تزايد الإقبال على مركبات الدفع الرباعي في مصر

ساسة وفنانون دخلوا ساحة اقتنائها... والسيدات الأكثر تحمساً لشرائها

TT

انفتحت السوق المصرية على أنواع متعددة من السيارات الفاخرة، في اعقاب حرب 1973، اثر اعلان «سياسة الانفتاح الاقتصادي» عام 1974، بعدما عاشت السوق سنوات طويلة تحت عباءة سيارات فيات الايطالية وتوأمها الممصّر «نصر» تقريباً بلا منافس. ولكن في الآونة الأخيرة تزايد اهتمام المستهلك المصري بمركبات الدفع الرباعي لأسباب مختلفة على رأسها الهيبة والوجاهة.

اغلبية المصريين لا تعرف كيف بدأ عصر هذا القطاع من السيارات. فما أن بدأت نذر الحرب العالمية الثانية تلوح في الأفق عام 1938 أبلغ الجيش الاميركي جميع شركات صناعة السيارات في الولايات المتحدة برغبته في تصنيع مركبة جديدة تحل محل الدراجة النارية ذات العجلات الثلاث والمقصورة الجانبية التي كانت تستخدم في مهام التراسل والاستطلاع المتقدم.

وبحلول صيف عام 1940 وضع الجيش الاميركي المواصفات العامة التي أرادها لهذه المركبة بحيث تكون ذات «اغراض عامة»، منها مرونة الحركة والخفة والقوة في الوقت نفسه. وكانت مركبة «جيب» (التعبير المختصر من كلمتي «جنرال بيربوز» ـ اي الغرض العام) التي بدأت تنتجها شركة ويليس أوفرلاند، أول مركبة عسكرية ترسي اسس مركبات الدفع الرباعي، التي نألفها اليوم، والتي تستخدم حاليا وسيلة ترفيه وتنقل مريح في الرحلات الطويلة فوق المسالك الوعرة ورمال الصحراء.

وبات هذا النوع من المركبات واسع الانتشار ليس في اميركا وأوروبا فحسب، بل في الوطن العربي أيضاً... وبالذات في دول الخليج العربي. وفي مصر أيضاً، تنتشر اليوم هذه المركبات التي صار منظرها مألوفاً جداً وهي متوقفة أمام مبنى البرلمان المصري، أو تمر عبر بوابات الأندية الرياضية الكبرى واستوديوهات السينما والبث التلفزيوني. والطريف ان معظم سائقي هذه المركبات الرباعية الدفع من النساء وخاصة الشابات ممن تتراوح اعمارهن بين 20 و30 سنة. ومع أن هذه المركبات تتسم بالارتفاع الكبير لسقفها وثقل وزنها، بجانب تعقيدها الالكتروني وأحيانا الميكانيكي، ومن ارتفاع اسعارها وتكلفة صيانتها، فان كثيرين يؤمنون بأن نظام الدفع الرباعي هو الأكثر أماناً. ولتأكيد ذلك يشير محبو مركبات الدفع الرباعي الى ان سيارات رياضية عادية باتت تتمتع بهذه الميزة مثل بورشه «911 كاريرا 4» وآودي «آيه 8 كواترو»، لتوفير أقصى درجات التحكم والثبات والأمان. كما يشيرون الى ارتفاع مبيعات المركبات الرياضية النفعية الوعرية في مختلف بلدان العالم .

* تويوتا.. ومصر

* في مصر تصل مبيعات شركة تويوتا اليابانية من مركبات الدفع الرباعي الى 250 مركبة سنوياً أي حوالي من 12 الى 14% من حجم هذا القطاع، أما في المملكة العربية السعودية فتصل مبيعات هذه المركبات من تويوتا وحدها الى 40 % من حجم السوق الكلية هناك.

ويشرح المهندس رأفت مسروجة، مدير عام «تويوتا مصر» لـ«الشرق الأوسط» ان «أكثر المستخدمين في مصر شركات عاملة في مجال تعمير الصحراء والتعدين ولها حقوق الحصول على سيارات بدون رسوم جمركية، لذلك لم تتأثر مبيعات المنطقة الحرة بعد اقرار البرلمان المصري رسوماً ضريبية جديدة على السيارات بصفة عامة. وخارج المنطقة الحرة فالذي سيتأثر فقط هو الاستخدام الفردي لمركبات الدفع الرباعي وهو لا يمثل سوى نحو 5 % من هذا السوق، لأن سعر المركبة الواحدة قد يصل الى 750 ألف جنيه مصري (120 ألف دولار)».

