لبنان يتطلع لاستعادة موقعه السياحي ويسعى لرفع عائداته بنسبة 12 في المائة من إجمالي الناتج المحلي

ارتفاع عدد الزائرين بنسبة 48 % والسياح السعوديون تجاوزوا 160 ألفا خلال العام الماضي

TT

بيروت ـ رويترز: يحث موقع الإنترنت السياح على أن يبادروا الى اعادة اكتشاف لبنان، ويعدهم بالشواطئ والتزلج على المنحدرات ومشاهدة الاثار. انه مزيج يرضي جميع الاذواق في بلد صغير كان اسمه يثير في الاذهان مشاهد الحرب وجرائم الخطف. ولقيت الدعوة استجابة.. وبات كثيرون يتدفقون على لبنان من سعوديين ساعين الى تمضية عطلة صيف بعيدا عن حرارة الطقس في بلدهم الصحراوي الى اوروبيين يريدون العودة بذكريات أكثر اثارة من مجرد تمضية عطلة في مايوركا. ويتدفق السائحون على لبنان ليشاهدوا التغيير بأنفسهم. وكان لبنان يعرف يوما بسويسرا الشرق الاوسط وكانت عاصمته باريس الشرق، غير أن الحرب الاهلية التي عصفت به خلال الفترة من 1975 الى 1990 قوضت كل شيء.. قصفت الفنادق واحتجز الاجانب كرهائن وسقطت الشوارع في براثن القناصة.

وبعد اكثر من عقد يريد لبنان أن يطوي صفحة الماضي. وفي العام الحالي انفقت بيروت نحو مليون دولار على سلسلة من الاعلانات التي تهدف مع موقع على الإنترنت يحمل اسم «أعد اكتشاف لبنان» الى الترويج سياحيا للبنان. وتظهر الاحصائيات ان الحملة تؤتي ثمارها. ففي الاشهر الخمسة الاولى من العام قبل موسم الصيف زاد السياح بنسبة 48 في المائة مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي. ويقترب عدد زوار البلاد ببطء من مستويات ما قبل الحرب.

وقال علي حسين عبد الله وزير السياحة اللبناني ان أكثر مؤشرات الانتعاش تشجيعا كانت في ابريل (نيسان) ومايو (ايار) حيث تجاوز عدد السياح الاوروبيون عدد العرب للمرة الاولى منذ الحرب. وتابع قبل الحرب كان الاوروبيون دائما أكثر من السياح العرب فيما عدا الصيف حيث يأتي كثير من الخليجيين. ومضى يقول «كل شيء في صعود هذا العام.. اولئك المقبلون من افريقيا ومن أميركا الا أن الزيادة الكبيرة حقا هي في أعداد الاوروبيين». وما زال صيف لبنان عربيا أو بمعنى أدق خليجيا. فالفنادق الفخمة في الجبال خارج بيروت مليئة بالسعوديين والكويتيين والشوارع تعج بسيارات الدفع الرباعي ذات لوحات الارقام الخليجية. وفي شارع الحمراء التجاري ببيروت تشق الخليجيات بعباءاتهن طريقهن بين الشابات اللبنانيات بملابسهن الصيفية جدا، ومع ان ثمة اختلافات ثقافية الا أن لبنان مازال نقطة جذب عربية.

وقالت سعودية لم تشأ أن تذكر اسمها «نأتي هنا كثيرا لان لبنان بلد عربي» وفي العام الماضي زار 160 الف سعودي لبنان بما يمثل 16 في المائة من اجمالي السياح.

وقالت السائحة السعودية «نشعر بالارتياح هنا، الناس لطيفة كما أننا نرى سعوديين اخرين وهناك أيضا الجبال». ويحاول لبنان ترسيخ صورته كبلد يتمتع بثراء طائفي فهناك المسلمون والمسيحيون والدروز. وتتعايش التقاليد على الاقل شكليا مع الحداثة وثمة تمازج ثقافي من دونما صدام. والاطباق الشهية اللبنانية لها شهرة كبيرة وحياة الليل منتعشة والمناخ طيب، كما ان السياح يستطيعون التزلج والسباحة في اليوم نفسه.

وجاءت اليزابيث بالتاي وهي محامية فرنسية تعمل في لندن الى لبنان لتمضية عطلة بدافع من حكايات والدها عن بعلبك وبيروت والاماكن الساحرة التي زارها قبل الحرب، وقالت «أغلب الناس لديهم انطباع بأن بيروت مكان شديد الخطورة يمتليء بالدبابات الاسرائيلية والشوارع تعج بملثمين من مقاتلي حزب الله يبحثون عن غربيين لاختطافهم»، وأضافت أنها كانت تتمنى زيارة المواقع الاثرية في لبنان، وتابعت «ما هي الاشياء الجميلة في لبنان.. الطعام والنبيذ الجيد ودفء الطقس وحسن الضيافة وأهم من هذا كله المواقع السياحية. أتى أكثر من مليون سائح الى لبنان في 2003 غير ان عبد الله يريد أن يزيد الرقم لاربعة أضعافه خلال خمسة أو ستة أعوام».

وقال ان عائدات السياحة تمثل 12 في المائة من اجمالي الناتج المحلي مقارنة بنحو 24 في المائة عام 1974، مشيرا الى أن تحسن الدخل السياحي يساعد لبنان على تجاوز الازمة الاقتصادية. وأضاف لا نستطيع أن نكون بلدا زراعيا أو صناعيا، في المقام الاول نحن بلد سياحي. انني أحاول تشجيع المستثمرين خاصة اللبنانيين المقيمين في الخارج. ويعيش نحو أربعة ملايين لبناني في لبنان بينما يقيم ما يقدر بنحو 15 مليون لبناني في الخارج. وعدد اللبنانيين في البرازيل يفوق عددهم في لبنان نفسه. وكانت البلاد ستعاني حقا بدون تحويلات المغتربين. ويعتبر عبد الله هؤلاء المغتربين وسيلة للترويج لبلد يحاول جاهدا استعادة سمعته السياحية. وقال «العام الماضي زار لبنان 70 ألف فرنسي لكن ينبغي أن يكون لدينا المزيد. في فرنسا يعيش حوالي 300 الف لبناني ومن ثم تخيل لو أن كل لبناني أرسل سائحا واحدا».