وزير البترول المصري لـ«الشرق الأوسط»: الارتفاع القياسي لأسعار النفط ليس في صالح الدول المنتجة و«أوبك» لا تستطيع حل المشكلة منفردة

TT

قال وزير البترول المصري المهندس سامح فهمي ان الارتفاع الحاد في أسعار البترول حاليا ليس في مصلحة الدول المنتجة ولا في مصلحة مصر مستقبلا والأفضل الوصول الى مستويات متوازنة للأسعار.

وعدد الوزير الأسباب التي أدت الى بلوغ الأسعار مستويات قياسية وصلت الى 41.5 دولار للبرميل، مؤكداً ان «أوبك» لا تستطيع منفردة تدارك هذه المشكلة فهي تتحكم في 38% فقط من امدادات النفط الخام، وان كان قرارها الأخير في بيروت سيساعد على تهدئة الأسواق.

وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» ان مصر لم تصل بعد لاتفاق مع اسرائيل حول تصدير الغاز اليها واشار قائلا: عندما نصل الى شيء سنعلنه في الحال فليس لدينا ما نخفيه.

وقال الوزير إنه تم الاتفاق مع الجانب السعودي على حل مسألة رسوم الاغراق الخاص بمنتج البولي ايثلين ونسعى حاليا الى حل لمنتج البولي بروبلين، مشيرا في هذه القضية الى ضرورة انشاء سوق عربية مشتركة، تتكامل فيما بينها لتصبح لدينا صناعة حقيقية في مجال البتروكيماويات يستطيع من خلالها العالم العربي الحصول على منتج بأفضل الأسعار قادر على المنافسة.

وأوضح سامح فهمي ان زيادة استهلاك السولار رفعت قيمة واردات مصر منه خاصة بعد أن وصل سعر الطن الى 340 دولارا حاليا، مشيرا الى أن القطاع يغطي السوق يوميا بما قيمته 10 ملايين دولار.

وعن علاقات مصر بروسيا قال الوزير ان الروس ينوون زيادة استثماراتهم البترولية في مصر لتصل الى 400 مليون دولار كما ان مصر تعمل على تنويع قاعدة الشركات العالمية التي تعمل في أراضيها، مشيرا الى زيارة سيقوم بها الى رومانيا قريبا لتوقيع عدة اتفاقيات بترولية، وأوضح الوزير ان فائض قطاع البترول زاد ليقفز من 13 مليار جنيه (أكثر من ملياري دولار) الى 26 مليار جنيه (أكثر من 4 مليارات دولار).

وعن شركة «ثروة» التي انشئت أخيرا قال الوزير انه يريد لهذه الشركة أن تصبح نواة لشركة عالمية في مجالات البحث والاستكشاف وانتاج البترول والغاز. وفيما يلي نص الحوار:

* من خلال مشاركتكم في المؤتمر الوزاري لمنظمة «أوبك» في بيروت وتزامنا مع بلوغ الاسعار النفطية مستويات قياسية وصلت 41.5 دولار للبرميل. برأيك ما الأسباب وماذا بعد بيروت؟

ـ هناك عدة أسباب أدت الى ارتفاع اسعار البترول منها عدم دقة المعلومات والبيانات المتعلقة بالعرض والطلب العالميين ووجود عجز واضح في طاقات معامل تكرير البترول على المستوى العالمي خاصة ان اميركا وأوروبا وحتى آسيا وافريقيا توقفت عن انشاء معامل تكرير جديدة وذلك في اطار اتفاقية كيوتو للحفاظ على البيئة، وهذا أدى بالطبع الى ارتفاع قيمة مبيعات المنتجات البترولية، بالاضافة الى عدم امكانية قيام منظمة أوبك بتدارك هذه المشكلة منفردة حيث انها تنتج أو تتحكم في نسبة 38% فقط من اجمالي الامدادات العالمية من الزيت الخام، كما ان المخاوف من التوترات الموجودة في بعض مناطق الانتاج بالشرق الأوسط وافريقيا واميركا الجنوبية تعد أحد أسباب الارتفاع الذي تشهده الاسعار حاليا ولذلك نحن سعداء بما تم في بيروت لكنه ليس نهاية الطريق وندعو لمزيد من التعاون والتنسيق والحوار بين المنتجين والمستهلكين.

