قروض صغيرة تحدث نهضة اقتصادية في ريف بنغلاديش

TT

دوتيا ـ بنغلاديش ـ رويترز: تزوجت شاهيناز وهي في الحادية عشرة وأنجبت في الثانية عشرة.. وهي من المفترض ان تكون حالة مؤسفة اخرى لوضع المرأة في واحد من أكثر بلاد العالم فقرا.

لكنها أبعد ما تكون عن ذلك.. تتباهى شاهيناز بأنها تكسب نحو أربعة دولارات يوميا، أي أكثر من ثلاثة أمثال متوسط الاجر اليومي في بنغلاديش، وذلك ببيع حليب بقرة تمتلكها.

انها الآن في الثلاثين من العمر وتملك تلفزيونا و20 ثوبا تقليديا (ساري) وتقول ان اغلى انجازاتها هو تمكنها من توفير التعليم لابنيها وهما في الثامنة عشرة والرابعة عشرة.

وتقول شاهيناز ان السر واضح.. قروض صغيرة من مؤسسة غير حكومية هي لجنة بنغلاديش لتطوير الريف (براك) التي تمنح القرويين قروضا صغيرة لمساعدة الفقراء.

وأغلب مانحي القروض الصغيرة في بنغلاديش يقدمونها للنساء لاعتقادهم بأن معظم المكاسب التي يحصلن عليها تنفق على تحسين حياة اسرهن.

ويمكن ان تكون شاهيناز مثالا لنهضة المرأة الريفية التي تواجه الاهمال والتقليل من شأنها.

قالت شاهيناز: «اذا كانت هذه القرية قد تمكنت من تحقيق بعض التطور فان الفضل يرجع الى قروض براك. في الماضي لم يكن هناك عمل ولكن حدث تغيير هائل. الان نعمل ونكسب نقودا». بالنسبة لكثيرين لا تزال بنغلاديش تعتبر مرادفا للفقر والبؤس وتشتهر بالعواصف والفيضانات التي تجتاح اكثر دول العالم كثافة سكانية. تتحسن ببطء المؤشرات الصحية والتعليمية بينما يهبط معدل الانجاب. واصبحت بنغلاديش التي تعرضت لمجاعات بعد استقلالها عن باكستان عام 1971 تتمتع الآن بما يقترب من الاكتفاء الذاتي في الغذاء. لكن نحو نصف عدد السكان الاجمالي (140مليونا) لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر وتصل نسبة الامية الى 60 في المائة ويعيش ثلث السكان من دون كهرباء.

قال فضل حسن عابد مؤسس ورئيس مجلس ادارة براك «ما زلنا لا نرى مجتمعنا او حكومتنا يفعلان الكثير لمساعدة الفقراء».

أنشأ عابد براك كمنظمة اغاثة عام 1972. وتطورت منذئذ الى منظمة تطوير ضخمة تقدم خدمات من المهد الى اللحد لنحو 120 الف مؤسسة قروية تخدم اربعة ملايين عائلة.

وتشمل أعمال براك التي تعتبر نفسها أكبر منظمة غير حكومية في العالم اكثر من مجرد تقديم قروض صغيرة. انها تدير 34 ألف مدرسة ابتدائية الى جانب جامعة ومزارع اسماك ومزارع شاي ومصنع صغير للملح. كما تصنع براك اطرافا صناعية وتصدر اللوبياء الى فرنسا والبطاطس (البطاطا) الى سنغافورة وتسهم بأكثر من واحد في المائة في اقتصاد بنغلاديش ويعمل بها أكثر من 60 ألفا.

واضاف عابد: «يجب الا تبقى المنظمة صغيرة وجميلة فقط. طالما حكومتنا عاجزة عن توفير الرعاية التي يحتاجها شعبنا على براك ان تقوم بهذا». ويرى عابد ان براك لا تعتبر نفسها في منافسة مع الدولة. لكنه يعترف بأن بعض صغار المسؤولين ربما يحسدون براك على نجاحها ووصولها الى المناطق الفقيرة النائية. ويضيف: «فقراء الريف لم يثبتوا انفسهم بعد. لكن عندما يفعلون هذا ستكون مهمتنا أكثر صعوبة (سياسيا) لاننا سنتهم بأننا شجعناهم ونظمنا صفوفهم».

لكنه استدرك قائلا: «يسعدني جدا أنه على المستوى المحلي حين تتألق عينا امرأة فجأة وترى انها تحقق وضعا افضل.. هذا يرفع روحك المعنوية. وعندما تعمل على تطوير الريف وترى حياة الافراد قد تغيرت بفضل جهدك فانك بالتأكيد تشعر بكثير من الارتياح».