مصر: قطاع المعاملات المصرفية الإسلامية مكبل وضعف التشريعات وانتشار البيروقراطية يمنعان تطوره

TT

القاهرة ـ رويترز: ارادت أمل حسين ربة المنزل المصرية فتح حساب في بنك اسلامي يلتزم بقواعد الشريعة الاسلامية في معاملاته المالية الا انها فوجئت بالطوابير الطويلة والخدمات المحدودة. وقالت أمل قبل ان تودع اموالا باحد البنوك التجارية التابعة للدولة «البنوك الاسلامية طوابيرها طويلة لان عدد الموظفين غير كاف كما انها لا تقدم في الحقيقة الخدمات التي تعلن عنها». وربما كانت مصر بغالبية سكانها المسلمين مناخا جذابا للبنوك الاسلامية التي لا تتعامل بالفائدة مثل البنوك التقليدية وانما تركز بدلا من ذلك على المشاركة في الارباح والمخاطر.

الا ان البنوك الاسلامية تعمل على هامش نظام مصرفي تهيمن عليه الدولة، فلا توجد منها سوى ثلاثة بنوك في الوقت الذي توسع فيه الكثير من البنوك التجارية من قواعد التعامل مع الجمهور.

ويقول المحللون ان اللوائح المصرفية لم تتطور لتتواكب مع المؤسسات الاسلامية، ويشير البعض الى ان الحكومة تحجم عن تشجيع البنوك التي قد تدعم المعارضين الاسلاميين.

ويقول اقتصادي مصري ان العقبات البيروقراطية التي تعرقل البنوك الاسلامية سببها الحكومة التي تساورها الشكوك بشأن ما قد تعتبره قناة تمويل لجماعات تسعى لتغيير النظام الحاكم.

وقال عبد الحميد الغزالي استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة «تقيد الحكومة المصرية انتشار البنوك الاسلامية بسبب تقارير الاعلام الغربي عن ان البنوك الاسلامية هي الجانب الاقتصادي للحركة الاسلامية وانها تساعد في تمويل انشطتها». واضاف ان السلطات المالية في مصر تمنع فتح فروع للبنوك الاسلامية وتخضعها للقواعد نفسها التي تخضع لها البنوك التقليدية والتي هي غير مناسبة لمؤسسات تعمل بدون فائدة.

ولم يمكن الاتصال بمسؤولين بالبنك المركزي المصري او وزارة المالية للتعليق.

وقال محلل ان الطلب مرتفع في مصر على البنوك الاسلامية الا ان ضعف التشريعات وانتشار البيروقراطية يحولان من دون تلبية هذا الطلب.

واضاف «عندما يفتح بنك تابع للدولة فروعا للمعاملات الاسلامية تعرف على الفور ان هناك طلبا مرتفعا. لو كانت البيروقراطية اقل في مصر ولو تحسن المناخ التشريعي لانتعشت البنوك الاسلامية بسرعة كبيرة هنا. فهناك طلب كبير». وامام فرع للمعاملات الاسلامية يتبع احد بنوك الدولة قال محمد فوزي قبل ان يصرف شيكا حكوميا انه يفضل التعامل مع الانظمة المصرفية الاسلامية.

وتابع وهو ينتظر دوره في البنك «من المهم بالنسبة لي ان البنك الذي اودع فيه اموالي يدار وفقا للشريعة الاسلامية. اريد ان اتأكد من انها لا تدار بطريقة لا استطيع تبريرها امام الله في الاخرة». ويقول بنك «اتش.اس.بي.سي» الذي يدير مؤسسة للمعاملات الاسلامية يطلق عليها اسم «أمانة فاينانس» ان قطاع الخدمات المالية الاسلامية في العالم يدير استثمارات بقيمة 250 مليار دولار وانه ينمو بما بين 10 و15 في المائة سنويا.

وقال مسؤول ببنك فيصل الاسلامي أحد البنوك الاسلامية الثلاثة العاملة في مصر «نحقق نموا سريعا منذ بدأنا نشاطنا في 1979 وما زال المزيد والمزيد يأتون الينا لفتح حسابات... يتجه المسلمون الى المصارف الاسلامية والسوق في مصر ضخمة للغاية». لكن المحللين يقولون ان هناك قيودا تحد من النمو. وفي هذا السياق قالت مروة الشيخ المحللة المصرفية في المجموعة المالية المصرية ـ هيرميس بالقاهرة «يحتاج قطاع المصارف الاسلامية الى الابتكار. فالبنك يجب ان يعرف كيف يصمم منتجات جديدة وان تكون لديه مهارات ادارية استراتيجية قوية. هذه الامور ليست متطورة كثيرا في مصر». وقال هارون احمد مدير الاستراتيجية والتخطيط في «امانة فاينانس» لرويترز عبر الهاتف من دبي ان اللوائح غير المناسبة هي احد الاسباب التي جعلت المؤسسة تحجم عن تقديم خدمات مالية اسلامية في مصر.

واضاف «البنك المركزي الماليزي يضع معايير عندما يتعلق الامر بالمصارف الاسلامية. أما مصر فلم تصل الى هذه المرحلة». وقال احمد ان امانة فاينانس رأت أن صورة المعاملات المالية الاسلامية في مصر تأثرت بفضيحة شركات توظيف الاموال في الثمانينات والتي كانت تروج لنفسها باعتبارها مؤسسات استثمارية اسلامية.

ويقول محللون ان كثيرا من المصريين المحدودي الدخل عانوا من الخسائر التي تكبدتها شركات توظيف الاموال بعد وعود بعائدات للمودعين تصل الى 25 في المائة.

ويضيف احمد ان بنك «اتش.اس.بي.سي» كان يستهدف بمنتجاته المصرفية الاسلامية عند طرحها قطاعا كبيرا من الطبقة المتعلمة فوق المتوسطة ممن لديه اموال يريد استثمارها.

وتابع «في 1998 كان لدى ماليزيا والسعودية والامارات هذا النوع من العملاء المستهدفين. لم تكن مصر في المقدمة».