نائب رئيس البنك الدولي لشؤون معهد البنك: الحاجة لترجمة المواد التعليمية أكبر مشكلة تواجه نشاطات المعهد في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا

فراني ليتيير: نساعد دول الخليج بمساعدات تقنية يدفعون أجرها بخلاف دول المنطقة المقترضة

TT

تحدثت نائب رئيس البنك الدولي لشؤون معهد البنك الدولي فراني ليتيير لـ«الشرق الاوسط» عن نشاط المعهد في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وذلك على هامش فعاليات افتتاح مركز معارف منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مدينة مرسيليا الفرنسية مؤخرا. وقد قدمت بلدية مدينة مرسيليا المبنى والتجهيزات لتمكين البنك الدولي من تأسيس المركز الذي سيساهم من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة في دعم قدرات تبادل المعارف في المنطقة.

* متى تأسس معهد البنك الدولي؟

- تأسس المعهد بعد مؤتمر برتون وودز (الذي انشئ بموجبه البنك الدولي) بثلاث سنوات. يتضمن عمله نصح الدول المعنية بسياسات التنمية وكيفية وضعها وتطبيقها. على سبيل المثال، كيف يتم وضع برنامج لخفض الفقر خلال عشر سنوات او اصلاح قطاع المواصلات، او مراجعة اساليب التعليم. ونقوم بذلك عبر طريقتين: الاولى تتضمن تنمية المهارات، والثانية، نقل المعرفة. ونساعد ايضا في اصلاح هيكلة المؤسسات، مثل اعادة هيكلة وزارة التعليم، بالاضافة الى المساعدة في التغيير الاجتماعي، مثل قضايا المرأة ومساهمتها في المجتمع.

* متى بدأ المعهد عملياته في الشرق الاوسط وشماال افريقيا؟

- لعب المعهد دورا في كل بلد يقترض من البنك الدولي. منذ سنتين، طورنا ما يسمى باستراتيجيات خاصة بدول معينة، حيث نعمل يدا بيد مع الحكومات في القطاعات التي يرون انها بحاجة للمساعدة والاصلاح.

* هل تعتقدين، من خلال تجربة المعهد في التعامل مع دول المنطقة، ان مشاكل التنمية متشابهة بين هذه الدول؟

- اعتقد ان دول المنطقة في مراحل مختلفة من التنمية. فدولة تونس تملك الموارد والمهارات لكن قد تحتاج لطرق العمل التي ساعدت دول اخرى في الوصول الى مستوى اعلى من التنمية الاقتصادية. اما المثال على الدولة الاكثر تخلفا في مجال التنمية فهي اليمن، حيث ما زال هناك نقص في الحاجات الرئيسية مثل الطرق والمياه. وفي الوسط، بين هاتين الدولتين، هناك دول مثل مصر والاردن. المنطقة تمثل تشكيلة متنوعة من الدول.

المشكلة التي يواجهها المعهد في هذه الدول هي اللغة. ورغم استخدام اللغة العربية بين اللغات الرسمية في البنك، الا ان العجز عن استخدام اللغات الاخرى يحتم ترجمة كل المواد. هذا بالاضافة الى وضع هذه المواد باسلوب يناسب البيئة المحلية. من هنا اتت فكرة التركيز في العمل مع كل دولة على حدا.

* هل يتعامل معهد البنك الدولي مع كل دول المنطقة؟

- لا. المعهد صغير الحجم. وقد اخترنا تشكيلة من بعض الدول ذات الدخل المنخفض واخرى متوسطة الدخل، بالاضافة الى دول اكثر تطورا من حيث مستوى الدخل. وقد اخترنا اليمن ومصر، في حين ننظر الى حالة كل من المغرب وتونس للاستفادة من تجربتهما. ونقوم بمقارنة الوضع في هذه الدول مع دول في مناطق اخرى من العالم نجحت في تحقيق التنمية الاقتصادية.

