الكويت تستضيف مؤتمرا يبحث سياسات الإدارة المتكاملة للموارد المائية في دول مجلس التعاون خلال نوفمبر المقبل

TT

تستضيف الكويت في الفترة من 19 إلى 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل مؤتمر الخليج السابع للمياه الذي يعقد بشكل دوري كل عام في إحدى دول مجلس التعاون الخليجي. وستتركز أوراق هذا المؤتمر على السياسات والاستراتيجيات التي توصل دول المنطقة إلى اتباع نظم إدارة متكاملة لمواردها المائية، والأساليب والخيارات المتاحة لتقليل الفجوة بين إمدادات المياه وبين الطلب عليها في دول المجلس. ومناقشة التشريعات الخاصة بموارد المياه الجوفية وحقوق الإنتاج .

وقال مدير إدارة موارد المياه في معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور محمد فهد الراشد لـ«الشرق الأوسط» إن دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد بنسبة 95% من حاجتها للمياه على مياه التحلية تعاني من مشكلة سوء إدارة لمواردها المائية. مشيراً إلى أن الموارد المائية تشمل المياه التي يتم تحليتها والمياه الجوفية ومياه الصرف الصحي .

وذكر الدكتور الراشد أن سوء إدارة الموارد المالية في دول المجلس سببها عدم وجود إدارة متكاملة لتلك الموارد وذلك نتيجة تشتتها في أكثر من وزارة وهيئة. وقال إن دول المنطقة تعاني من مشكلة هدر المياه، وأن رخص تكلفة المياه على المستهلك تعتبر العامل المشجع على الهدر مع العلم أن تكلفة تحلية المياه مرتفعة علىالدولة، فعلى سبيل المثالتصل تكلفة تحلية ألف غالون من مياه البحر على حكومة الكويت 10 دولارات، وتبيع الحكومة الألف غالون للمستهلك بمبلغ دولارين فقط .

وقال إن الكويت سجلت ارتفاعاً كبيراً غير مبرر في استهلاك المياه خلال الفترة الممتدة من عام 1991 وحتى هذا التاريخ وقد تركّز الاستهلاك في القطاع المنزلي 70% وفي هذا القطاع تذهب معظم هذه المياه إلى الاستخدامات خارج المنزل وهي استخدامات كمالية لا تراعي ترشيد المياه مثل ري الحدائق المنزلية وغسيل السيارات بالخراطيم وغسيل الأفنية، حيث تستهلك هذه الاستخدامات 80% من الاستهلاك المنزلي. ومن الممكن تغطية هذه الاستخدامات المنزلية الخارجية من مصدر أقل تكلفة، وهو مياه الصرف الصحي المعالجة معالجة متطورة بالتناضح العكسي تمت تجربتها بواسطة معهد الكويت للأبحاث العلمية، وبناءً عليه يجري بناء أكبر محطة لإنتاج هذه المياه في الصليبية بواسطة القطاع الخاص والتي سوف تُنتج بشكل تجريبي بعد ثلاثة شهور وبكامل طاقتها مع نهاية هذا العام مما سوف يوفر 56% من الاستهلاك الكلي للمياه العذبة في حال استخدام المياه المُنتَجة للأغراض المنزلية الخارجية.

وقال إن معدلات الاستهلاك الحالية لم تكن مفاجِئة حيث تم توقعها من خلال دراسة قام بها المعهد بتمويل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وتم تزويد وزارة الطاقة بنتائجها حيث تمت الدراسة باستخدام النمذجة الرياضية وحتى عام 2020. وقد بدأ المعهد ومنذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي، بتعاون ودعم وزارة الطاقة وكذلك الدعم المادي من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، بالعديد من الأبحاث في مجالات تطوير تقنيات تحلية أقل تكلفةً وأكثر إنتاجاً مثل تقنية التناضح العكسي والتي أثبتت فعاليتها في العديد من دول الخليج العربي وجار العمل في تطوير تقنيات أخرى يمكن ربطها بالتقنية الحالية المستخدمة في الكويت، وهي تقنية التطاير الفجائي متعدد المراحل أو ربطها بتقنيات أخرى جديدة بما يُسمى بتقنيات التحلية المترابطة أو الهجينة. كما قام المعهد ويقوم بالمشاريع البحثية الرامية لحسن إدارة وتطوير الموارد المائية مثل المشاريع التجريبية لتكوين مخزون استراتيجي من المياه العذبة في مكامن المياه الجوفية، ويتميّز هذا المخزون بالأمان من التلوث والتخريب والسعة الكبيرة التي تكفي لفترات الطوارئ الطويلة، إضافةً إلى التكلفة المناسبة، وهي خصائص من الصعب توفرها مجتمعةً في الخيارات الأخرى.

وذكر الدكتور محمد فهد الراشد أن بعض الدول الخليجية بدأت مؤخراً بالتوجه الجاد لهذا الخيار لتطوير مواردها المائية الطبيعية المحدودة. ومن الممكن مساعدة متخذ القرار بالعديد من تقنيات دعم القرار باستخدام النظم والبرامج الحاسوبية التي تم ويتم تطويرها بالمعهد والتي تساعد على إدارة الموارد المائية بالدولة من خلال نظرة متكاملة لهذه الموارد والاستخدام الأمثل لكل مورد ضمن سيناريوهات مختلفة وتأثيرات كل سيناريو على المدى القصير والمتوسط والطويل بحيث لا تحدث مفاجآت تربك القطاع المُنتج والمُستهلك على حد سواء.

وعن الحلول الآنية المقترحة لحل الأزمة الحالية قال الدكتور الراشد إنها تتمثل في التطبيق الفوري لنظام تحصيل فعًال يلزم المستهلكين بدفع مستحقات استهلاكهم للمياه ويراعي ذوي الدخل المحدود. والقيام بحملة توعية مدروسة تشارك في إعدادها كافة الجهات ذات العلاقة. والسعي الجاد لتطبيق نظام الشرائح لتعرفة استهلاك المياه بما لا يمس المستهلك الواعي.

أما على المدى المتوسط والطويل فهناك حلول أهمها تشكيل مجلس أعلى للمياه لوضع تقويم استراتيجية الدولة للمياه والتي يجب أن تتسم بالعمق وتتناول البعد الزمني المتوسط والطويل الأمد. وإعادة تقييم الموارد المائية القابلة للاستهلاك. وتطوير طرق إنتاج وتوزيع واستهلاك المياه بأسلوب متكامل واقتصادي، وانتهاج البحث العلمي وتشجيع تطبيقاته فيما يتناسب مع الظروف المحلية. وتقنين المياه المستهلَكة في الزراعة وترشيد طرق الري. وتطبيق الإدارة المتكاملة لموارد المياه للبت في قضايا المياه من منظور شامل يأخذ بعين الاعتبار التداخلات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسية والتشريعية والبيئية.