إنشاء دوائر قضائية للنزاعات العقارية في مصر يثير جدلا بين المسؤولين والخبراء والمستثمرين

الدعوة لمواجهة مخالفات البناء وتنفيذ إزالتها بسرعة يردع عمليات الإنشاء العشوائية ويعيد سوق العقار للانتعاش

TT

تباينت آراء المسؤولين والخبراء والمستثمرين في قطاع العقارات المصري تجاه الاقتراح المتعلق بانشاء دوائر قضائية متخصصة للفصل في النزاعات العقارية وحسم المخالفات المتكدسة في الجهات الادارية.

وقد أكد تقرير أعدته لجنة الاسكان بمجلس الشعب المصري على ضرورة انشاء دوائر قضايا متخصصة للبت السريع في النزاعات العقارية وانهاء حالة التضارب والطعون المتبادلة التي تعتمد على ثغرات قائمة في القوانين الحالية التي تنظم العمل في قطاع العقارات المصري، بداية من الحصول على تراخيص البناء ومتابعة عملية البناء وصيانة العقارات وكذلك عمليات الترميم والتنكيس والحقوق والواجبات المتبادلة بين المالك والمستأجر في هذا الصدد.

كما اقترح التقرير حسبما قال رئيس اللجنة محمد أبو العينين إنشاء جهاز شرطة متخصص على غرار شرطة الكهرباء والسياحة وغيرها يتولى التصدي للمخالفات التي باتت عبئاعلى جهاز شرطة المرافق. وأوضح ان الحسم في مواجهة المخالفات وتنفيذ ازالتها سريعا سيكون عامل ردع قوياً لكل المخالفين، كما انه سيقلل من الدعاوى القضائية في مجال النزاعات العقارية وعمليات البناء العشوائي على الأراضي المملوكة للدولة وللغير، ويعيد الاستقرار نسبيا الى سوق العقارات، وتابع ان اقتراحات اللجنة جاءت في اطار تقرير متكامل حول سوق العقارات المصري تضمن معالجة تشريعية للعلاقة بين المالك والمستأجر، وما تعلق بتكاليف عمليات الصيانة والتنكيس وقيود الارتفاعات وأيضا دور الجهاز الاداري المتمثل في الحي والمحافظة في متابعة وتنظيم أعمال البناء وحماية الثروة العقارية، وترى مديرة المتابعة الفنية بالادارة الهندسية بمحافظة القاهرة المهندسة منار حسني أن ارتفاع نسب المخالفات وتنوعها في قطاع العقارات يكرس الحاجة لانشاء محكمة متخصصة للفصل في هذه المخالفات بالسرعة المطلوبة. وأوضحت ان نظر هذه القضايا في الوقت الحالي يستغرق من عامين الى 4 أعوام، وربما أكثر الأمر الذي يشجع المخالف ويؤكد غياب القدر الكافي من الردع وأشارت الى أن وجود هذه المحكمة علاوة على جهاز شرطي التصحيح سيساهم في سرعة الفصل في المخالفا، إما بالازالة أو التصحيح وتسديد الغرامة في حالة تقريرها، وتحديد قيمتها والعقوبات بالغرامة أو السجن أو الاثنين معا في حالة عدم الامتثال للتنفيذ في المدة المحددة مع توفير البديل الاسكاني المناسب للعقارات المقرر ازالتها.

واضافت ان تعدد التشرعات وكثرة التعديلات التي جرت عليها وتفسيراتها ودعاوى عدم الدستورية التي اقيمت عليها ضاعف حالة الغموض وأصاب المناخ التشريعي بالكثير من الثغرات والأمور المتناقضة التي أعيت الخبراء ورجال القانون انفسهم ،الأمر الذي يؤكد ضرورة تفعيل الاقتراح المتعلق بانشاء دوائر قضائية وجهاز شرطي متخصص في مجال العقارات، ومن جهة أخرى تحفظ المستشار السابق بمجلس الدولة عمر عبد الحفيظ الصادق على انشاء دوائر قضائية خاصة للنزاعات العقارية موضحا ان تنفيذ هذا الاقترح ليس بالأمر السهل لأن الأمر يحتاج لاعداد مسبق سواء للقضاة أو الجهاز المعاون علاوة على اجراءات ادارية طويلة ومعقدة مما يؤكد ان الأمر صعب ومكلف اداريا وفنيا فضلا عن ان امكانات وزارة العدل قد لا تسمح بذلك، وتابع ان التسرع في تفعيل هذا الاقتراح لن يحل الأزمة وينهي الخلافات في قطاع العقارات لأن المشكلة الحقيقية تكمن في قوانين الاسكان وتعدد الجهات المسؤولة عن تنفيذها وتقاعس الجهاز الاداري وما يعاني منه من فساد وعشوائية.

وشدد على أن الحاجة لمزيد من التعاون الحقيقي بين الجهات الادارية والمحاكم، خاصة ان القضاء الاداري يشتمل على دائرة شبه متخصصة للنظر في مخالفات المباني أكثر من حاجتنا لمحكمة خاصة أو شرطة عقارات، ووصف رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الاعمال المصريين المهندس صلاح حجاب الهرولة تجاه انشاء دوائر خاصة للنزاعات وجهاز شرطة متخصص بأنها قفز على المشكلة الحقيقية موضحا ان الآليات القائمة في هذا المجال قادرة على القيام بهذه المهمة وانه لا داعي لانشاء آليات أخرى بدون مبرر، واضاف أن المشكلة لا تكمن في تقصير التشريعات بقدر ما تكمن في عدم جدية التعامل مع مخالفات البناء خاصة في بدايتها مشيرا الى أن الرصد المبكر لهذه المخالفات وعدم غض النظر عنها هو الحل، خاصة ان القانون يعطي الجهاز الاداري صلاحيات كاملة للتعامل مع المخالفة. وحذر من أن تفاقم الجهاز الاداري في قطاع العقارات باضافة آليات جديدة سيضيف اعباء جديدة على المستثمرين الراغبين في توسيع نطاق أعمالهم في مجال العقارات، الى ذلك قال استاذ ادارة وهندسة التشييد بجامعة القاهرة الدكتور مهيب السعيد ان عدم وضوح القانون المتزامن مع تباطؤ المحليات في اكتشاف المخالفة والتعامل معها وكذلك عدم تنفيذ قرارات الازالة بدعوى عدم التسبب في مشاكل أمنية فضلا عن التراخي في تطبيق العقوبات كل ذلك يجعل من انشاء دوائر قضائية وجهاز شرطي متخصص أمرا منطقيا للحيلولة دون مزيد من المخالفات مؤكدا ان الوضع الحالي يكاد يكافئ المخالف ويمنحه الفرصة لمزيد من التلاعب والمخالفة خاصة ان الفصل في المخالفات يستغرق عدة سنوات ويمكن ان ينتهي بغرامة متواضعة.