عائد استثمار الجودة في السعودية يبلغ 200% وخطة للوصول بها إلى 270% مثل الدول الصناعية الكبرى

خبير: قناعة الإدارات العليا أكبر عائق لنشر ثقافة الجودة ونحتاج إلى هاتف مجاني لشكاوى المستهلكين

TT

احتلت مسألة «الجودة» موقعا رياديا في فكر الدول المتقدمة وشغلت ليس فقط الادارات العليا للشركات والمؤسسات، بل احتلت اهتماما خاصا لدى الاجهزة الرسمية في هذه الدول، ولذا كان عائد الاستثمار في الجودة بهذه الدول مرتفعا بشكل لافت وكان التقدم الصناعي والعلمي وانتشار منتجاتها عالميا هو الجائزة التي حصلت عليها هذه الدول التي تبنت مفهوم الجودة.

وعلى المستوى المحلي توجد تجارب أهمها «سابك» التي نجحت بارتفاع مستوى جودة منتجاتها في اختراق الاسواق العالمية، لذا كان انعقاد المؤتمر الوطني الاول في السعودية من قبيل تأكيد حرص كافة العاملين على نشر مفهوم الجودة لايجاد ارضية ناجحة لمنتجاتنا الوطنية في عالم المنافسة العالمية القادم.

وكان لقاء «الشرق الأوسط» مع الدكتور فهد سليمان الدهيش مدير عام الادارة للتطوير الاداري والجودة الشاملة بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني لالقاء الضوء على حاضر ومستقبل الجودة في السعودية.

* ما أهمية عقد مؤتمر الجودة حاليا في السعودية؟

ـ تتجه كل الجهود على كافة مستوياتها حاليا إلى رفع مستوى الاهتمام بالجودة في كافة القطاعات بالسعودية بلا استثناء، وذلك يعني الارتقاء بمستوى جودة المنتج والعمل على تقليل التكلفة، والوصول إلى منتج جيد بسعر منافس، مما سوف يساعد في زيادة الاقبال على المنتج المحلي سواء في السوق المحلي أو السوق الاجنبي. ومن اجل ذلك كان هدف انعقاد المؤتمر الاول للجودة في السعودية هو نشر ثقافة الجودة وترسيخها في السوق السعودي ، وخاصة أن ظروفنا الحالية تدفعنا إلى الاسراع في خطواتنا، لان هناك منافسة شرسة قادمة الينا، وهي بمثابة تحد اقتصادي لا يمكن تجاهله أمام كل قطاعاتنا الإنتاجية.

* اذا كانت القضية بهذه الاهمية هل هناك آلية للمؤتمر للاسراع في نشر ودعم هذه الاهداف؟ ـ في الحقيقة أن الجودة حاليا تكتسب مساحات واسعة من الاهتمام لدى الكثير من البلدان في مختلف انحاء العالم، والسعودية واحدة من هذه الدول، ونحن بدورنا نعمد إلى ترسيخ المفهوم المتطور للجودة في السعودية والاسراع في نشره بحيث يكون اسلوب عمل لكل القطاعات. والالية التي اعتمدها المؤتمر تتمثل في القاء الضوء بشكل مكثف على التجارب الواقعية الناجحة التي قامت بها بعض الشركات السعودية الناجحة مثل شركة «سابك»، حيث تمكنت من الوصول إلى مستويات جودة عالية في منتجاتها وكذلك الشركات الخاصة والمؤسسات الحكومية. ومن المؤكد أن مثل هذه التجارب تساعد بشكل كبير في نشر ثقافة الجودة ودعم قناعات مصانعنا ومؤسساتنا باهمية الاخذ بهذه المفاهيم، مما سوف يدعم جهود الادارات والهيئات العاملة في هذا المجال.

* بلغة مختصرة بسيطة، ما هو المفهوم العملي للجودة من وجهة نظركم؟

ـ في معادلة بسيطة اقول إن الجودة هي استثمار في الوقت والمال، ولكي ننجح في نشر هذا المفهوم يجب أن نقول بوضوح ايضا للمسؤول أو صاحب القرارـ في المنشأة الصناعية أو الإنتاجية على وجه العموم ـ إن تطبيقك لمفهوم الجودة سوف يعني ارتفاع عائد استثمار منشأتك بشكل لافت، ومن هنا سوف ترتفع قيمة ثقافة الجودة ويتعزز فهم قيمة الاستثمار في الجودة.

* هل في الامكان ترجمة هذا الكلام إلى أرقام؟

ـ نعم.. لقد حقق الاستثمار في الجودة عائدا وصل إلى 270 في المائة في الدول الرأسمالية، بمعنى أن كل دولار يستثمر في الجودة يعطي ربحية وصلت إلى هذه النسبة الكبيرة جدا، واستطيع القول كذلك إن قطاعات في بعض الدول المجاورة وايضا لدينا في السعودية اقتربت من معدل 200 في المائة عندما اتجهت إلى تطبيق المفهوم الحقيقي للجودة الشاملة. وما تحقق حتى الان برغم انه لم يصل إلى مستوى الطموحات من حيث الانتشار في مختلف القطاعات يؤكد أن لدينا فرصا جيدة لتحسين مستويات الجودة.

