السعوديون يعودون لشقق التمليك وسط ارتفاع أسعار الأراضي

الهروب إلى خارج المدن أصبح ظاهرة لافتة بعد غلاء قيمة البيوت السكنية

TT

امتلاك منزل صغير هو حلم يراود معظم السعوديين الذين ما زالوا يدفعون سنويا إيجارات مساكنهم التي يعيشون فيها، في ظل الظروف الاقتصادية، ومع أن التوجه الحالي لتملك العقارات تحول الى الشقق السكنية، فإن هذا الامر أيضا يبدو صعبا لكون أن المساحات المعروضة لا تكفى لعائلة تتكون اسرتها من 6 أفراد. الكثير منهم يقفون عاجزين عن تحقيق ذلك الحلم الذي إن حدث فأنه يأخذ كل ماجمعوه من أموال طوال حياتهم. محمد العماري يعمل في قطاع التعليم منذ 20 عاما «الحلم الأول المسجل في اجندتي والذي أريد تحقيقه منذ أول يوم وضعت خطوتي الأولى في مجال العمل، هو بناء بيت لي ولأسرتي في مدينة جدة، نهرب فيه من غلاء الإيجار، ونستثمر فيه اموالنا».

ولكنه لم يخف عجزه عن تحقيق ذلك الحلم «20 عاما من العمل وأنا اجمع راتبي بعد أن نستهلك منه مصروفات ولم استطع جمع نصف المبلغ الذي يجب لبناء منزل وربما لشراء ارض في بعض الأحياء».

الأراضي الواقعة داخل حدود المدن السكنية أصبحت باهظة السعر وربما يعجز ذوي الدخل المحدود عن شرائها، طلال الزهراني أحد رجال الأعمال المستثمرين في مجال العقار يقول «بناء منزل لم يعد سهلا كما كان، فالأراضي الواقعة في حدود المدن أسعارها خيالية، وبعضها يصل الى المليون ريال وربما اكثر في مواقع راقية، وفي الأحياء المتوسطة يتراوح سعر الأرض ما بين 300 ـ 600 ألف ريال».

ويضيف «هذا مبلغ كبير إذا أضيف اليه قيمة البناء وتكاليفه، ويزيد الأمر تعقيدا ارتفاع أسعار مواد البناء الذي تشهده هذه الايام وخاصة الحديد».

في ظل ارتفاع اسعار الاراضي داخل المدن، بعض المواطنين هربوا الى خارج المدن حيث مخططات المنح ذات الأسعار المعقوله، المواطن سالم بن سعيد وهو موظف في أحد القطاعات الأمنية يقول«18 عاما وأنا أحاول أن اشتري أرضا ولم استطع، لذلك قمت بشراء ارض تبعد عن جدة 20 كيلو مترا، وتقدمت الى البنك العقاري للحصول على قرض بناء». ويضيف «سيستغرق حصولي على القرض عدة سنوات سيكون العمران في حينها قد وصل الى تلك المنطقة أو اقترب منها على الأقل، وسأتمكن من بناء منزل لي ولأسرتي، واحقق ذلك الحلم الصعب الذي اسعى له».

الحصول على قطعة ارض ليست المشكلة الأولى التي تواجه من يرغب ببناء مسكن في السعودية، ولن تكون الاخيرة كما يراها المهندس المعماري امين محمد ويقول «بناء منزل امر بات صعبا في ظل ارتفاع مواد البناء المختلفة، وخاصة الانواع الجيدة منها، وزاد الامر سوء بارتفاع اسعار الحديد أخيرا والذي اوقف كثيرا من المقاولين عن تنفيذ عقود لبناء مساكن». المجتمع السعودي الذي كان يرفض في السابق شقق التمليك، جعلته الظروف يقبل بهذه المقترحات البديلة، خاصة ان أسعارالشقق تتراوح ما بين 400 - 600 الف ريال حسب موقعها.

محمد بن صالح السعدي يقول «اشتريت شقة تمليك عام 1994 بسعر ممتاز مقارنة باسعارها الان ، الا ان اغلب الاصدقاء واجهوني بالنقد واعتبروا ذلك تصرفا غير جيد مني في لك الوقت، ومعظمهم نصحني ببيعها».

ويضيف «اصدقائي المنتقدين في ذلك الحين يبحثون الان عن مثل هذه الشقة بضعف سعرها ولا يجدوها». «الجار السيء» غالبا ما يكون سبب الرفض في تملك شقة خشية وقوع مشاكل معه، خالد الغامدي يقول «معظم الناس يرفضون شقق التمليك خشية ان يتورطوا في جار سيء أو مزعج لا يحترم حقوق الجيران، واحيانا يكون لدية اطفال مزعجون، او خلاف ذلك من المشاكل التي تحدث بسبب عدم التفاهم على بعض الامور المشتركة، وفي ظل عدم وجود جهة رقابية تتابع مثل تلك الامور».