الاستثمار في الدجل

علي المزيد

TT

التقيت بعدد من رجال الأعمال السعوديين ودار حديث عن الفرص الاستثمارية التي تدر ربحا فطرحوا مجموعة من الفرص، فمنهم من يؤيد الاستثمار في الأسهم بصفته الاستثمار الأسهل والأكثر ربحا وآخر تحمس لفرص الاستثمار في البتروكيماويات بصفتها صناعة ذات ميزة نسبية في السعودية، وآخر شدد على أن الاستثمار العقاري هو الأهم لا سيما في أراضي حرض على حد تعبيره بصفة المنطقة ستكون قاعدة لصناعة الغاز السعودي. المهم أن كلا منا أدلى بدلوه في شرح أهمية الفرص التي يطرحها وعائدها، فيما بقي واحد منا لم يتكلم سألناه: ها.. يا أبو محمد ما عندك فرص استثمارية وإلا تخشى عليها من السرقة؟ عدل أبو محمد من جلسته وقال: ما هدف الاستثمار؟ أليس التوظيف الأمثل لرأس المال وفق أفضل عائد وأقل مخاطر؟ كانت إجابة الجميع نعم، فقال: إذن وصلنا للهدف، استثمروا في الدجل. استبدت الدهشة بالحضور وقالوا يا أبا محمد رجل أعمال مثلك ويقول استثمروا في الدجل! رد سريعا: هذه مشكلتكم يا العرب لا تسمحون للأفكار الإبداعية بالظهور. دعوني أشرح لكم تفاصيل المشروع. الأمر لا يستلزم كثير جهد، فقط حدد نوع المشروع وابدأ. فمثلا مشروع قراءة الكف، الأمر لا يتطلب سوى معرفة بسيطة مقتبسة من كتب الدجل ومقر لا يزيد إيجاره عن العشرة آلاف ريال، ودعاية منظمة من خلال الجهود الاجتماعية، كون مثل هذا المشروع غير نظامي، واثنين من المرجفين المشهود لهم بالتدليس يصرف لهم 500 ريال عن كل رأس يحضر لمقر المشروع، أجرة الكشف ستتراوح ما بين 5000 و2000 ريال وذلك وفق وضع الزائر المادي. يضاف إلى ذلك قليل من الفطنة بحيث تعطي خطوطا عامة وإيهامات مستقبلية، تكون جميعها سعيدة، وقليل من المحاذير تكون على شارعين ووفق قول المستثمرين العقاريين إذا أرادوا شرح مزايا أراضيهم المعدة للبيع، أقصد أن تكون قابلة للتفسير على أكثر من وجه وبعد ذلك أنظر للدخل. الأمر الآخر أن تتجه لقراءة الأبراج وتستعد لذلك مسبقا ببعض خبراء الفلك حتى لا يكون لديك خلط بين برج الحمل والثور، وهذا المشروع قابل للتطور من حيث الفروع فقد يكون لديك فرع في قناة فضائية يتحمس له المشاهدون ويتصلون بك ويطلبون منك قراءة أبراجهم وتستفيد أنت والقناة ماديا من خلال أجور مكالمات المهاتفين.

قاطعه أحد الحاضرين قائلا: مشروع جيد ولكني أخشى أن يصنع بي أحد المشاهدين مقلبا كما حدث مع صاحبنا صالح الذي اتصل بأحد قارئي الأبراج في قناة تلفزيونية وطلب منه القارئ أن يرفع كفه الأيمن، وبدأ القارئ يسهب في قراءة برج صالح، وفي الختام قال له صالح: يا أستاذ أنا رافع رجلي. ضحك الحاضرون جميعا ولكن أبا محمد واصل بجدية حديثه: هذه مخاطر المشروع وعليك أن تحسب المخاطر. واستمر متحدثا: ويمكن أن تصدر كتبا وأشرطة فيديو وتفرض حماية فكرية عليها وبهذا يتطور المشروع وتكسب وفق معدلات كبيرة قياسا برأس المال المستخدم.

فكرت مليا في ذلك وكدت أقتنع بالمشروع لولا خوفي من أن يكون أكثر المتصلين مثل صاحبنا صالح فأكون في موقف لا أحسد عليه. ولكني قررت أن أنهج الفكر العلمي في تصرفي وأتصل بمكتب دراسات جدوى لأدرس خصائص سوق العمل في الدجل وحجمه وإذا انتهت الدراسة فأنني أعد القراء بعرضها.