* تدعو دائما الى تحقيق مستويات متوازنة للأسعار مع أن ارتفاع الاسعار في صالح مصر فما هي وجهة نظركم في ذلك؟

ـ الارتفاع في الاسعار منذ سنوات مضت كان يعود بالضرر على مصر نتيجة انخفاض صادراتها وارتفاع استهلاكها وارتفاع فاتورة شراء الغاز من الشريك الأجنبي لاستهلاكه محليا، ولكن بعد تأمين احتياجات الاستهلاك المحلي ودخول بعض المشروعات في الانتاج خاصة لانتاج السولار والبوتاغاز وبعد التوصل الي تعديل بند تسعير الغاز في الاتفاقيات البترولية وزيادة الصادرات أصبحنا في وضع المستفيد من ارتفاع الاسعار، والمؤكد ان في الظروف الحالية والمستقبل القريب ارتفاع الاسعار في صالح مصر لكن ستتأثر الاجيال المقبلة بهذا الارتفاع، لذلك ننظر الى الامام وننادي الآن بسعر متوازن ونحن في موقف أقوى من المستهلك حتى أعطي نفسي مستقبلا أفضل، ففي سعر الغاز مثلا استطعنا أن نحمي أنفسنا من الاسعار العالمية بعد تعديل اتفاقيات الغاز مع الشريك الأجنبي، بحيث أصبح هناك حد أقصى لسعر الغاز 2.65 دولار للألف قدم مكعب، وحدا أدنى في بعض اتفاقيات خليج السويس هو 1.25 دولار بحيث أحصل على صافي من بيع الغاز قدره دولاران في الغالب ولو لم نقم بهذا التعديل لكانت مصر قد أضيرت من ارتفاع الاسعار، ولذلك ليس من مصلحتنا ارتفاع سعر البترول أو الدخول في خلاف مع المستهلك.

* معدل النمو الاقتصادي في أوروبا واميركا لم يتأثر سلبا بارتفاع اسعار النفط. فلماذا الضجة ؟

ـ اميركا واوروبا لديهما معدل نمو مذهل هذا العام وهذا يعني أن الدول كدول واقتصاداتها لم تتأثر ولكن الذي تأثر بارتفاع الاسعار هو المستهلك الصغير كفرد وليس كدولة.

* تزامن ارتفاع اسعار البترول مع حدوث نمو في استهلاك السولار في مصر زاد عن المستهدف بنسبة 5% ودعا ذلك الى اللجوء الى الاستيراد بالسعر الحالي فإلى أي مدى تأثرت فاتورة الواردات البترولية؟

ـ استيراد السولار لم يرتفع ونحن نستورد «شحنات مخففة» وهذه بالطبع ساهمت في رفع فاتورة الواردات واثرت على مواردنا ويكفي أننا نغطي السوق المحلي من السولار بما قيمته عشرة ملايين دولار يوميا.

والمشكلة أن هناك نموا متزايدا في مصر لاستهلاك السولار فالمزارع يستخدم السولار وكذلك مولدات الكهرباء والسيارات التي تعتمد على وقود السولار، ولذا أصبح هناك نموذج جديد في المعيشة وهذا النموذج تغير في ظل وجود سلعة سعرها أرخص من الأخرى وكان لابد للاستهلاك أن يرتفع ولذلك نحن نبذل أقصى ما في طاقتنا لجعل خطتنا تقوم على الانتاج وليس الاستيراد خاصة أن طن السولار وصل الى 340 دولار حاليا.

