات السوداني مطالبين بالغاء الاتفاقية الحصرية، مشيرين الى أن الاتفاقية سببت خروج الكثير من المستوردين والمصدرين من السوق، وذكروا في عرض خطابهم الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن الكثير من تجار اللحوم لجأوا الى ايجاد بدائل عن اللحوم السودانية، مثل اللحوم الأثيوبية التي أصبحت تنافس اللحوم السودانية في السوق السعودي مطالبين بضرورة ايجاد حل سريع لتلك المشكلة.

الدكتور خالد المقبول رئيس شعبة مصدري اللحوم وأمين عام مجلس تنظيم الصادرات أكد لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي، أن الاتفاقية الحصرية الجديدة والمبرمة في يوليو (تموز) العام الماضي بدلاً من الاتفاقية الملغاة لعام 2002 خفضت التبادل التجاري بين السعودية والسودان في مجال اللحوم نحو 42 في المائة، مشيراً الى أن خسائر المصدرين السودانيين جراء هذه الاتفاقية تجاوزت 58 مليون دولار.

وبين المقبول أنهم تقدموا الى الرئيس السوداني ووزير التجارة الخارجية مطالبين بالغاء تلك الاتفاقية الحصرية كونها تعارض كافة النظم التشريعة للتجارة التي تلزم المصدرين السودانيين مكرهين بالبيع للشركة العربية للمواشي كون الاتفاقية سمحت للشركة بتصدير اللحوم إلى أغلب الدول العربية، الأمر الذي أضطر المصدرين السودانيين الى خفض كميات التصدير وبيعها وفق أسعار حددتها الشركة العربية صاحبة الامتياز.

واضاف المقبول ان المصدرين السودانيين مجبرون حالياً على التعاون مع الشركة، الأمر الذي قد ينتج عنه خفض في تكاليف التشغيل لدى مسالخ اللحوم في السودان وتوقف بعضها لتحديد أسعار البيع مسبقاً من دون وجود عرض وطلب والتي تؤدي بدروها الى التوازن السعري للسوق.

واتصلت «الشرق الأوسط» بمكتب الأمير الوليد بن طلال الا أنها لم تتلق اي رد حيال الموضوع، لتحاول الاتصال بطارق بن عبد الله الهداب نائب رئيس مجلس الادارة للشركة العربية للمواشي واللحوم الا أنه تعذر الوصول اليه أيضاً.

وكان الأمير الوليد أكد في بيان صدر من مكتبه في الرياض في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن الاتفاقية التي تعطي الشركة العربية لتجارة المواشي الوكالة الحصرية لاستيراد وتوزيع المواشي السودانية في دول مجلس التعاون، تترك الباب مفتوحا امام كل التجار الراغبين في التعامل معها من خلال موزعيها، مشيراً الى أن الشركة العربية «لم تدخل الاسواق المحلية مباشرة وبالتالي لم تتعامل مع المستهلكين».

وجاء في البيان أن الجانب السوداني رأى عند توقيع الاتفاقية، التي حظيت بتأييد الرئيس السوداني عمر البشير، ان الخيار الافضل للمصلحة السودانية يتطلب «حصر التصدير عبر اتفاقية تضمن تدفق النقد الاجنبي.. وتنظيم الصادر بطريقة تجارية بحتة لتلك الدول».

وأشار البيان إلى أن توقيع الاتفاقية في سبتمبر (ايلول) 2002 تم بعد الاتفاق مع الجانب السوداني على المساهمة في تطوير وتحديث البنية التحتية للثروة الحيوانية عن طريق تطوير المحاجر للتأكد من خلو المواشي المصدرة من أي أمراض، وتطوير وتحسين وسائل نقل المواشي عبر سكة الحديد أو الطرق البرية من أماكن الانتاج الى موانئ التصدير، وانشاء وتطوير المسالخ حتى تستطيع تأمين كميات اللحوم المطلوبة للأسواق العربية، وتحسين السلالات وتنظيم الانتاج بالطرق الحديثة وفق معايير دولية.

