ارتفاع أسعار النفط مصدر مكاسب وقلق للمستثمرين وسط توقعات أن يصل سعر البرميل إلى 50 دولارا

TT

لندن ـ رويترز: لا يمثل ارتفاع أسعار النفط مجرد مصدر قلق للمستثمرين الذين يخشون من أن ترفع معدل التضخم وتؤثر على النمو الاقتصادي، الا انه يمثل ايضا فرصة للاستثمار. ويقوم عدد كبير من المستثمرين بتعديل محافظ اوراقهم المالية للاستفادة من مجموعة كبيرة من الاوراق المالية التي قد تنتعش بشكل مباشر أو غير مباشر نتيجة ارتفاع سعر النفط الى مستوى يدور حاليا في فلك 40 دولارا للبرميل.

وتتراوح هذه الاوراق المالية بين اسهم شركات النفط التي تشهد ارتفاعا في الدخل والارباح وصكوك دين دول ناشئة تحسنت موازينها الحسابية بل وايضا صكوك التعامل في العملات.

وعلى سبيل المثال زادت شركة بايونير انفستمنت الايطالية للاستثمار في الآونة الاخيرة من تعرضها قصير الاجل للكرونة النرويجية على حساب الجنيه الاسترليني محتجة بان ارتفاع اسعار النفط كان هو السبب وراء ذلك. وتسلك اسعار النفط اتجاها صعوديا في الآونة الاخيرة وسط قلق ازاء الامدادات.

ورغم ان مستوى اسعار النفط لا يقارن بمستويات سابقة اذا ما تم تعديله وفقا لمعدل التضخم الا ان المستثمرين قلقون من احتمال ان يقوض هذا المستوى الاقتصاد العالمي. ويجري الدفع بان اسعار النفط الاعلى تقلص انفاق المستهلكين وتخفض ارباح الشركات وتدفع التضخم واسعار الفائدة صعودا. وهي مسؤولة جزئيا عن الضعف الذي شهدته بورصات الاسهم العالمية في الآونة الاخيرة. وتقول شركة اي.ان.جي انفستمنت مانجمنت الهولندية للاستثمار ان ارتفاع اسعار النفط لفترة طويلة عامل خطر رئيسي بالنسبة للاقتصاد العالمي.

وبعيدا عن المخاوف المتعلقة بالاقتصاد الكلي فان بعض المستثمرين يجدون في اسعار النفط المرتفعة مصدر سعادة بالاستثمار في صكوك تبلي بلاء حسنا مع ارتفاع اسعار النفط. والقطاع البديهي بين الاسهم هو قطاع شركات النفط الذي يمكن ان يحقق مكاسب مع ارتفاع اسعار الخام.

فعلى سبيل المثال ارتفع مؤشر ستاندارد اند بورز لاسهم شركات الطاقة 15.6 في المائة هذا العام وزاد نحو 3 في المائة في يوليو (تموز) الماضي بينما استقر مؤشر ستاندارد اند بورز الاوسع نطاقا الذي يشمل اسهم 500 شركة كبرى من دون تغيير هذا العام وفقد 3.4 في المائة في يوليو الماضي. ودفع هذا الاداء الجيد مستثمرين مثل مارك جلازنر مدير صندوق الاستثمار التابع لمجموعة روبيكو الهولندية الى زيادة نسبة الاستثمار في قطاع النفط. وفضل الاستثمار على وجه الخصوص في شركات خدمات النفط مثل شركتي شولمبرجر وسميث انترناشونال الأميركيتين اللتين يزيد حجم عملهما مع زيادة انشطة التنقيب.

وبالمثل فان مايكل جيفورد مدير اثنين من صناديق الاستثمار في الاسهم بشركة «اي.اس.اي.اس أسيت مانجمنت» البريطانية يستثمر حاليا نسبة 10 في المائة من اجمالي رأسمال الصندوقين البالغ 260 مليون جنيه استرليني (475.3 مليون دولار) في شركتي نفط اثنتين فقط هما شركة شل وشركة بي.بي. ويتوقع جيفورد احتمال ان تصل اسعار النفط الى 50 دولارا للبرميل اذا استمر تذبذب الامدادات والقلق من تعطلها ومن شأن ذلك ان يدفع ارباح شركات النفط الى مستويات اعلى. وقال «ان تحقيق ذلك امر يسير». واضافة الى قطاع النفط فان المستثمرين يبحثون عن الاسهم التي تتكيف بشكل جيد مع اسعار النفط الاعلى او التضخم الذي سيواكبه على الارجح. وعلى سبيل المثال يبحث مديرو الصناديق في شركات مثل بايونير ونورذرن تراست الأميركية للاستثمار عن قطاعات يمكن ان تصعد اسعار اسهمها بالتبعية مثل شركات المعادن.

وعلى العكس فان شركات مثل شركات الطيران لا تحظى بالاهتمام نتيجة الضغوط التي تفرضها اسعار النفط المرتفعة على ارباحها. وفي نفس الاطار فان اسعار النفط الاعلى وزيادة التضخم تجعل بعض صكوك الدين مثيرة للاهتمام. فعلى سبيل المثال اهتمت شركة «بي.اي.ام.سي.او» عملاق التعامل في السندات بالاستثمار ضمن صكوك اخرى في السندات الأميركية المتوافقة مع التضخم. ويوفر في الوقت نفسه النفط مرتفع السعر درع حماية لبعض من اكثر الصكوك تقلبا في العالم وهي سندات الاسواق الناشئة محافظا على جاذبيتها رغم المخاطرة والقلق من الاضطرابات الاقتصادية.

وبدلا من الهروب من الاسواق الناشئة يستثمر كثيرون بنشاط في صكوك دين دول غنية بموارد الطاقة ستستفيد من ارتفاع اسعار النفط. وعلى سبيل المثال فان الاهتمام ما زال مستمرا بروسيا الغنية بالنفط رغم القلق بشأن ازمة شركة يوكوس عملاق النفط الروسي التي تنتج خمس انتاج روسيا من النفط. وروسيا شأنها في ذلك شأن دول مصدرة للنفط مثل المكسيك وماليزيا ونيجيريا وقطر المنتجة للغاز.

وقال دومنيك اودين مدير محفظة صكوك الاسواق الناشئة في شركة بكتيت اسيت مانجمنت «عندما ترتفع اسعار النفط فان الحسابات المالية والحسابات الجارية (للدول المنتجة للطاقة) تبدو أفضل حالا وهذا يعزز.. جدارتها الائتمانية». وتابع قائلا انه يفضل حاليا روسيا والاكوادور وفنزويلا ونيجيريا والمكسيك.