ويضيف مسروجة ان المركبات الرباعية الدفع التي تبيعها تويوتا في مصر نوعان هما المركبات النفعية الرياضية كـ«اللاند كروزر التي تصلح للسياحة والاستخدام الفردي، وشاحنات نقل البضاعة والمعدات عبر الصحراء». وعما اذا كان لـ«تويوتا مصر» خطط للتصنيع محلياً، يقول مسروجة «منذ 6 سنوات قدمنا لشركة تويوتا مشروع انتاج محلي للسيارات في مصر لكن المشروع توقف لظروف اقتصادية ونحن نفكر الآن بأن نعيد صياغته وعرضه عليهم مرة أخرى، واعتقد ان الرد سيكون ايجابياً هذه المرة ونتوقعه قبل نهاية هذا العام».

* الصانعون الآخرون

* من جانب آخر، يلاحظ من متابعة سوق السيارات في مصر ان معظم شركات صناعة السيارات تنتج الآن طرازاً او اثنين وأحياناً أكثر من المركبات الرباعية الدفع. فلدى مرسيدس بنز طراز «الفئة ام» والفئة «جي»، وعند منافستها الألمانية بي. أم. دبليو طرازا «أكس 5» وأخيراً «اكس 3». وحتى شركة بورشه الشهيرة التي تخصصت بإنتاج السيارات الرياضية الصغيرة العالية الأداء طورت أخيراً مركبتها الوعرية «كايين»، لتدخل بها حلبة المنافسة مع الصانعين الأوروبيين واليابانيين والكوريين...وطبعاً الأميركيين الذين تشتهر من انتاجهم مركبات ماركتا «جيب» و«همر» العسكريتا الأصل. المهندس صلاح الحضري، سكرتير رابطة مصنعي السيارات في مصر أوضح في حوار مع «الشرق الأوسط» ان في مصر اليوم فئتين من مركبات الدفع الرباعي على صعيد سعة المحرك هما: فئة ما دون 2000 سم مكعب (2 ليتر) وفئة ما فوق ذلك اي أكثر من 2000 سم مكعب، «وقد تؤدي الضريبية الجديدة التي أقرها البرلمان أخيراً الى انخفاض حجم المبيعات خاصة في الأشهر الستة الأولى». وأردف «تمثّل مركبات الدفع الرباعي نحو 4 % من حجم السوق المصرية للسيارات... وجاء تنامي الاقبال عليها لأنها متعددة الاغراض وتفيد في الرحلات الوعرية والصحراوية وبخاصة بعد انتشار المنتجعات على الشواطىء المصرية مثل مرسى علم والغردقة وشرم الشيخ». واعتبر الحضري «ان هذه النسبة جيدة لأنه منذ 5 سنوات كانت حصة مركبات الدفع الرباعي لا تتعدى الـ 1.5 % من اجمالي حجم سوق السيارات المحلية». من جانب آخر، يستقى من بيانات السوق انه يوجد في مصر اليوم العديد من أنواع مركبات الدفع الرباعي ولكن لا يصنع منها محلياً الا 3 أنواع فقط أما الباقي فيستورد من الخارج.

الانواع الثلاثة التي تصنّع في مصر هي سوزوكي «فيتارا» (أقل من 2000 سم مكعب)، وجيب «شيروكي» (التابعة لمجموعة دايملر كرايسلر) وتنتجها الشركة العربية الاميركية، وأوبل «فرونتيرا» التي كانت تنتجها مصانع جنرال موتورز الا ان تصنيعها توقف قبل فترة. ويرى المهندس الحضري «ان الاقبال المتزايد على الانتاج المحلي سببه سعة المحرك الكبيرة لأن المستورد سعره مرتفع بحكم الجمارك المفروضة عليه وهي تساوي 35%، ويضاف على سعر المركبة 45% ضريبية مبيعات، ومن 5 الى 8 % ضريبة اضافية حسب نوع المركبة ووفق سعة محركها».

* لاندروفر

* ومن مركبات الدفع الرباعي المعروفة والمرغوبة مركبات لاندروفر، وهي ماركة بريطانية عريقة تملكها حالياً شركة فورد الأميركية. وقبل فترة قصيرة طرحت لاندروفر في السوق المصرية الموديل الجديد 2004 من طراز «فريلاندر» الصغير الحجم، وذلك بعد ادخال عدد من التعديلات والتحسينات الداخلية لزيادة الفخامة واضفاء الطابع الارستقراطي عليه، مما جعله أقرب هوية الى شقيقه الأكبر الفاخر «راينج روفر». وجاء اطلاق الـ«فريلاندر» الجديدة في مصر بعد اطلاقها في أسواق منطقة الخليج حيث سجلت مبيعات لاندروفر ارتفاعاً بلغ 42%. وتعتبر امارة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة أكبر سوق شرق اوسطية لمركبات الدفع الرباعي تليها امارة أبوظبي ثم دولة الكويت فالمملكة العربية السعودية ثم قطر. وفي الآونة الأخيرة تضاعفت مبيعات هذه المركبات في كل من مملكة البحرين وسلطنة عمان. وفي مصر من المتوقع بيع حوالي 30 مركبة من الـ«فريلاندر» الجديدة خلال الأشهر الستة المقبلة.

