تحرير الخدمات والمنتجات الزراعية والاستثمار والمنافسة أخطر موضوعات مفاوضات التجارة العالمية على الاقتصادات العربية

TT

وصف خبراء اقتصاد مصريون وعرب تحرير تجارة الخدمات والمنتجات الزراعية والعون الفني والاستثمار والمنافسة والاسواق العامة بأنها اكثر الموضوعات خطورة وحساسية على جدول أعمال المؤتمر الوزاري القادم لمنظمة التجارة العالمية.

وأوضح الخبراء ان قطاعي الخدمات وتحرير تجارة المنتجات الزراعية بصفة خاصة يمسان المصالح العربية بصورة مباشرة وخطيرة وذلك نتيجة الثقل المتنامي لقطاع الخدمات الذي بات يستحوذ على حوالي 30 مليار دولار من اجمالي التجارة الخارجية للبلدان العربية، وكذلك لاعتماد معظم الدول العربية في تلبية احتياجاتها الغذائية على الاستيراد الذي تجاوزت قيمته في هذا القطاع نحو 20 مليار دولار سنوي.

واشار الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية عبد الرحمن السحيباني الى أنه على الرغم من أن تحرير تجارة الخدمات عالميا سيتم مرحليا وعلى مدار سنوات عديدة فان هذه الخطوة بدأت فعليا حيث وقعت دول عديدة ذات تأثير سياسي واقتصادي كبيرين على الاتفاقية المتعلقة بتحرير تجارة الخدمات، كما أوضح ان خطورة تحرير تجارة الخدمات على الاقتصاديات العربية تكمن في العدد الكبير نسبيا للقطاعات المدرجة في الاتفاقية المراد توسيعها وتضم الاتصالات والخدمات المصرفية والمالية والنقل الجوي والبري وخدمات التأمين والطاقة والتعليم والصحة والبناء وكذلك الخدمات المرئية والسمعية وخدمات البريد الامر الذي يهدد الاستثمارات العربية الضخمة في تلك المجالات الحيوية ويضفي اهمية خاصة على تحرير تجارة الخدمات باعتباره أحد ابرز القطاعات الاقتصادية المصرية المؤثرة والجاذبة للاستثمارات في المستقبل القريب.

اما الدكتور أحمد جويلي الامين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية فتوقع ان تتعرض البلدان العربية المستوردة للمنتجات الغذائية لخسائر جسيمة بسبب تحرير التجارة المتوقع لقطاع السلع الغذائية والمنتجات الزراعية خلال المؤتمر الوزاري المقبل لمنظمة التجارة العالمية بالرغم من معارضة البعض خاصة ان الغاء الدعم الذي تسانده معظم الدول المتقدمة سيؤدي مباشرة الى ارتفاع كبير في اسعار هذه السلع وبالتالي زيادة قيمة فاتورة الواردات الغذائية العربية. واقترح الدكتور جويلي تبني مبادرات عاجلة للتنسيق العربي مع بقية الدول النامية للاستفادة من تناقض المصالح بين الدول الصناعية في مفاوضات الزراعة وضمان عدم تكرار تجربة تحرير تجارة المنتجات الصناعية التي ضاعفت الاعباء على كاهل الدول النامية من دون طائل، مشددا على ان المفاوضات المتوقعة لتوسيع نطاق اتفاق الزراعة تهم الدول العربية كلها وليس الدول العربية المصدرة للمنتجات الزراعية فحسب اذ يمكن للدول غير الزراعية توظيف الميزات النسبية التي تمتلكها في هذا المجال كانخفاض معدل الرسوم الجمركية على واردات السلع الزراعية كورقة تفاوضية لتعظيم المكاسب المحتملة في مجالات اخرى.

ويرى الامين العام لاتحاد المستثمرين العرب السفير جمال البيومي انه يجب ان تخرج الدول العربية من نطاق ما يطلب منها وتحاول بناء موقف مقبول ينسجم مع مصالحها في الداخل وتحقيق مزايا اضافية لها في النظام التجاري الدولي، فضلا على تأكيد ضرورة مشاركتها في مجموعات العمل المتبعة ببحث طلبات انضمام الدول العربية المتقدمة لعضوية منظمة التجارة العالمية والسعي لتكوين جماعة ضغط داخل منظمة التجارة تؤكد على عدم مطالبة الدول الاقل نموا بالتزامات اكثر من نظيرتها من الدول الاعضاء وتقديم العون الفني لها مع الابقاء على المعاملة التفضيلية الواردة باتفاقات جولة اوراغواي علاوة على مطالبة جميع الدول المتفاوضة مع الدول العربية المتقدمة بطلبات الانضمام احترام الخصوصيات الثقافية والاخلاقية وكذا الاشارة بقوة الى اهمية الزراعة للاقتصاديات العربية والمطالبة بمنحها مرونة اكبر في تنفيذ الالتزامات التي ستسفر عنها المفاوضات بما في ذلك النفاذ للاسواق مع التأكيد على ان تبادل المفاوضات بشكل اساسي يعمل على إزالة التشوهات التي تحيط بتجارة المنتجات الزراعية من قبل الدول المتقدمة والنصوص القائمة التي تعطي هذه الدول معاملة تمييزية تحرم منها الدول النامية مثل الاجراءات الوقائية الخاصة. واضاف وكيل اول وزارة التجارة الخارجية السيد أبو القمصان أن الملفات المتعلقة بالتجارة والاستثمار والبيئة والشفافية في المشتريات الحكومية تحتل مكانة متقدمة في قائمة الموضوعات الاصعب التي سيطرحها المؤتمر الوزاري المقرر عقده قبل نهاية العام الحالي. كما اشار الى ان مصر تسعى لصياغة موقف باعطاء المنتجات الزراعية للدول النامية نفاذا اكبر الى أسواق الدول المتقدمة وتوفير العون الفني لهذه الدول ومنحها معاملة تفضيلية في بعض المنتجات والسلع الحيوية. وذكر الخبير الاقتصادي المصري الدكتور محمود عبد الفضيل ان الدول العربية تواجه مشكلتين في مفاوضات منظمة التجارة العالمية أولهما الحاجة الى تطوير وتأهيل السياسة التجارية للدول العربية بما يتماشى مع مقررات المنظمة والاخرى عدم تدفق المساعدات الفنية من الدول المتقدمة لتأهيل بعض المنتجات والصناعات ومناخ الاستثمار للتعامل بوعي مع النظام التجاري الدولي الجديد محذرا من خطورة تهميش الدول العربية والنامية في اجتماعات المنظمة والتقليل من دورها في صياغة خريطة التجارة العالمية خلال المرحلة المقبلة.