* ميزان المدفوعات البترولي حقق فائضا يقدر بمئات الملايين من الدولارات هل تتوقعون زيادة في هذا الفائض مستقبلا؟

ـ الفائض يزيد منذ ثلاثة أعوام وذلك لثلاثة أسباب منها زيادة الاسعار وزيادة الانتاج وزيادة الصادرات وهذا المثلث متحقق حاليا، حيث ارتفعت صادرات القطاع من الزيت الخام والمنتجات البترولية والبتروكيماوية والغاز الطبيعي من 16.5 مليون طن عام 2003/2002 قيمتها 3.4 مليار دولار الى ما يقدر بحوالي 19 مليون طن عام 2004/2003 قيمتها 4 مليارات دولار والمتوقع زيادة كمية الصادرات في عام 2005/2004 الى 27 مليون طن شاملة 5 ملايين طن صادرات الشريك الأجنبي قيمتها 5.4 مليار دولار.

* سعر صرف الدولار تراجع أمام الجنيه في الفترة الحالية لعدة اسباب منها ما يوفره القطاع من عملات صعبة ولكن تقولون ان فاتورة الواردات تأثرت سلبا بارتفاع الاسعار فهل هذا سيمثل ضغطا على موارد الدولة من الدولار ويهز السوق؟

ـ كلا.. إذ لو عدنا الى تاريخ قطاع البترول نجد انه كان قطاعا مستهلكا للطاقة ولكن بعد الاكتشافات التي ظهرت في فترة الستينيات وتنمية هذه الاكتشافات في بداية السبعينيات المعادلة تغيرت.. أصبحت الدولة تنتج الزيت وتصدر الزيت ثم تنتج الغاز وتقوم بتسييله وتصديره لكن هذا النموذج يتغير حسب الظروف وكل سنة لها أرقامها لكن هذه الارقام في تحسن سنة بعد سنة.

* هناك موضوع شائك ونود أن نستوضح موقفكم منه وهو تصدير الغاز لاسرائيل. هناك كلام حول التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية لتصدير الغاز..ما الحقيقة بالضبط؟! ـ الحقيقة انه لم يحدث اتفاق حتى الآن وعندما نصل الى شيء سنعلنه في الحال فليس لدينا ما نخفيه علما بإن هناك دولا تسارع للتصدير الى اسرائيل.

* لوحظ اهتمام مصر بالاتجاه للمعسكر الشرقي أخيرا.. فهل سيعزز ذلك التعاون مع الشركات الروسية على حساب مستوى التعاون مع الشركات الغربية؟

ـ الروس يعودون الى مصر بكثافة ولكن ليس على حساب الشركات الأوروبية فنحن نريد تنويع قاعدة الشركات العالمية العاملة في مصر، وقد لاحظت من خلال محادثاتي مع رئيس شركة «لوك أويل» الروسية انهم ينفقون استثمارات كبيرة لشراء محطات بنزين في اميركا وأوروبا وفي تركيا اشتروا محطات بنزين ومعامل تكرير ويريدون الدخول في صناعة قوية لتجارة الغاز ولعب دور مؤثر في المنطقة.

* كم حجم الاستثمارات الروسية في مصر؟

ـ الروس ينوون زيادة الاستثمارات في الفترة المقبلة لتصل الى 400 مليون دولار ورفع نسبة مساهمة شركة لوك أويل في مختلف مجالات صناعة البترول المصرية فقد وقعنا في يونيو (حزيران) الماضي اتفاقيتين بتروليتين في منطقتي شمال شرق وغرب جيسوم وتقوم الشركة حاليا بتنمية أعمالها في منطقة امتياز غرب عش الملاحة حيث يبلغ انتاجها اليومي حوالي 14 ألف برميل، وسأتوجه قريبا الى رومانيا لتوقيع عدة اتفاقيات بترولية.

