السياحة في العراق لا تلقى قبولا بسبب الأوضاع الأمنية المتردية

TT

بغداد ـ رويترز: لدى دون لوسي وكيل السفر والسياحة البريطاني الناشئ فكرة جديدة لقضاء العطلة.. زيارة العراق.

ورغم كل عمليات الخطف التي تطال الاجانب واعمال العنف والفوضى العامة التي تجعل من العراق اخطر مكان في العالم، يخطط لوسي لتنظيم رحلة مريحة لنحو عشرة اشخاص الى العراق في نهاية سبتمبر (ايلول) المقبل. بل سيصطحب معه ابنته ذات الستة عشر ربيعا.

ويقول لوسي، الجندي والشرطي السابق الذي عمل في العراق عام 2003 والذي انشأ شركة «بان تورز» في سويندون بغرب انجلترا في نفس العام: «انا مصمم على اتمام هذه الرحلة. انه مكان محظور زيارته. وهذا يثير اهتمام الناس».

وفي مقابلة على الهاتف، اضاف لوسي ان العراق «فيه الكثير.. الكثير من التاريخ. ليس مجرد حرب واناس يقتلون بعضهم بعضا . بالطبع الارهابيون يخيفون كثيرين، لكن اناسا مثلي يريدون ان يثبتوا انهم (المتشددون) لا يسيطرون على الاوضاع».

لم يكن العراق وجهة سياحية معروفة للكثيرين ابان حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين الا انه اجتذب بعض السياح بسبب المناطق الاثرية القديمة، مثل منطقة بابل وأور والمدن الشيعية المقدسة مثل النجف وكربلاء ومثل البحيرات الجميلة والجبال والصحارى.

ومنذ ان اطاحت قوات بقيادة الولايات المتحدة نظام صدام في ابريل (نيسان) 2003 كان كل السياح الذين زاروا العراق تقريبا (حجاجا) من ايران المجاورة.

الصور التي تعرضها شبكات التلفزيون عن اعمال العنف في العراق مروعة.. ما بين رهائن اجانب يتوسلون لانقاذ حياتهم وجثث متفحمة متناثرة بعد هجمات انتحارية بسيارات مفخخة. ويقول لوسي انه لا بد ان تبدأ السياحة في العراق من مكان ما وانه هو وزبائنه مصممون على ان يكونوا عنصرا محفزا على لذلك. وتتكلف الرحلة التي تستمر عشرة ايام وتشمل بعض المواقع الاثرية 1200 جنيه استرليني (2192 دولارا) للفرد. ولا يشمل هذا المبلغ اي تأمين.

هناك رجل اخر لديه امال كبيرة في هذه الصناعة هو أحمد الجبوري رئيس هيئة السياحة العراقية التي تديرها الدولة.

والجبوري لديه خطة لتطوير السياحة على مدى عشرة اعوام لتكون احدى دعائم الاقتصاد الذي لا يملك الكثير من الموارد الطبيعية الى جانب النفط. ويأمل الجبوري ان يتمكن العراق من اجتذاب ما بين مليونين وثلاثة ملايين سائح سنويا بحلول هذا الوقت. الا انه لا يزال يحذر السياح من زيارة العراق في الوقت الراهن. وصرح الجبوري بانه لا يريد ان يأتي اناس طيبون من شتى انحاء العالم الى العراق ثم يتعرضون للخطف «من قبل مجرمين» وطالب السياح بالانتظار وعدم زيارة بلاده في الوقت الراهن.

وتتضمن خطة تطوير السياحة التي يعدها الجبوري مشروعا لتطوير جزيرة الاعراس على نهر دجلة جنوب العاصمة بغداد يتكلف عدة ملايين من الدولارات. كما يتضمن المشروع بناء فنادق فئة خمس نجوم ومدينة للملاهي على غرار مدينة ديزني.

ويعتقد الجبوري ان السياحة ليست مجرد تحقيق مكاسب، بل ان الهدف منها تغيير نفسية العراقيين وجعلهم يشعرون بالتحرر من الحزن والقهر والارهاب عندما تتوفر لهم اماكن ترفيه، مثل مدينة ديزني لقضاء اوقات سعيدة فيها. وقد يستطيع العراق التخلص من ماضيه الدموي بنفس الاسلوب الذي طبقته فيتنام وكمبوديا.

وبالتأكيد فانه اذا تحسنت الاوضاع الامنية فان السياح الباحثين عن الاثارة والذين لا يعبأون بقليل من الخطر والراغبين في الزهو بالقول «لقد زرت بغداد» ربما يكونون أول من يبدأ بالتوجه الى العراق. الا ان ذلك قد لا يحدث في القريب، نظرا لما يقوله الدليل السياحي المعروف باسم «لونلي بلانيت» الذي يعتمد عليه هؤلاء السياح. ويقول لونلي بلانيت عبر موقعه على الإنترنت: «الاوضاع الداخلية العاصفة والمتطرفة تجعل العراق اقل الاماكن جذبا» للسياح.

ويقول الجبوري انه يرغب في ان تكون حروب العراق الثلاث الاخيرة والفظائع التي ارتكبها صدام جزءا من الخريطة السياحية للبلاد بما في ذلك سجن ابو غريب وما ارتبط به من فظائع ابان حكم صدام والفضحية الاخيرة المتعلقة باساءة معاملة السجناء العراقيين من جانب الجنود الأميركيين. كما يمكن استغلال تجاوزات اخرى لصدام في السياحة مثل القصور الفخمة التي بناها في شتى انحاء العراق، ومنها العديد في تكريت مسقط رأسه التي تطل على نهر دجلة.

كما انه لا يمكن ان تكتمل زيارة العراق من دون مشاهدة الحفرة الشهيرة الواقعة الى الجنوب من تكريت والتي عثرت فيها القوات الأميركية على صدام في ديسمبر (كانون الاول) الماضي. وفي الوقت الراهن تنتشر في العراق قوات اجنبية في اطار التحالف الذي تقوده أميركا في معظم المواقع الاثرية الهامة في العراق.

وتتخذ القوات البولندية البالغ قوامها 2500 فرد منطقة بابل المشهورة بحدائقها المعلقة قاعدة لها. كما ان الوصول الى العراق ليس سهلا. فلا توجد شركات طيران تجارية تسير رحلات الى بغداد الا شركة الخطوط الملكية الاردنية التي عادة ما تكون رحلاتها من عمان محجوزة للصحافيين وعمال الاغاثة والمقاولين المدنيين.

ولا ينصح ضعاف القلوب بركوب هذه الرحلات لان الطيارين عادة يقومون بحركات فجائية لتفادي صواريخ ارض جو. اما الطرق البرية في العراق فهي مرتع للخاطفين والمجرمين.

ونظم البريطاني جيف هان الذي يدير شركة للسياحة اسمها «هينترلاند» رحلة الى العراق في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي كانت الاولى منذ الغزو الذي قادته أميركا للبلاد. واراد الرجل تنظيم مزيد من الرحلات الا ان الاوضاع الامنية لم تكن مطمئنة تماما وحالت دون ذلك.