من ناحية أخرى، يقول أحمد الغريب، مدير عام مجموعة «ام ام» صاحبة توكيل لاندروفر في مصر «أن الضريبة التي اقرها البرلمان المصري حديثاً على السيارات سيؤثر على مبيعات السيارات بصفة عامة وعلى مركبات الدفع الرباعي بصورة خاصة لأنها تجتذب فئة معينة من المقتنين... فمثلا المركبة بمحرك سعته 1800سم مكعب كانت ستباع بـ 339 ألف جنيه مصري فأصبح سعرها 356 ألف جنيه، والمركبة بسعة محرك 2000 سم مكعب كانت تباع بـ 399 ألف جنيه وأصبح سعرها 420 ألف جنيه مصري. أما المركبات ذات المحركات التي تزيد سعة محركاتها عن 2000 سم مكعب فكان معدل سعرها 475 ألف جنيه وصار الآن في حدود 515 ألف جنيه مصري... مما سيؤثر علينا كمستوردين. الا اننا اتفقنا مع المدير الاقليمي لشركة لاندروفر على تعديل الاسعار لمنطقة الشرق الأوسط وافريقيا لكي تتناسب مع المستوى المعيشي لهذه المنطقة، هذا بالاضافة الى تركيزنا على خدمة ما بعد البيع واعطاء ضمان 3 سنوات وهو أعلى ضمان يعطى لهذه المركبة». واضاف الغريب «لقد بدأنا خطة عمل لصيانة مركبات لاندروفر في مصر منذ سنتين ويوجد حوالي 1000 مركبة من هذه الماركة هنا، وستساعدنا خطة الصيانة على تسويقها. كذلك سينشأ مركز خدمة سريعة في طريق القاهرة ـ الأسكندرية الصحراوي قبل آخر نهاية العام».

وعن المنافسة مع المنتج محلياً من مركبات الدفع الرباعي في مصر، قال الغريب «المنتج المحلي له مواصفات تختلف عن النوع الذي نقدمه، ونحن نحاول أن نصل الى بيع 45 مركبة حتى نهاية 2004 من خلالنا أو من خلال الموزع الذي نتعامل معه».

* سوزوكي

* مصانع شركة سوزوكي اليابانية تصنّع في مصر طراز «فيتارا» احدى أكثر المركبات الرياضية النفعية انتشار نظرا لانخفاض سعرها الذي يصل الى 160 ألف جنيه مصري مقارنة بالماركات الأخرى التي يصل أقل سعر لها الى 250 ألف جنيه مصري. ويقول المهندس حازم صلاح، مدير المبيعات في مصانع سوزوكي المصرية «ان الضريبة الأخيرة التي أقرها البرلمان المصري ستؤثر نوعاً ما على نسبة المبيعات لكننا ننتج مركبة لها وضع خاص فهي صغيرة الحجم لا تزيد سعة محركها على 1600 سم مكعب وننتج منها من 250 الى 300 وحدة تقريبا خلال العام الواحد، ونبيعها قبل بدء عملية الانتاج». ويتابع «أكثر تعاقدات البيع تكون للسيدات لأنهن الأكثر اقبالا على هذا القطاع من المركبات».

ويتعارض رأي صلاح مع رأي بعض المستوردين ازاء مسألة نسبة المبيعات.

وهو يرى «ان مبيعات المركبات المستوردة في هذا القطاع أكثر من مبيعات المنتج المحلي بالرغم من ارتفاع اسعارها، فمثلا مركبة ميتسوبيشي «باجيرو» وصل سعرها الى 500 ألف جنيه مصري وبالرغم من ذلك تعد نسبة مبيعاتها جيدة». وعن وجود خطة تصدير للمنتج المحلي يؤكد المهندس حازم صلاح «ان الوضع الاقتصادي حالياً لا يشجع الشركة على رسم أي سياسات تصديرية، مع اننا منذ 5 سنوات نصدر «الفيتارا» الى عدد من الدول العربية منها الأردن وليبيا، وكان لنا وكيل للشركة في السعودية وكانت نسبة المبيعات يومذاك مرتفعة. لكن تذبذب سعر صرف الدولار الاميركي راهناً لا يشجع على وضع خطة تصدير محكمة».