معرض «اوتو تشاينا 2004» في بكين يحتفل بموقع الصين المميز على خريطة صناعة السيارات

TT

ثمة حقيقة ساطعة اليوم في أوساط صناعة السيارات هي ان «المارد الأصفر» الصيني نهض من سباته الطويل، وأضحت الصين أسرع أسواق السيارات نمواً في العالم. ولئن كان البعض بحاجة الى تأكيد هذه الحقيقة فها هو معرض «اوتو تشاينا 2004» الدولي للسيارات الذي استضافته العاصمة الصينية أخيراً يؤكدها بقوة. ان المنظر التقليدي المألوف لشوارع المدن الصينية، وقد سادت فيها الدراجات مع الالاف المؤلفة من المشاة، يتلاشى شيئاً فشيئاً ويحل محله في «صين القرن الـ21» مشهد ازدحام المرور في المدن الكوزمووبوليتانية الكبرى، كشانغهاي وبكين وغوانغتشاو (كانتون) وشينيانغ.

لقد كانت النهضة منتظرة لكنها جاءت ببطء بالتوازي مع التطورات السياسية والتكنولوجية التي عاشتها الصين وعايشتها خلال العقود الست الفائتة. ولا شك ان الانفتاح الاقتصادي في حقبة ما بعد «الثورة الثقافية» المتزمتة، تحت رعاية دينغ هسياو بينغ اعتباراً من عام 1985 لعب دوراً مهماً في تعزيز القطاع الاستهلاكي، وظهور الثروات الخاصة والاقبال على الكماليات وتقبل الترف والاستمتاع به. كذلك أسهم تسارع ايقاع الهجرة من الأرياف الى المدن، وتحسن شبكة المواصلات، في ايجاد أرضية تسمح بنمو قطاع السيارات، بعدما كانت شبكة الطرقات محدودة جداً بالنسبة لدولة بضخامة الصين. فعام 1920 يقدر ان طول شبكة الطرقات المعبدة بلغ 2000 ميل فقط. ثم ازداد الى 25 الف ميل بحلول عام 1937 . هذه الاحصائيات الآن باتت من الماضي. وبكين، التي نظمت معرضها الأول عام 1990، تتأهب اليوم لكي تنافس قريباً جداً، بمعرضها الدولي الكبير، مدن معارض السيارات العالمية الكبرى مثل ديترويت وجنيف وفرانكفورت وباريس وطوكيو.

لقد استقطب «اوتو تشاينا 2004»، أكثر من 1500 شركة صانعة للسيارات والمركبات وقطع الغيار وكل ما يتصل بهذه الصناعة الأساسية الحيوية، وتصدر الحضور أكبر الصانعين الأميركيين والأوروبيين واليابانيين والكوريين. وهذا الاهتمام متوقع وطبيعي جداً بالنظر الى النمو السريع لمبيعات السيارات في أكبر دول العالم من حيث عدد السكان وأسرعها انفتاحاً المجتمع الاستهلاكي. فقد ارتفعت مبيعات السيارات في الصين خلال العام الماضي بنسبة 34 % الى 4.4 ملايين سيارة ومركبة متجاوزة بذلك حجم السوق الالمانية لتحتل المرتبة الثانية عالمياً خلف الولايات المتحدة. الا ان التغير نحو الأفضل لا يقتصر على الكم بل يشمل الآن النوع، ذلك ان العديد من الطرازات والماركات الفاخرة تسجل اليوم حضوراً لافتاً جداً. فبين الحاضرين بقوة مرسيدس بنز وماركتها الشقيقة الفائقة الفخامة مايباخ، وكذلك قسم كاديلاك الفاخر من جنرال موتورز الذي أطل على السوق الصينية هذا الشهر فقط، في حين فتحت فيراري ماركة السيارات الايطالية الرياضية الفائقة الفخامة صالة بيع لها في الفترة الأخيرة في مدينة شانغهاي، واجهة الصين التجارية والانفتاحية على العالم.

* التوسع الاستثماري مستمر

* وأبان المعرض، وعلى هامشه، تسابقت الشركات العالمية الصانعة على اعلانها مزيد من التوسع في الاستثمار الصناعي والتسويقي في الصين. اذ اعلنت مجموعة فولكسفاغن الألمانية يوم الخميس الماضي عن افتتاحها مصنعاً جديداً خلال العام المقبل في شانغهاي لتعزيز طاقتها الانتاجية وتلبية تزايد الطلب في السوق.

ولقد رصدت فولكسفاغن، التي تعد أكبر لاعب دولي في سوقع السيارات الصيني بحصة 30 % منه، مبلغ 200 مليون يورو (240 مليون دولار أميركي) لتشييد المصنع الجديد وتأهيله. ايضاً جنرال موتورز أعلنت انها تخطط لاستثمار 3 مليارات دولار في الصين خلال السنوات الثلاث المقبلة. وتنوي الشركة الصانعة الأكبر في العالم طرح 20 طرازاً جديداً في السوق بينها طرازات من ماركة كاديلاك، كما تخطط لرفع طاقتها الانتاجية في الصين الى مليون و300 الف سيارة ومركبة بحلول عام 2007.

وكانت مجموعة دايملر كرايسلر وشركتا هيونداي وكيا قد اشارت في وقت سابق الى اعدادها العدة لفتح مشاريع تصنيعية مشتركة في الصين مع شركاء محليين، وعلم ان دايملر كرايسلر بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروع لتصنيع سيارات مرسيدس بنز وكرايسلر في العاصمة بكين.