مصر: الخبراء يؤكدون ضرورة إصدار القوانين المنظمة للثروة العقارية ويطالبون بتشديد الرقابة على الصيانة

انهيارات بعض البنايات تكشف ضعف الأجهزة التنفيذية في التأكد من صلاحية البناء وسلامته

TT

أدى انهيار عمارة مدينة نصر شرق العاصمة المصرية إلى فتح ملفات موضوع الاسكان والقوانين المنظمة له ومنها قانون البناء الموحد وحماية الثروة العقارية وصيانة الوحدات بالاضافة الى اتحاد الشاغلين والذي ينظم علاقة المالك والمستأجر والتي تنعكس بصورة كبيرة على سلامة المباني.

ورغم الانتهاء من مناقشة هذه القوانين في مختلف الدوائر المتخصصة سواء حكومية ومنظمات الأعمال والأحزاب إلا أنها لم تصدر حتى الآن، وهو ما انتقده المراقبون محملين الحكومة مسؤولية ذلك وانعكاسه على مجتمع البناء ومطالبين بسرعة اصدار القوانين لاعادة الاستقرار والحفاظ على سلامة المباني وأمن المواطنين منتقدين عدم قدرة الأجهزة التنفيذية على تنفيذ القرارات التي تحمي المواطنين سواء قرار الازالة أو التنكيس وترميم وصيانة المباني.

وكانت البيانات الحكومية قد كشفت عن صدور 110 آلاف و875 قرار هدم لم ينفذ منها سوى 69 ألفا بواقع 63% كما صدر 98 ألفاً و390 قرار ترميم ولم يتم التنفيذ إلا على 39 ألفاً و97 قرارا منها بنسبة 40%، وهو أمر وصفه المراقبون بأنه خرق للقوانين تتحمل مسؤوليته الجهات التنفيذية لهذه القرارات وأصحاب المصالح الخاصة والمستفيدون من عدم التنفيذ على حساب مصلحة الأفراد وسلامة المباني واهدار الأموال في البناء والازالة.

ويؤكد محمد أبو العنين رئيس لجنة الاسكان بالبرلمان المصري ضرورة تكاتف جميع الجهات المعنية بسلامة المباني، مشيراً إلى أهمية الاسراع في البت في قضايا البناء والتظلمات التي تقدم ضد قرارات الازالة والتي تعرقل التنفيذ، موضحاً أن التقاضي حق شرعي ولكن الالتفاف على القرارات التنفيذية واطالة فترة التقاضي يؤثران على سرعة التنفيذ على المباني.

وأشار أبو العنين إلى أن لجنة الاسكان نجحت خلال الفترة الماضية في العمل على الغاء القرار الذي كان يستخدم والخاص بتعهد أصحاب الوحدات بالاستمرار في العقار المخالف على مسؤوليتهم نظراً لتعارض ذلك مع أمن المواطنين في حالة وجود خطر داهم داخل العقار.

وتوقع اصدار قانون الحفاظ على الثروة العقارية وحماية الممتلكات خلال الدورة الحالية لمجلس الشعب، مؤكداً ضرورة تفعيل دور الجهاز الفني لأعمال البناء والتفتيش على العقارات.

أما المهندس صلاح حجاب رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصرية فيرى أن تنفيذ قانون اتحاد الشاغلين بما فيه من مواد خاصة بالصيانة يعد جزءاً مهماً ووقائياً للحفاظ على سلامة العقارات، موضحاً أن قانون البناء الموحد ألغى موضع التصالح مع المخالفين بعد أن تبين امكانية استخدامها ضد مصالح المواطنين وسلامة المنشآت رغم أن فكرتها الأساسية كانت عكس ذلك. وأشار حجاب إلى أن القانون قام بتغليظ العقوبات على المخالفين ويسمح بانشاء اتحادات ملاك طبقاً لكل منطقة تتكون من اتحادات ملاك العقارات وتشارك في منع أي مخالفات تحدث لاشتراطات البناء أو تغيير أوجه استخدام العقارات وتحويلها من عقار سكني إلى تجاري أو اداري أو تداخل الاستخدام من دون تأهيل العقار طبقاً لسلامة الأمن الوقائي والصناعي.