وأفاد البيان بأن الشركة العربية بادرت بالاتصال بالتجار السعوديين العاملين في مجال تجارة الأغنام واللحوم واشعارهم بتوقيع اتفاقية الوكالة الحصرية. وطلبت من الراغبين في التعامل معها مراجعتها بغرض فتح الاعتمادات لكميات الأغنام التي يرغبون في استيرادها وقامت الشركة بدورها بتوقيع عقود معهم. وذكر البيان ان الاتفاقية تصب بصفة رئيسية في مصلحة المواطن السعودي الذي خففت عن كاهله كثيراً بسبب انخفاض سعر بيعها لطن اللحوم السودانية المبردة الذي كان بحدود 2900 دولار (10875 ريالا)، ولكنه فور توقف الشركة العربية عن الاستيراد منذ تعليق العمل بالاتفاقية بنهاية يناير (كانون الثاني) 2003 بمناسبة الحج وعيد الاضحى ارتفع سعر الطن بنسبة 21% ليصبح حالياً في حدود 3500 دولار (13125 ريالا)، يشار الى ان السلطات السعودية شكلت قبل شهر تقريباً لجنة وزارية لدراسة التظلم الذي تقدم به عدد من المستوردين السعوديين ضد الأمير الوليد بن طلال أمام وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز وأمير منطقة مكة المكرمة الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز من الاحتكار الحصري الذي أبرمه الأمير الوليد مع الحكومة السودانية لتكون بذلك شركة الخليجية للمواشي التابعة للأمير الوليد الوكيل الحصري للمواشي واللحوم السودانية في الدول العربية.

وكونت اللجنة من وزارة الخارجية والمالية والتجارة والزراعة لدراسة موضوع الشكوى بشكل مفصل والاطلاع على الاتفاقية التي أبرمها الأمير الوليد مع الحكومة السودانية وتقييم حجم الضرر الذي تكبده المستوردون السعوديون، والدور الذي يمكن أن تقوم به الحكومة السعودية.

وتؤكد الاتفاقية الحصرية بين الحكومة السودانية والشركة العربية للمواشي التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها على الغاء الاتفاقية الموقعة في سبتمبر عام 2002 وابدالها بالاتفاقية الحديثة والمبرمة بتاريخ 9 يوليو (تموز) لعام 2003 التي تنص على أن تكون الشركة العربية صاحبة امتياز استيراد المواشي السودانية للأقطار العربية محل تلك الاتفاقية اضافة الى ما يلحق بها، على أن يشرف المجلس القومي لتنمية الصادرات «مجلس تنظيم صادرات الماشية واللحوم» على تنظيم وتحديد الكميات الصادرة ووضع الأسعار التأشيرية بالاتفاق مع الطرفين. ونصت الاتفاقية على عدم استيراد الشركة العربية لأي من اللحوم المذبوحة من أي بلد للبلدان صاحبة الامتياز الا بموافقة الحكومة السودانية، كما اشترطت الحكومة السودانية ضمن الاتفاقية فتح أسواق جديدة للحوم المواشي السودانية وتحريك صادرات الأبقار، على أن تكون مدة الاتفاقية 5 سنوات وتجدد برضاء الطرفين عند نهاية المدة المتفق عليها.

وجاء في الاتفاقية أن تصدر الشركة العربية للمواشي واللحوم لمصر وليبيا جميع أنواع اللحوم والمواشي بداية أغسطس (آب) العام الماضي 2003، فيما تصدر للسعودية وقطر والامارات كافة الأنواع ما عدا الخراف الحية للسعودية التي تبدأ بتاريخ 15 أكتوبر (تشرين الأول) لعام 2003، فيما يتم التصدير للبنان والكويت بداية شهر أبريل (نيسان) للعام الجاري 2004 ويبدأ تصدير لحوم الأبقار للسعودية ولليمن وسورية ودول المغرب العربي بداية سبتمبر المقبل، على أن يتم الاتفاق على موعد لتصدير الخراف الحية للسعودية لاحقاً. فيما التزمت الحكومة السودانية للأمير الوليد بن طلال بأن تكون شركته هي صاحبة الامتياز لتصدير المواشي السودانية واللحوم لكافة الدول العربية.