* على ارض الواقع كيف يمكننا تطبيق الجودة وتخطي مرحلة المفهوم النظري؟ ـ لدينا في هذا الخصوص تجربة ماثلة امامنا اقدم عليها الاردن، حيث ربط عملية الحصول على تصريح بمزاولة النشاط بتحقيق مستويات محددة من الجودة، وهذا ساهم في تطبيق وتبني مفهوم واستراتيجيات الجودة. كما لدينا محليا شركة سابك التي اهتمت بتطبيق مفاهيم الجودة مما ساهم بشكل فعال في وصول منتجاتها إلى مستويات عالمية منافسة وكسبت شريحة لايستهان بها من الاسواق الدولية.

* هل يمكننا أن نحدد مفهوم الجودة حاليا بما يتماشى مع التحديات الحالية التي تواجها صناعتنا المحلية؟

ـ مفهوم الجودة حاليا يعني اجادة العمل بدقة طوال فترة العملية الإنتاجية وليس فقط في بداية العملية، بما يعني استمراريتها وفق محددات ثابتة، ووفق ISO 9001:2000 فان مفهوم الجودة يعني العمل على الوصول إلى نسبة عالية من رضا العميل، حيث مراحل الجودة توسعت لتشمل التصميم وحتى خدمات ما بعد البيع. وهذا يعني اجادة كافة المراحل وحذف أي خطوة تقلل من مستوى رضا العميل.

* هل في الامكان التفاؤل بتطبيق أو انتشار هذا المفهوم في السعودية؟

ـ موضوع الجودة في السعودية ما زال بين شد وجذب، الا اننا نقول إن هناك خطوات تتخذ بجدية في هذا الشأن، وهناك محاولة للوصول إلى مستويات الجودة المطلوبة، وذلك من خلال اللجنة السعودية للجودة التابعة لمجلس الغرف السعودية وهيئة المواصفات السعودية، الا انني ارى ضرورة تأسيس هيئة أو جهة رسمية غير ربحية تتبني هذا المفهوم وتعمل على انتشاره، وان يكون من مهامها تقديم التدريب المتخصص والمشورة مجانا للجهات والقطاعات المختلفة وتتولى عملية وتجميع وتحليل البيانات والاحصائيات المتعلقة في هذا المجال وقياس مستوى الجودة الذي تتمتع به منتجاتنا.

* ما هي ابرز العقبات التي تواجه تطبيق الجودة في السعودية حاليا؟

ـ إن اكبر عائق حاليا هو عدم قناعة الادارات العليا بالمفاهيم السائدة حاليا عن الجودة وعدم سعيهم لتطبيقها، حيث يرون أن أي انفاق في هذا المجال هو هدر للمال، وهذا المفهوم للاسف ما زال المسيطر على الكثير من الادارات العليا في الكثير من مواقعنا الإنتاجية مما يسيء إلى مستويات منتجاتنا ويقلل من قدراتها التنافسية، وتكمن خطورة ذلك في اننا مقبلون حاليا على مرحلة الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية التي سوف تفتح اسواقنا أمام مختلف المنتجات العالمية التي تتميز بمستوى عال من الجودة، مما قد يضر بالعديد من قطاعاتنا التي ما زالت بعيدة عن مستويات الجودة.

* اذا كان الوضع كذلك، فان الامر قد يأخذ فترة طويلة لتتغير الادارات العليا، بما يعني الانتظار لجيل جديد من الشباب المؤمنين بالمفاهيم الجديدة؟

ـ اتمنى الا يحدث ذلك ولا يطول الانتظار، لاننا نعمل بشكل جدي وسريع على نشر مفهوم الجودة الحديث بين هذه الطبقات الادارية العليا الحالية، ومؤتمرنا الحالي يهدف إلى ذلك، واعتقد أن المسؤول عندما يرى التجارب التي سوف نستعرضها سوف يزيد وعيه وقناعته. ولاني اريد ايضا سرعة التحرك فانني انادي باهمية التحرك الرسمي الذي ترعاه وتتبناه الحكومة، حيث تكون هناك آلية أو الزام بضرورة متابعة تطبيق مستويات الجودة، وذلك من خلال ربط الانجاز في هذا المجال بالعطاءات والترخيص أو استقدام العمالة أو غيرها من الاجراءات التي تراها الجهات المعنية مناسبة لدعم ونشر مفاهيم الجودة.

* يرتبط مفهوم الجودة الحالي ISO 9001:2000 بالمستهلك، هل ترى للمستهلك دورا كذلك في الحفاظ على جودة المنتجات؟ ـ نعم قد يكون ذلك مفيدا إلى حد كبير بالنسبة لنشر الجودة، وانني اقترح في هذا المجال أن تخصص وسيلة اتصال سهلة بين المواطنين واجهزة مراقبة الجودة مثل تخصيص رقم هاتف مجاني يمكن للمواطنين من خلاله تقديم الشكاوى ضد المنتجات غير الجيدة والممارسات السيئة التي لا تحافظ على حقوق المستهلك أو تسيء إلى المنتج الوطني بأي شكل يذكر.