* هل يقتصر البرنامج على اربع دول في المنطقة اذا؟

- هؤلاء على صعيد البرامج الخاصة فقط. لكننا نتعامل مع دول المنطقة الاخرى من خلال البرامج المتعددة الاطراف. ففي اطار تطوير المهارات ومشاركة المعرفة نتعامل مع جميع الدول، لكن الدول ذات البرامج الخاصة تحظى بتركيز مختلف معد وفقا لحاجتها. فهذه البرامج تحتاج لقوة عاملة كبيرة ومصادر لا يمكن توفيرها لبرامج عديدة.

* هل تدخل هذه البرامج في اطار عمل مركز المعارف الذي انشئ في مرسيليا؟

- المركز انشئ لخدمة المنطقة ككل. وقد اختيرت مرسيليا لقربها من المنطقة مقارنة بواشنطن حيث مقر البنك الدولي. يمكننا من مرسيليا ان نعقد مؤتمرات عمل عبر الفيديو مع مشاركين من منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وهو ما يصعب تحقيقه من واشنطن بسبب اختلاف التوقيت.

* هل يدعم البنك الدولي برامج المعهد ماليا من خلال تمويل برامج انمائية يقترحها المعهد؟

- كان المعهد يعمل في الماضي باستقلالية تامة عن البنك. لكننا نحاول الان ان نوفق بين سياسة الاقراض لدى البنك وعمل المعهد. هذا لا يعني ان الدولة التي تحظى بمساعد المعهد في دراسة مشروع معين ستتلقى تمويلا مضمونا من البنك. لكن اذا اقترضت دولة لاصلاح نظام المواصلات، مثلا، فاننا نسعى لوضع الاستراتيجية الملائمة لتطبيق البرنامج بنجاح.

* هل يلاقي المعهد مساعدة من الدول التي يعمل فيها؟

- المعهد يعمل في الدول التي تطلب المساعدة وفي الاماكن التي ينشط فيها البنك الدولي. وقد ارتفع عدد المشاركين في برامجنا من دول المنطقة بشكل لافت. وهذه المشاركة تتنوع بين حضور برامجنا التعليمية او العمل لتطبيق البرامج.

* هل يواجه المعهد عقبات في عمله في دول المنطقة خصوصا ان برامجه تحض على الشفافية ومحاربة الفساد؟

- طرق الحكم (governance) هي احدى القضايا التي نعالج في عملنا. ونحن نُعرف الحكم الجيد من خلال بعض المؤشرات، منها المشاركة السياسية والاستماع لرأي المجموعات المختلفة في المجتمع من نساء وشباب, ونعتقد ان هذه القضية في منطقة اكثر من 25 في المائة من سكانها تحت سن 25 سنة، و50 في المائة من سكانها اناث.

* هل لدى المعهد نشاطات في دول الخليج؟

- نعمل في دول الخليج في مجال المعرفة فقط. فهذه الدول لا تقترض من البنك الدولي. نحن نقدم لهم مساعدات تقنية يدفعون اجرها.

* هل من مشاكل في التعامل مع دول الخليج؟

- كثير من هذه الدول منفتح على اكتساب المعرفة. امارة دبي احدى اهم الامثلة على الاهتمام بنقل المعرفة, المشكلة الاساسية التي تواجهنا هي اللغة. فالكثير من المصادر العلمية غير مترجمة الى العربية. وقد اظهر تقرير التنمية البشرية العربي تراجع عملية الترجمة في الدول العربية. علينا ترجمة كل المواد المطلوبة حاليا. لكن دول الخليج تساعدنا في الترجمة، خاصة امارة دبي.

* ما هي قيمة التمويل المتوفر لبناء مركز المعارف في مرسيليا؟

- القسم الاكبر من الكلفة كان مخصصا لبناء وتجهيز المركز. وقد تكفلت بذلك بلدية مرسيليا. نحن نقلنا موظفين من واشنطن الى مرسيليا، لكن ذلك لا يكبد المعهد نفقات جديدة. كذلك نجحنا في الحصول على بعض التمويل من الاتحاد الاوروبي ونأمل ان نثير اهتمام بعض التمويل العربي لتعزيز الشبكة في الدول العربية. المميز في هذا المركز ان كل العاملين فيه، عدا المدير، هم من منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.