هبوط الأسهم وتدخل الدولة

علي المزيد

TT

حينما بدأت الأسهم السعودية بالهبوط خلال الأسبوعين الماضيين تلقيت العديد من الاتصالات التي تسأل عن أسباب هبوط الأسهم، وحينما نذكر للمتصلين أسباب الهبوط ونذكرهم أن سمة السوق التذبذب وليس الصعود أو الهبوط لدرجة أننا نصف صعود السوق كمحللين بأنه صعود متذبذب وهبوط متذبذب، بعدها يبدأ المتصلون بالمناداة بتدخل الحكومة لإيقاف الهبوط. واستعرض معكم نموذجا من المهاتفات مع أحد القراء الأخ علي، أنا أبو عبد المجيد، مرحبا (قارئ يتصل بشكل غير منتظم)، ماذا حدث للسوق؟ أبدا تصحيح طبيعي ستعاود السوق بعدها الصعود في ظل اقتصاد كلي قوي، يا أخ علي لقد تكبدنا خسائر كبيرة هذا الأسبوع والمفروض أن تتدخل الدولة. أجبته قبل أن نبحث تدخل الدولة كيف تصنف طريقة عملك في السوق بأسلوب المضارب أم المستثمر؟ لا ... أنا مضارب، هل لديك عمل صباحي؟ نعم، يعني أنت لا تستطيع أن تراقب السوق خلال الجلسة الصباحية، تعرف ان التليفون والإنترنت سهلا العمل، ولكن بعض المراجعين يشغلك (نعم). إذا أنت تفوت الفرصة عليك من خلال عدم مراقبتك للسوق في الجلسة الصباحية. سألت ما هي الأسهم التي تحملها؟ أجاب: وذكر عددا من أسهم المضاربة، طيب حينما هبطت الأسهم 5 في المائة لماذا لم تبعها؟ لأني لا أريد المضارب الكبير(الهامور) أن يضحك علي ويأخذ أسهمي بخسارة ومن ثم يرفع السوق، سألته كم خسارتك الآن أجاب: 30 في المائة، واصلت أنت لم ترض بالألم ورضيت بالأشد إيلاما، واصل نعم وفات علي أن أضع حدا لخسائري. استمر ولكن لا بد من تدخل الدولة، أجبته أنا لست محامي الدولة ولكن لو تدخلت الدولة والأسعار مرتفعة وخرج أحد مسؤوليها وأشار إلى أن الأسعار متضخمة وخارج النطاق المقبول هل سترضى بذلك، أجاب لماذا أنت تريدهم أن يخسرونا؟ قاطعته أنت أجبت على السؤال أنت تريدهم أن يتدخلوا في حالة خسارتك ولكنك لا تريدهم أن يتدخلوا لإيقاف أرباحك، واصل والله أنك صادق. هذا مثل أسوقه لمن أراد أن يعلق أخطاءه على الآخر ليحقق رضا نفسيا ولكنه غير حقيقي. ومع ذلك فأنا أظن أن لهبوط الأسهم فوائد منها أن الشريحة التي دخلت للسوق حديثا لا بد أن تتعلم قواعد سوق الأسهم عبر الاستثمار في الذات أولا، من خلال دخول دورات تعلم كيفية العمل في سوق الأسهم، التحليل المالي قراءة الميزانيات، التحليل الفني نقاط الدعم ونقاط المقاومة وضع استراتيجية عمل عبر استشارة مختص، وضع وزن معقول لأسهم المضاربة في المحفظة، إدارة المحفظة بالأهداف لا الأمزجة والاشاعات. إضافة إلى عدم الانسياق وراء اشاعات المضاربين والتأكيد أنهم قالوا: إن السهم (س) سيصل السعر الفلاني لأن لا أحد من المضاربين يمكن أن يبوح بالسعر الذي يستهدفه وإلا لباع المتعاملون قبله، التعلم بأن السوق تحكمها قواعد العرض والطلب، وتوزيع المحفظة على أكثر من نشاط استثماري (أسهما، عقارا، نشاطات أخرى، مشاركات مع الغير إلى آخر ذلك ....)، حيث أننا نرى أن صعود الأسهم شل حركة الأنشطة التجارية الأخرى لا سيما نشاط العقار، وتراجع الأسهم قد يعيد التوازن للحركة الاقتصادية من خلال إعادة توزيع استثمارات المحفظة. ومع ذلك فقد فتحت الحكومة تحقيقا لمعرفة أسباب الهبوط، ونحن نثمن مثل ذلك العمل لأن السوق جزء من الفعاليات الاجتماعية المهمة التي يجب أن تحظى بالاهتمام، ولكننا نود من مؤسسة النقد ووزارة المالية بعد تحديد أسباب الهبوط أن تضع الحلول، التي منها زيادة الشفافية عبر الإعلان عن أسماء من تزيد حصصهم في الشركات عن 5 في المائة، وأهل السوق يعرفون المضاربين باسمائهم والمستثمرين أيضا، لذلك فأنهم بعد معرفة المالك سيقررون طريقة التعامل مع السهم. السعي في حالة الارتفاع السعري لبيع حصة من الأسهم المملوكة للحكومة في السوق لأن ذلك سيرهق المضاربين، وأنا لست ضدهم ويزيد عمق وقاعدة السوق ويقلل هامش التذبذب، مما يحجم الخسائر والأرباح، كما أنه سيساعد الحكومة في تخفيف ملكياتها للأسهم في إطار سعيها نحو التخصيص. وباختصار فإن معرفة أسباب الهبوط ووضع الضوابط التي تمنع تكراره أهم من التدخل بالشراء.