الأميركيون يئنون تحت وطأة ديون تبلغ تريليوني دولار لبطاقات الائتمان

TT

واشنطن ـ رويترز: لم تتردد ميشيل جونكالو في ملء فمها بكمية من الديدان أملا في الفوز بجائزة قدرها 50 ألف دولار تسدد بها ديون بطاقات الائتمان. لم تتذوق ميشيل في برنامج «تحدى الخوف» التلفزيوني طعم اليرقات فحسب بل تعلقت من هليكوبتر كانت تحلق فوق بحيرة شديدة البرودة. لكن الحظ لم يحالفها.. فقد خرجت من البرنامج وبعد اسابيع قليلة رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي «البنك المركزي الأميركي» أسعار الفائدة للمرة الاولى منذ 2000.

ميشيل واحدة من ملايين الأميركيين الذين يئنون تحت ضغط ديون تزيد عن تريليوني دولار مستحقة عليهم بعد سنوات من سهولة الائتمان. وبينما توشك هذه المرحلة على الانتهاء يسلط الضوء بكثافة على محنة اولئك الذين أفرطوا في الاقتراض. رفضت ميشيل اجراء مقابلة معها الا انها قالت في برنامج «تحدى الخوف» انها لو فازت بالجائزة فستستخدمها في تسديد ديونها.

ويقول اخرون أفلت الامر تماما من ايديهم ان المطالب المستمرة بدفع الديون يمكن أن تشيع وبسرعة شعورا بالاحباط. وقال ريك ويد الذي اقترض 16 الف دولار لتجديد منزل لا يستطيع بيعه انه يتلقى ست مكالمات هاتفية يوميا من شركات بطاقات الائتمان. وأضاف «أقول لهم ليس معي مال، لكن يمكنني أن أذهب وأسرق بنكا». ويملك الأميركيون أكثر من 600 مليون بطاقة ائتمان وهو ما يعني 4.8 بطاقة لكل شخص. وتحمل هذه البطاقات ما يصل الى 700 مليار دولار. وقد لجأ ويد الى منظمة غير هادفة للربح تقدم استشارات بشأن بطاقات الائتمان، الامر الذي ساعده على خفض فواتيره الشهرية من 1400 دولار الى 450 دولارا فقط في اطار خطة لتسديد ديونه على أربعة أعوام يأمل أن ينتهي منها قبل الموعد المحدد. وقال ويد «نحن دولة استهلاكية والاعلانات تؤتي ثمارها... لقد خلقوا طلبا على نحو أغرى المرء على الاقتراض... وهم في البنوك لا يسألونك عما اذا كنت تستطيع ان تتحمل الامر، كل ما يفعلونه هو النظر الى المدفوعات الشهرية»، وتحمل المدفوعات لم يعد يسيرا بعد أن رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي في 11 أغسطس (اب) أسعار الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية للمرة الثانية خلال ستة اسابيع لتصل الى 1.50 في المائة.

ويتوقع كبار خبراء الاقتصاد وفق بحث أجرته مؤسسة بلو تشيب زيادة سعر الفائدة الاتحادي الى اثنين في المائة بنهاية العام والى 3.5 في المائة بحلول ديسمبر (كانون الاول) 2005.

ورد فعل المدينين ازاء زيادة أعباء الاقتراض له أهمية خاصة في اقتصاد يمثل انفاق المستهلكين فيه ثلثي اجمالي الناتج المحلي. وتتحدد أسعار الفائدة المتعامل بها في السوق بصورة مستقلة وان كانت تتأثر أساسا بسعر الفائدة الاتحادي. وقد ارتفعت حتى قبل الزيادة الاولى في سعر الفائدة الاتحادي يوم 30 يونيو (حزيران) وكانت زيادتها ضمن العوامل التي يقال انها أدت الى ضعف انفاق الاسر الأميركية في الربع الثاني من العام.

وقال مسؤولو مجلس الاحتياطي الاتحادي مرارا انهم لا يعتقدون أن المستهلكين في خطر بسبب تشديد السياسة النقدية حتى رغم وصول مستوى ديون الاسرة الى أرقام قياسية كما أن مستويات خدمة الديون، وهي الفوائد التي تدفع شهريا فوق الدين نفسه تقترب أيضا من ذروتها.

وأحد الاسباب التي تبقي صانعي السياسة على تفاؤلهم هو لجوء كثيرين الى تجميع ديونهم في قرض واحد طويل الاجل بهدف دفع فائدة أقل. ويقول مسؤولو مجلس الاحتياطي ان ذلك رفع مستويات الديون غير انه أخفى في طياته قوة في أوضاع المستهلكين المالية وقدرتهم على استيعاب أسعار فائدة أعلى.

وقالت سوزان شميت بايس المسؤولة في مجلس الاحتياط الاتحادي الشهر الماضي «رغم الضغوط المالية بين بعض المستهلكين فان القطاع ككل يبدو في حالة جيدة»، الا ان اولئك الذين يتعاملون يوميا مع أناس سقطوا في فخ الديون يجدون مشكلات ضخمة. وقال هاوارد دفوركين مؤسس ورئيس شركة الخدمات الاستشارية الائتمانية في فلوريدا: سيضر ذلك بالطبقة الوسطى والاسر التي يتراوح دخلها السنوي بين 30 الف دولار و70 الف دولار. وتلقى الأميركيون في العام الماضي عروضا ائتمانية من شركات البطاقات الائتمانية بقيمة 4.9 مليار دولار عبر البريد. ورغم ان نسبة نجاح عمليات التسويق هذه لا تتعد 0.6 في المائة فان كثيرين يقعون في الفخ من دون ان تكون لديهم القدرة على تحمل الاعباء.

ويعرف دفوركين طلابا ليس لهم دخل ثابت لجأوا الى مكاتب استشارية بعدما وجدوا ان ديون بطاقاتهم الائتمانية تضخمت لالاف الدولارات.