مليارا دولار خسائر الاقتصاد المصري نتيجة ارتفاع العملات الأوروبية والآسيوية أمام الدولار

مصرفيون ورجال أعمال يحذرون من تضخم فاتورة الواردات وتفاقم المديونية الخارجية نتيجة تغير سعر الصرف

TT

قدر مصرفيون ورجال أعمال مصريون تكلفة تراجع قيمة الدولار عالميا أمام العملات الاوروبية والآسيوية على الاقتصاد المصري تصديرا واستيرادا وتصنيعا بنحو ملياري دولار، وحذروا من تداعيات أخرى محتملة حال استمرار انخفاض الدولار في اسواق المال العالمية لا سيما أن السياسة الأميركية الان تقوم على الدولار الضعيف لخفض العجز في ميزانها التجاري بزيادة صادراتها وخفض وارداتها بعد ارتفاع عجزها الى 521 مليار دولار وكذلك ارتفاع عجز موازنتها الجارية لانخفاض أسعار الفائدة لديها.

وذكر الخبراء أن هيكل الواردات المصرية طرأ عليه تغيير ملحا خلال العام الماضي لصالح دول الاتحاد الاوروبي وبريطانيا والصين، وكلها مناطق شهدت زيادة في قيمة عملتها أمام الدولار الأمر الذي انعكس على قيمة الفاتورة النهائية للواردات المصرية. كما اضافوا أن المديونية الخارجية المصرية البالغة 29.2 مليار دولار وايضا احتياطيات النقد الاجنبي مقومة بالدولار وبالتالي فإن انخفاض الدولار امام العملات الاوروبية والآسيوية سيؤدي لتفاقم هذه المديونية، حيث ستحتاج مصر لحجم دولارات اكثر لسداد مديونياتها لدول منطقة اليورو أو الصين أو بريطانيا التي ارتفعت اسعار عملاتها أمام الدولار.

وقال رئيس الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية المصرية مصطفي زكي ان ارتفاع سعر صرف اليورو رغم خفض الفائدة عليه يؤثر سلبا على الواردات المصرية من دول الاتحاد الاوروبي التي ما زالت تحتل المرتبة الاولى في هيكل الواردات المصرية حيث استحوذت على 43% منه خلال الربع الاول من العام المالي الحالي 2004/2003 بقيمة 1657.4 مليون دولار مقابل 948.2 مليون دولار لأميركا و607.4 مليون دولار للدول الآسيوية و279.8 مليون دولار للدول العربية ونحو 190 مليون دولار لبريطانيا.

وتابع ان 70% من حجم الواردات المصرية خلال العام الماضي والبالغة نحو 13.9 مليار دولار جاءت من دول ارتفعت اسعار عملتها أمام الدولار بنسبة لا تقل عن 20% الامر الذي كلف الاقتصاد المصري أعباء اضافية تجاوزت ملياري دولار.

وشدد مصطفي زكي على ضرورة إعادة توزيع خريطة الواردات للحد من الخسائر المحتملة، واقترح نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية محمد المصري البحث عن بدائل اخرى للخامات والمنتجات الوسيطة ومستلزمات الانتاج والمعدات الرأسمالية الاوروبية التي قفزت اسعارها أمام الدولار وزادت امام العملات الاخرى المرتبطة بالعملة الأميركية منها الجنيه المصري.

واشار الى امكانية سفر عدة وفود تمثل مختلف القطاعات الانتاجية والصناعية المصرية الى دول شرق آسيا للبحث عن فرص مناسبة لاستيراد سلع وسيطة أو مستلزمات انتاج تحتاجها الصناعة المصرية، موضحا ان الاستيراد من دول شرق اسيا هربا من صعود اليورو والعودة للتصدير للاسواق الاوروبية استغلال انخفاض قيمة الجنية المصري امام اليورو والاسترليني يحقق فائدة مزدوجة للاقتصاد المصري لا سيما ان انخفاض قيمة الواردات ستنعكس على تكلفة المنتج المصري النهائي وتعزز قدرته التنافسية في الاسواق الاوروبية.

ومن جهته اكد محافظ البنك المركزي المصري السابق محمود أبو العيون أن التراجع الشديد في سعر الدولار امام العملات الدولية الرئيسية خاصة اليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني سوف يؤثر بالسلب على ديون مصر الخارجية وخدمتها من جانب واحتياطيات مصر من النقد الاجنبي من جانب آخر حيث أن الديون الخارجية المصرية التي بلغت 29.2 مليار دولار مقومة جميعها بالدولار الأميركي وبالتالي فإن ارتفاع أسعار العملات الاوروبية وبعض العملات الاسيوية مقابل الدولار من شأنه زيادة حجم الدين الخارجي بالدولار لان تسديد المديونية المستحقة على مصر لصالح العملات المرتفعة سيحتاج لحجم اكبر من الدولارات. الى ذلك رصد مصرفيون مصريون صعودا مستمرا لسعر اليورو الذي كسر حاجز الـ 8 جنيهات في البنوك ويقترب من 8.9 جنيه في السوق غير الرسمية وكذلك ارتفاعا في سعر الجنيه الاسترليني وذلك مقابل انخفاض بلغ 23 قرشا في سعر الدولار في السوق الرسمية لاول مرة منذ عدة اشهر، واشاروا الى ان زيادة نفوذ اليورو والجنيه الاسترليني في سوق الصرف المصرية على حساب الدولار ستنعكس على تجارة مصر الخارجية التي يجب ان تتسم بالمرونة لتتعايش مع المتغيرات التي طرأت وتتجنب أية خسائر محتملة في الميزان التجاري المصري. وأضاف رئيس مجلس ادارة بنك الدلتا الدولي علي نجم، ان هناك توجها ملحوظا من البنوك المصرية حاليا حيال تعزيز اوعيتها الادخارية الصادرة باليورو الاوروبي لتدعيم مراكزها المالية من هذه العملة الصاعدة الا انه نفي وجود هرولة من العملاء للتحول من الايداع بالدولار الى اليورو أو الاسترليني، موضحا أنه لم يطرأ تغيير ملحوظ على حجم الودائع في البنوك المصرية من العملات الاوروبية إلا أنه لم يستبعد حدوث ذلك خلال الاسابيع المقبلة في حال استمرار هبوط الدولار وزيادة الطلب على اليورو والاسترليني لتغطية تكلفة الواردات المصرية من الاسواق الاوروبية والبريطانية المرشحة للزيادة خلال الفترة المقبلة.