عصر الرسوم الرمزية والأضواء في تطور لوحات القيادة

TT

كما يلاحظ مشترو السيارات الجديدة هذه الأيام، ولى عصر الكتابات على العدادات وازرار التحكم ومقابض التسيير في لوحات القيادة...وحلت محلها الرسوم الرمزية والأضواء الملونة التي تعرّف وترشد وتنبه.

هذه النقلة منطقية جداً في خضم »عولمة« السوق التي لا بد لها من تجاوز اللغة المحلية، ومن ثم اعتماد الرموز التي يفهمها الجميع في رياح الدنيا الأربع، فضلاً عن أن هذا الشكل من ترجمة «عولمة» سوق السيارات يوفر على الشركات الصانعة إضاعة المال والجهد الذي كان سيبذل في مخاطبة كل زبون بلغته.

ولكن ثمة مشكلة...

فقد يستعصي على البيان فهم الرسوم الرمزية واستيعاب القصد من ضوء بلون معين من دون الاستعانة بكتيب الشرح الذي تدسه الشركات الصانعة في صندوق حفظ الأوراق والوثائق في لوحة القيادة. مع ان الشركات الصانعة التي باشرت باستخدام الرسوم والاضواء قبل عقد من الزمن ترى ان الزبائن الذي اعتادوا على الرسوم الرمزية في كومبيوتراتهم وهواتفهم الجوالة يتعاملون معها الآن بيسر وراحة تامة في سياراتهم. وهنا يشرح كريس غامبل مدير قسم جودة التصميم الداخلي في شركة جنرال موتورز، أكبر الصانعين في العالم، ان الأمل الذي يراود الشركات الصانعة على الدوام هو التطوير المستمر لرموز يسهل فهمها.

هذا السعي لتسهيل تفاعل المشتري مع الرسوم الرمزية في سيارته مؤشر ايجابي للغاية لأن أعداد السيارات المزودة بأنظمة ملاحية وتحكم جرّي وتجهيزات إلكترونية في ازدياد، ولأن الاستعانة بالرسوم والأضواء جزء لا يتجزأ من هذه الظاهرة المتنامية.

وحقاً، كما نرى في السيارات الجديدة غابت كلمات مثل «المصابيح الأمامية» و«بوق التنبيه» (الكلاكس) و«نظام تكييف الهواء» واستعيض عنها برسم مصباح مضاء أو رسم لبوق او نفير ورسم رمزي لجزيئية الثلج. ثم ان قلة من مستخدم السيارات يستعصي عليها ما هو المقصود برسم مضخة (طلمبة) البنزين على عداد الوقود.

هذه الرسوم الرمزية معدودة ضمن 162 رسماً رمزياً اعتمدتها «المنظمة الدولية للمعايير» the International Organization for Standardization وحظيت عموماً بموافقة جميع الشركات الصانعة لتكون الرموز البديلة المعتمدة للكلمات. وتجدر الاشارة الى ان هذه المنظمة المعروفة عالمياً باسم «ايزو» ISO التي تعني «التساوي» باللغة اليونانية، تتكون من مجموعة من مؤسسات القياس والمعايير في 148 دولة تعمل معاً لتطوير معايير تقنية معممة ومشتركة ومقبولة عالمياً في كل مجالات الصناعة بما فيها، بطبيعة الحال، صناعة السيارات. واليوم، في صميم اهتمام «ايزو» دفه صناعة السيارات نحو اعتماد رموز تستخدم في كل دول العالم.

في الولايات المتحدة، كانت «الادارة الوطنية لسلامة المرور على الطرقات السريعة» قد فكرت اعتماد معايير «ايزو» وجعلها الزامية. الا ان «الادارة» وفق أحد كبار مسؤوليها تراجعت عن موقفها «أمام اعتراض بعض الجماعات التي قالت انها لن تتبنى جميع الرموز بحجة انها لا تفهم بالسليقة وان كثيرين لن يستوعبوا ما ترمز اليه».

حالياً، «الادارة» تعتمد 32 رسماً رمزياً من معايير «ايزو»، كلها مرتبطة بمسألة السلامة ويجب استخدامها في السيارات المبيعة في الولايات المتحدة ما لم تكن الكلمات مستخدمة. أما بخلاف ذلك، فقد تركت للشركات الصانعة الحرية في تقرير اي رموز يرغبون في اعتمادها، وكيف يكون تصميمها.

مع هذا، يلاحظ المتابعون ان الرسوم الرمزية تتعمم أكثر وتضبط معيارياً أكثر فأكثر بمرور الوقت، وان كان بعض الخبراء مثل ديفيد تشامبيون، رئيس قسم اختبار السيارات في مجلة «كونسيومر ريبورتس» الأميركية المرموقة، يدعون لمزيد من الحرص «على ان تكون الرموز بديهية الرسالة وسليقية الفهم لكي يستوعب الكل ما ترمي اليه». وفي حين يرى غاري برادوك أحد كبار مسؤولي التصميم في شركة فورد ان «الغاية النهائية يجب ان تكون وصول الرسالة الى المتلقي»، يتوقع دوغلاس كيزور، رئيس قسم تصميم وسائل الاتصال في كلية الدراسات الابتكارية في مدينة ديترويت (بولاية ميشيغن الأميركية) ان تطغى الرموز والرسوم على جميع أنظمة الاتصالات والملاحة في السيارات. وهو ييؤمن بان «البيئة ستفرض مزيداً من الحاجة الى تصاميم سهلة التعبير والفهم...ولكن مع الأسف ما زالت الشركات الصانعة تقصر أحياناً في بلوغ هذا الهدف».

*(خدمة «يو اس آيه توداي» / «تريبيون ميديا سيرفيسيز انترناشونال»)