مكاسب هبوط الأسهم

علي المزيد

TT

يتذّمر كثير من المتعاملين في سوق الأسهم السعودية تحديدا من هبوط الأسهم، ولكنهم في المقابل لا يتحدثون عن صعود السوق، معتبرين ذلك أمرا طبيعيا لأنه يتفق مع أحلامهم في الثراء السريع. ومرد هذا التذمر أن عدد الداخلين في السوق السعودية قد زاد بنسبة مرتفعة خلال العامين الأخير في سوق بدأت بالصعود ودون توقف منذ الثاني من شهر مارس(آذار) 1999، مما جعلهم قليلي الخبرة في تقلبات السوق، وجعلهم ينظرون للصعود كسمة أساسية للسوق مع أن سمة السوق الأساسية التذبذب. ودخول مثل هؤلاء مطلب ضروري ننادي به كمحللين، لأن سوق الأسهم قناة إدخار جيدة. ولكننا ننادي أيضا بالتعرف على قواعد اللعبة إذ أن لكل سوق قواعد يجب أن يعرفها المتعامل، فمثلا ما الهدف من الاستثمار؟ حيث يجب على المتعامل أن يسأل نفسه هذا السؤال ومن الطبيعي أن تختلف الإجابات ولنأخذ واحدة منها فتكون تحقيق ربح يتراوح ما بين 15و 20 في المائة، وعلى ضوء هذه الإجابة سنسأل سؤالا آخر كم نسبة المخاطر التي تتحملها لتكون الإجابة مثلا 5 في المائة. وفي هذه الحالة الهدف واضح في كلا الحالتين ففي حالة الصعود 20 في المائة يجب على المتعامل أن يسيل كل أو نصف محفظته من الأسهم ليقابل مخاطر السوق بالنقد المتبقي وليستفيد من هبوط السوق في حالة التذبذب والتي قررنا أنها سمة السوق الأساسية، وفي حالة تراجع السوق ووصول الخسائر إلى 5 في المائة يجب على المستثمر أن يعمد للتخلص من أسهمه ليقلل الخسائر. والسؤال الأهم هو تحديد طريقة عمل المتعامل وهل سيتعامل كمضارب أو مستثمر طويل الأمد؟, إذا حدد المتعامل هدفه فإنه سيتعامل مع تقلبات السوق وفق هذا الهدف، فإذا كان مستثمرا طويل الأمد فإنه سيشتري بطريقة الشراء المجزأ بحيث يتغلب على تذبذب السوق، فمثلا يثبت المبلغ الذي سيشتري به وتاريخ الشراء ولنقل إنه قرر أن يشتري بـ 10 آلاف ريال(2.6 ألف دولار) شهريا سهما قيمته 100 ريال (26.6 دولار)، سيحصل على 100سهم، ولنفترض الأسوأ، الشهر الذي يليه هبط السهم إلى 50 ريالا (13.3 دولار) فإنه سيحصل على 200 سهم، وهنا نراه قابل التذبذب عبر تراجع متوسط سعر الشراء إلى 66.6 ريال (17.7 دولار) ولن نطيل في المثل، ولكننا نراه في نهاية العام قد حقق نتائج جيدة إذ ارتفع السوق، وخسائر أقل في حالة تراجعه، وهذه ليست أفضل حالة للشراء ولكنها الأكثر أمنا، مع أن المستثمر سيستمر في الاستثمار لمدة أطول من عام، وقد تتراوح ما بين 3 و 5 سنوات مما يجعل المحفظة تحقق أرباحا سنوية بغض النظر عن خسارة سنة مثلا. ويأتي قبل ذلك عدم استثمار أموال نحتاجها في وقت قريب لأغراض غير الاستثمار في الأسهم بل يجب أن نستثمر فوائض نقدية زائدة عن الحاجة الأساسية مثل السكن وسيلة التنقل احتياجات الفرد أو الأسرة إذا كان الفرد عائلا لأسرة. وهنا سأسوق لكم مثلا محزنا فقد اتصل بي أحد القراء يطلب استشارة مالية سألته عن اسمه أجابني، وعن مدينته وأجابني وعن عمره فقال: 25 سنة قال: يا أخ علي أنا اشتريت مجموعة أسهم في شركة الكهرباء بسعر 160 ريالا (42.6 دولار)، سألته عن كيفية الشراء، أجاب لقد اقترضت من بنك 60 ألف ريال (16 ألف دولار) لأسددها بعد ثلاث سنوات 74 ألف ريال (19.7 ألف دولار) وعلى شكل أقساط شهرية فقلت والكلام هنا للقارئ الفرق بين الفائدة البنكية والقرض أحققها من مكاسب السوق. قاطعته لماذا استدنت المبلغ؟ قال: لأنني أريد أن أتزوج بعد ثلاثة أشهر قلت: أنت غيرت الهدف فما دام هدفك الزواج لماذا دخلت سوق الأسهم؟! تألمت كثيرا من الحالة ولكن هذه مخاطر السوق، والخطأ الذي ارتكبه القارئ أنه غير الهدف. لا أعرف كيف تصرف القارئ، ولكني أعرف أن سهم «الكهرباء» أغلق عند 112.5 ريال (30 دولارا) وحتى الأربعاء الماضي. إذا من فوائد هبوط الأسهم أنها تعلمنا التجربة، وتخلق حالة قناعة بعدم تغيير الأهداف وتجعلنا نخفف وزن المحفظة من الأسهم في حالة هبوط الثقة في السوق ونزيد حجم السيولة، ونقلل السيولة في حالة ارتفاع الثقة في السوق ونزيد حجم الأسهم. اضافة إلى أن الهبوط قد يحقق مكاسب لبعض المتعاملين الذين قرروا أن مخاطر السوق مرتفعة وباعوا أسهمهم والحصول عليها بأسعار أقل، وفي حالة تحقق قراءتهم فالفرق بين العمليتين مكسب. وتخلق لدينا حالة الهبوط قناعة راسخة بأن سمة السوق التذبذب لا الصعود، ويجعلنا نتعامل مع السوق وفق هذه القاعدة.