وطالب بسرعة اصدار القوانين المنظمة بحركة الاسكان في مصر وأن يتضمن القانون الجديد بوليصة تأمين تعطي حقا لمالك الوحدة الذي تضرر من هدم العقار نتيجة المخالفة بعد المعاينة المنافية للجهالة مما يضمن حقوق الأفراد وحمايتهم من التشرد وتغطي خطر التدليس.

ويرى المهندس اسماعيل عثمان رئيس مجلس ادارة المقاولين العرب سابقاً وعضو الاتحاد العام للتشييد أن تكرار انهيار العقارات يدل على استخدام سياسة رد الفعل وليس المبادرة برصد حجم العقارات المخالفة وتصحيح الخلل قبل وقوع الكارثة، مشيراً إلى انتشار البناء العشوائي بصورة تعني تحدي وتجاهل القوانين وقرارات الدولة ويعكس ضعف الأجهزة .

ويرى المهندس اسماعيل عثمان رئيس مجلس ادارة المقاولين العرب سابقاً وعضو الاتحاد العام للتشييد أن تكرار انهيار العقارات يدل على استخدام سياسة رد الفعل وليس المبادرة برصد حجم العقارات المخالفة وتصحيح الخلل قبل وقوع الكارثة، مشيراً إلى انتشار البناء العشوائي بصورة تعني تحدي وتجاهل القوانين وقرارات الدولة ويعكس ضعف الأجهزة الرقابية والتنفيذية، ويدل على غياب العقود المتوازنة في البناء التي تستلزم تغيير العقد في حالة ارتفاع الأسعار بدلاً من التقليل في مواد البناء والذي يؤثر على سلامة المباني، مؤكداً أن ما حدث مؤخراً يكشف عن ضعف مستويات الدخل لدى نسبة كبيرة من المهندسين مما يؤدي الى تفشي الفساد الاداري والرشوة بالاضافة الى ضعف مستوى المهندسين الاستشاريين التابعين للأحياء.

ويؤكد الدكتور شريف حافظ عضو المجلس السلعي للبناء والتشييد ورئيس الجمعية المركزية لحماية المستهلك أن ما يحدث يوضح ضعف الادارة الشديد وغياب الكفاءات والاعتماد على أهل الثقة، مشيراً إلى وجود الفساد في كل بلاد العالم إلا أن النظام المؤسسي يصحح نفسه.

وأضاف حافظ أن غياب الشفافية والمعلومات يعرقل تصحيح الأوضاع، مشيراً إلى تضارب البيانات التي تصدر في كافة المجالات ومنها المباني، مطالباً بضرورة الاسراع في استكمال البيئة المعلوماتية التي تساعد على تصحيح مجتمع البناء، لافتاً إلى ضرورة استخدام الخريجين في تجميع وتدقيق هذه البيانات مما يفيد في حل مشكلة البطالة ويساعد على سرعة العمل في القضايا التي تختص بالبناء، وتنفيذها وتؤدي الى احترام الأحكام والقضايا وعدم التحايل عليها بالرشاوى والفساد لعدم تنفيذها أو الطعن عليها.

وأكد شريف حافظ أن حل مشكلة الرقابة والتفتيش على المباني لا يأتي بالمركزية حيث تصل جميع التخصصات إلى وزارة الاسكان ويفرغ عمل الأجهزة المحلية من مضمونها ولا يساعد على خلق أجيال وقيادات مدربة على احترام العمل، موضحاً أن الحل يأتي من رفع الكفاءة والتدريب لانضباط العمل اللامركزي لتحجيم التسيب والفساد.