* هناك شد وجذب بين مصر والسعودية في مسألة رسوم الاغراق على بعض منتجات البتروكيماويات من البولي ايثيلين والبولي بروبلين.. هل توصلتم الى حل لهذه المشكلة؟

ـ توصلنا الى حل لمشكلة الايثلين والثانية في طريقها الى الحل، المشكلة تأتي من ان البولي ايثلين له أربعة اسعار مختلفة نتيجة تعدد نوعياته. فهناك جزء نحن ننتجه له سعر وجزء لا ننتجه له سعر آخر، والجزء الذي ننتجه ويستهلك محليا له سعر وما يصدر منه له سعر مختلف وهناك بعض الناس تأتي بنفس النوعية التي انتجها بسعر آخر تكلفته أكثر أو أقل وتكون عندي أربع اسعار وهذه هي التي صنعت المشكلة في هذه المسألة. أنا من انصار أن الدول العربية تتفق وتتكامل في صناعة البتروكيماويات، نحن نريد أن تتشكل سوق مشتركة في صناعة البتروكيماويات بحيث نصل تدريجيا الى ان يحصل العالم العربي على منتج بأقل سعر ممكن والسوق العربية المشتركة هي في أجندة الرئيس مبارك الرئيسية عند أي اجتماعات عربية سواء ثنائية أو على مستوى القمة لأنها الأمل الوحيد لرفع ضغط الاسعار من على المواطن المصري أو العربي.

* ذكرتم ان القطاع يتحمل دعما بأكثر من 22 مليار جنيه (أكثر من 3.5 مليار دولار) وبما أن الدعم هو الفرق بين سعر التكلفة وسعر البيع، فهل هذا يعني ان شركات البترول المصرية تحقق خسائر؟

- لا ليس هذا بالضبط.. باختصار نقول ان فوائض قطاع البترول تزيد، وقد تضاعف هذا الفائض في الخمس سنوات الأخيرة ليقفز من رقم 13 مليار جنيه الى 26 مليارا تقريبا، ونحن نستخدم جانبا كبيرا من هذه الفوائض في الانفاق على فارق البيع والتكلفة وهذا الفائض زاد نتيجة زيادة النشاط الاستكشافي والاستخراجي والانتاجي والتصديري الذي يجلب عملة صعبة وكان من الصعب أن نغطي هذا الدعم إلا من خلال مواردنا الذاتية وما نحصل عليه من فوائض كل عام.

* شركة «ثروة» التي انشأتها مصر حديثا هل ستعتمد على خبراء من الخارج والاستثمارات هل ستكون محلية أم خارجية؟

ـ شركة ثروة نحاول ان نجعلها نواة لشركة عالمية في البحث والاستكشاف ولانتاج البترول والغاز وحتى تكون شركة عالمية كان من اللازم أن تتمتع بالظروف الجيدة لحالة الاستثمار في مصر، منحناها فرص الحصول على مناطق جيدة للبحث والاستكشاف داخل مصر ولها كل الصلاحيات في عقد اتفاقيات مع الدول العربية المحيطة بنا والدول الافريقية واعطيناها صلاحية الاستعانة بأفضل الخبراء في مصر في عمليات البحث ولو احتاجت لخبير أجنبي أو عالمي في الدراسات السيزمية فما الذي يمنع ذلك. نحن نريد لها أن تنطلق، وبخصوص الاستثمارات لديها استثمارات مصرية جيدة جدا لكن في الوقت الحالي الشركات المشتركة «تعمل اقتصاد» وليس بترول فقط لذا هناك فترة لم نكن نفهم كيف تعمل هذه الشركات ولكن بعد الاحتكاك وزيادة العلاقات مع الشركات الاجنبية بدأنا نفهم نموذج عمل هذه الشركات وهو النموذج الذي يجمع الاقتصاد والاسهم والقروض والبنوك لذلك نحاول أن نجعل ثروة تصل الى هذا النموذج العالمي حتى تصل الى بر الامان وتكون شركة نفتخر بها.