أسعار النفط تستعيد مكاسبها وتقفز لمستويات قياسية جديدة بفعل المخاوف بشأن إمدادات «يوكوس»

وزير الخزانة الأميركي جون سنو يعتبر ارتفاع أسعار النفط تهديدا لاستمرار الانتعاش الاقتصادي

TT

قفزت أسعار النفط لمستويات قياسية جديدة، حيث ارتفع برنت لمستوى جديد عند 41 دولارا بفعل المخاوف بشأن يوكوس في وقت قفزت فيه أسعار النفط للتعاقدات الآجلة في بورصة نايمكس بنيويورك اكثر من دولار للبرميل مع تجدد المخاوف بشأن الاوضاع المالية لشركة يوكوس النفطية الروسية العملاقة، وما تشكله من تهديد لقدرتها على التصدير. وبلغ سعر الخام الاميركي الخفيف لعقود سبتمبر (ايلول) مرتفعا 1.07 دولار عند 43.90 دولار للبرميل.

وتعافت اسواق النفط من بعض خسائرها الحادة التي منيت بها أول من امس (الاربعاء) بعد ان ألغت وزارة العدل الروسية اذنا لـ «يوكوس» لاستخدام حساباتها المصرفية لتمويل عملياتها اليومية، مما أذكى المخاوف من ان الشركة ربما تضطر الى وقف تصدير النفط.

وانخفض برنت 94 سنتا عند نهاية التعاملات أول من امس بسبب بيانات مفاجئة عن زيادة مخزونات البنزين الأميركية تلتها تأكيدات أوبك أن لديها ما بين مليون و1.5 مليون برميل يوميا من الطاقة الانتاجية الفائضة. وقدمت روسيا العامل الثالث الذي شجع على البيع بعد أن قالت شركة يوكوس النفطية المنكوبة ان المدعين سمحوا لها باستخدام حسابات مصرفية لتمويل عملياتها الاساسية مما يعني أن صادراتها النفطية البالغة 1.7 مليون برميل يوميا آمنة في الوقت الراهن.

وفي بورصة البترول الدولية بلندن صعد سعر الخام القياس الاوروبي مزيج برنت لعقود سبتمبر (ايلول) 73 سنتا الى 40.43 دولار للبرميل بعد ان هبط امس 94 سنتا. لكنه ظل أقل بأكثر من دولار من ذروته البالغة 40.99 دولار للبرميل التي سجلها أول من أمس وهي أعلى مستوى له منذ عام 1988 عندما بدأ العمل بالعقود الاجلة. وتجاوز ذلك مستوى 40.95 دولار للبرميل الذي سجله وقت أزمة الخليج في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1990. وأرتفع سعر الخام الأميركي الخفيف 42 سنتا الى 43.25 دولار للبرميل بعد انخفاضه بأكثر من دولار عن أعلى مستوياته في 21 عاما الذي بلغ 44.34 دولار للبرميل. وهبط سعر السولار في عقود أغسطس (اب) 7.75 دولار الى 372 دولارا للطن ملاحقا خسائر برنت أمس. وذكرت وكالة أنباء أوبك (أوبكنا) أمس أن سعر سلة خامات أوبك تراجع قليلا أول من أمس الى 39.29 دولار للبرميل من 39.33 دولار يوم الثلاثاء الماضي. ويتجاوز سعر سلة أوبك الحد الاقصى للنطاق السعري المستهدف للمنظمة بين 22 و28 دولارا للبرميل منذ بداية العام الحالي. من ناحيته قال جون سنو وزير الخزانة الاميركي أمس ان ارتفاع أسعار الطاقة العالمية يهدد الانتعاش الاقتصادي الأميركي الذي يسير في اتجاه صحي وتغلب فيما يبدو على تباطوء في شهر يونيو (حزيران) الماضي. وأشار سنو في مقابلة مع محطة بليو.ايه.كي.ار الاذاعية المحلية الى أن أسعار الطاقة تمثل مصدر قلق خاص وسط عناصر اقتصادية أخرى تظهر انتعاشا اقتصاديا عاما مثل ارتفاع مستويات الملكية العقارية وتحسن سوق العمل. ووصف سنو ارتفاع أسعار الطاقة بأنه غير عادي وسلبي وغير مرغوب فيه وقال انه يضر الانتعاش الاقتصادي.

