انفجار مصفاة «ويتينغ» يرفع الخام الأميركي إلى 46 دولارا ومخاوف من انقطاع النفط العراقي تدفع برنت فوق 43 دولارا

TT

سجلت اسعار العقود الاجلة للنفط الخام مستويات قياسية مرتفعة جديدة أمس، وقد دعمتها أدلة على قوة طلب الصين على الطاقة ومخاوف من تعرض منشآت البنية الاساسية للصناعة النفطية العراقية لعمليات تخريب جديدة، واحتمال وقوع اضطرابات في فنزويلا، حيث يواجه الرئيس هوغو شافيز هذا الاسبوع استفتاء على حكمه. وساعدت انباء انفجار في مصفاة في ويتينغ بولاية انديانا الأميركية على رفع اسعار العقود الاجلة للنفط الأميركي الى مستويات قياسية. ففي بورصة نيويورك التجارية نايمكس ارتفع سعر العقود الاجلة للنفط الخام الأميركي الخفيف 40 سنتا الى 90ر45 دولار للبرميل، اعلى سعر للعقد في 21 عاما، هي عمر التداول للعقود الاجلة للخام بنايمكس. وفي بورصة البترول الدولية بلندن سجل سعر العقود الآجلة لمزيج نفط خام برنت مستوى قياسيا جديدا وتجاور43 دولار للبرميل. وسجلت الاسعار سلسلة من الارقام القياسية في كل جلسات التعامل الاحدى عشرة الماضية، ماعدا جلسة واحدة وقد عززها نمو الطلب العالمي على النفط الذي يسير باسرع معدل له منذ 24 عاما وكذلك تقلص فائض الطاقة الانتاجي العالمية. وقال محلل النفط المستقل في لندن جيوف باين «لم يتبدد شيء من المخاوف بشان نقص امدادات المعروض ولم تبد اي علامة على انحسار نمو الطلب».

وأظهرت أحدث بيانات شهرية أن الواردات الصينية من النفط الخام نمت بنسبة 40 في المائة حتى الان هذا العام وليس هناك أي دلائل تشير الى احتمال تباطؤها رغم أسعار النفط المرتفعة والجهود التي تبذلها الحكومة لتهدئة النمو الاقتصادي. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية أمس، ان الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة استوردت 63ر70 مليون طن أي 49ر2 مليون برميل يوميا من النفط الخام في الاشهر السبعة حتى نهاية يوليو (تموز) بزيادة بنسبة 5ر39 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي. واستنادا الى هذا الرقم بلغت واردات شهر يوليو 61ر9 مليون طن أي 325ر2 مليون برميل يوميا بزيادة كذلك بنسبة 40 في المائة عن الشهر نفسه من العام الماضي. وبلغت واردات النفط الخام في يونيو (حزيران) مستوى قياسيا هو 27ر11 مليون طن أي 82ر2 مليون برميل يوميا بزيادة بنسبة 47 في المائة عن يونيو 2003. وكانت الاسعار قد توقفت لالتقاط الانفاس بعد ان سجلت سلسلة من الارقام القياسية خلال الاسبوعين الماضيين لان صادرات النفط العراقية عادت لتتدفق كالمعتاد من الحقول الجنوبية الى المرافئ البحرية بعد استئناف الضخ عبر خط الانابيب الرئيسي الذي تعرض لعمليات تخريب في وقت سابق من الاسبوع، حسبما قال مسؤول من شركة نفط الجنوب العراقية. وكانت صادرات النفط انخفضت بمقدار النصف تقريبا الى اقل قليلا من مليون برميل يوميا في اعقاب الهجوم التخريبي. ويخشى تجار النفط ان ينفذ مقاومون عراقيون موالون لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المعادي لأميركا تهديدا بضرب البنية الاساسية للصناعة النفطية بعد ان اجتاحت قوات أميركية مدينة النجف المقدسة لاخماد تمرد عمره اسبوع لانصار الصدر.

وكان مسؤول بشركة نفط الجنوب قال أمس، ان صادرات النفط العراقية تتدفق بمعدلات طبيعية من الحقول الجنوبية الى مرفأي التصدير البحريين وذلك بعد استئناف ضخ النفط بالكامل عبر خط أنابيب رئيسي تعرض لهجوم تخريبي هذا الاسبوع. وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه مشيرا الى الخط الرئيسي «أصبح خط الانابيب الذي يبلغ قطره 48 بوصة يعمل بكامل طاقته الساعة الواحدة صباحا (2100 بتوقيت غرينتش يوم الخميس). وكان النفط يتدفق عبر الخط الاصغر الذي يبلغ قطره 42 بوصة منذ هاجم مخربون الخط الرئيسي يوم الاثنين الماضي.

من جانبه أكد الخبير في شؤون النفط والطاقة عبد الصمد العوضي في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» أمس، بان المخاوف من توقف امدادات العراق، ووقوع اضطرابات في فنزويلا اضافة لارتفاع ايرادات الصين، هي وراء صعود اسعار النفط لمستويات قياسية مستمرة. واضاف العوضي «بان سوق النفط العالمي اصبح يعيش مخاوف ايضا من امتداد الازمة في العراق الى مناطق اخرى، في وقت اصبحت الدول من خارج اوبك تنتج باقصى طاقتها».

وقال ان اسباب ارتفاع اسعار النفط باتت واضحة، لكن السؤال المهم هو هل ستبادر الولايات المتحدة لاستخدام احتياطيها الاستراتيجي لوقف صعود الاسعار؟! وتوقع الخبير العوضي ان يشهد العام المقبل تراجعا في مستوى النمو الاقتصادي، بسبب ارتفاع اسعار النفط، مؤكدا ان صعود الاسعار من شانه ان يقود العالم الى المزيد من معدلات التضخم كما انه سيزيد مشاكل الدول الفقيرة المستهلكة للنفط مشاكل جديدة. من جانب اخر يشعر التجار بالقلق خشيه ان يؤدي الاستفتاء على حكم شافيز في فنزويلا يوم الاحد الى حوادث عنف اذا هزم شافيز ويعرض للخطر صادرات البلاد النفطية الى الولايات المتحدة. وما زال هناك قلق بشان صادرات النفط من شركة يوكوس الروسية العملاقة التي ما زالت تكافح الافلاس لكنها نجحت حتى الان في تفادي اي ايقاف لانتاجها البالغ 7ر1 مليون برميل يوميا.

وقال وزير الخزانة جون سنو أمس ان زيادة الضرائب الان قد تفسد انتعاش الاقتصاد الأميركي الذي يعاني بالفعل الاثار السيئة لارتفاع اسعار الطاقة. واضاف قوله «رفع الضرائب في هذا الوقت سيعرض الانتعاش للخطر». وقال انه من الخطأ زيادة الاعباء الضريبية على «احد» الان.

وقال رئيس الخزانة في مقابلة مع اذاعة محلية قبل اجتماع مع قادة مجتمع الاعمال في رحلة انتخابية لمدة يوم واحد الى ولاية فلوريدا، ان اسعار الطاقة المرتفعة تعمل عمل الضريبة في الاقتصاد. واضاف قوله «اسعار الطاقة هذه سببت بعض الرياح المعاكسة لنا».

من جهتها ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» في عددها الصادر أمس انها استطلعت مجموعة من الاقتصاديين وأكد معظمهم ان اسعار النفط من شانها ان تهدد تعافي الاقتصاد الاميركي بشكل حقيقي اذا وصلت الاسعار الى 60 دولارا للبرميل، مستبعدين ان تؤدي الاسعار الحالية الى تراجع كبير في نمو الاقتصاد الاميركي.