وفي السياق نفسه بدأ المسؤولون والاقتصاديون اليابانيون يشعرون بالقلق من ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية، الا ان معظمهم يقول ان تراجع الاعتماد على النفط والقفزة الاخيرة في الانتاج الصناعي يعني أن بامكان الاقتصاد تحمل ارتفاع تكلفة النفط. ورغم أن من شأن استمرار الارتفاع لفترة طويلة أن يعقد الموقف فيما يتعلق بالاسعار والسياسة النقدية فان الخطر الرئيسي على اليابان هو خطر غير مباشر ناجم عن أي تباطؤ اقتصادي ناجم عن النفط في الولايات المتحدة والصين وهما الوجهتان الرئيسيتان للصادرات اليابانية التي تقود قاطرة الانتعاش. حجم الانتاج أعلى بكثير الان فان تأثير ارتفاع تكلفة الطاقة سيتلاشى تماما».

من جانبه قال أحمد زكي يماني وزير البترول السعودي الاسبق ان مضاربين كبارا هم المسؤولون هذه المرة عن ارتفاع الاسعار ويتوقع بكل ثقة الا تطول فترة هذا الارتفاع. وقال يماني ان المستهلكين في مختلف أنحاء العالم يعانون من اثار موجة الشراء من جانب الصناديق الاستثمارية التي ترى في سوق الطاقة في الوقت الحالي افضل مكان لتحقيق عائد سريع. وأضاف أن أوبك على النقيض من ذلك تبذل قصارى جهدها لدفع الاسعار للهبوط خشية أن يؤثر الارتفاع الشديد في تكاليف الطاقة على النمو الاقتصادي العالمي.

الى ذلك قال تجار آسيويون أمس ان السعودية رفعت سعر البيع الرسمي لصادراتها النفطية من الخام العربي الخفيف الممتاز الى زبائن آسيا لشهر سبتمبر 1.10 دولار الى متوسط سعر خامي عمان ودبي مضافا اليه 4.15 دولار. ورفعت السعودية ايضا المعادلة السعرية لصادراتها من الخام العربي الخفيف الفائق الجودة الى آسيا لشحنات سبتمبر لكنها خفضت اسعار نفوط العربي الخفيف والعربي المتوسط والعربي الثقيل عما كانت عليه في اغسطس. وفي السياق نفسه قال سماسرة أمس ان قطر رفعت بأثر رجعي سعر البيع الرسمي لنفطها الخام البري والبحري لشحنات يوليو (تموز). واصبح سعر البيع الرسمي لشحنات يوليو من خام قطر البري معادل سعر خام عمان مضافا اليه 1.37 دولار وسعر شحنات يوليو من خام قطر البحري معادل سعر خام عمان مضافا اليه ثلاثة سنتات. وبذلك اصبح سعر خام قطر البري لشحنات يوليو 36.85 دولار للبرميل مقارنة مع 35.38 دولار لشحنات يونيو. واصبح سعر خام قطر البحري لشحنات يوليو 35.51 دولار للبرميل مقارنة مع 34.15 دولار لشحنات يونيو. وقال متعاملون أمس ان العراق يعمل على اجتذاب عملاء آسيويين لشراء نفطه الخام بعرض شروط أفضل مما تعرضها دول أخرى في الشرق الاوسط وذلك بعد أن اتجه المشترون الى ايران والسعودية بحثا عن استقرار الامدادات. وأدت سلسلة من الانفجارات في خطوط انابيب الشهر الماضي الى زعزعة ثقة المشترين بالعقود في النفط العراقي بعد أن أدت العمليات التخريبية الى خفض الصادرات في يونيو الى نحو 1.2 مليون برميل يوميا مقارنة مع قدرة العراق على تصدير نحو 1.8 مليون برميل يوميا . وارتفعت صادرات الخام العراقية في يوليو الى ما لا يقل عن 1.5 مليون برميل في اليوم وفقا لبيانات وكلاء ملاحيين. ويبحث العراق عن مشترين جدد لاستعادة جزء من نصيبه من سوق النفط الآسيوية وتصريف الزيادة الانتاجية بعد أن الغى المتعاقدون شحنات كان من المقرر تحميلها في يوليو بسبب مخاوف أمنية.