لبنان يعتزم إطلاق تراخيص للمصارف الإسلامية مطلع الشهر المقبل

النائب الأول لحاكم مصرف لبنان د. أحمد الجشي: سنطبق المعايير الخاصة المعتمدة في البحرين مع المواصفات الدولية

TT

يشهد القطاع المصرفي اللبناني اعتباراً من مطلع شهر سبتمبر (ايلول) المقبل تطوراً هيكلياً مميزاً وغير مسبوق مع بدء منح التراخيص لانشاء مصارف اسلامية، بعدما استكمل البنك المركزي إعداد التعاميم التنظيمية الاساسية التي ترعى تطبيق القانون رقم 575 الذي اصدره مجلس النواب منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي.

وفيما يتوقع صدور التعميم الأول قبل نهاية الشهر الجاري متضمناً شروط التأسيس بما فيها الحد الأدنى للرأسمال وسائر متطلبات تقديم طلب الترخيص لدى المصرف المركزي، اكدت مصادر مالية ومصرفية متابعة، ان خمسة مصارف لبنانية وعربية على الاقل استكملت ملفاتها وباتت جاهزة من الناحية العملية لحيازة التراخيص الاولى، وهي تنتظر الترخيص القانوني لبدء اعمالها مباشرة او قبل بداية عام 2005 المقبل على ابعد تقدير.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان الملفات الاكثر جهوزية تعود تحديداً لبنك الاعتماد اللبناني الذي بادر فور صدور القانون بالاعداد لتأسيس مصرف اسلامي تابع لمجموعته، وبنك التمويل الكويتي الذي كان اول المهتمين بحث الحكومة على السماح بانشاء مصارف اسلامية في لبنان، اضافة الى بنك البركه الذي باشر قبل سنوات بتوفير الخدمات والمنتجات الاسلامية لعملائه استناداً لقانون العقود الائتمانية وبيت التمويل العربي التابع لبيت التمويل الخليجي الذي حاز مطلع هذا العام رخصتين لانشاء مصرفين، تجاري وآخر استثماري، فيما يعود الملف الخامس الذي لم يتم استكماله بعد، الى احد المصارف اللبنانية الكبرى.

ويؤكد رئيس اللجنة الخاصة بالمصارف الاسلامية، النائب الاول لحاكم مصرف لبنان الدكتور احمد الجشي لـ«الشرق الاوسط»، ان التعاميم التطبيقية للقانون رقم 575 ستصدر تباعاً وترتكز جميعها، سواء في المرحلة الاولى او في الفترة اللاحقة، على مبدأ التوازن والعدالة وتكافؤ الفرص بحيث ينطبق عليها كل ما ينطبق على المصارف التجارية العاملة مع مراعاة اختلاف المفردات والآليات ومع احترام معادلة منع أي تراخيص جديدة للمصارف التجارية والسماح بالترخيص للمصارف الاسلامية، الامر الذي يقتضي التعامل بخصوصية مع موضوع الحد الأدنى المطلوب للرأسمال، لا سيما ان للمصارف الاسلامية تصنيفات خاصة لمكونات اموالها ومواردها المالية.

ويقول الجشي «لقد شهدت الفترة الفاصلة بين صدور القانون واصدار التعاميم التطبيقية، اي حوالي ستة اشهر، اجتماعات ومشاورات متلاحقة مع اطراف محلية وخارجية بهدف تكوين رؤية متكاملة لمرحلة التأسيس والمراحل اللاحقة. وقد اجرينا اتصالات حثيثة مع المؤسسات المعنية في ماليزيا والبحرين باعتبارها سباقة في خوض تجربة العمل المصرفي الاسلامي ومعنية بتطوير آلياتها واعمالها وبالاخص ما يتعلق بالرقابة والعلاقة مع البنك المركزي والقطاع المالي والمصرفي عموماً».

وإذ يحاذر الجشي تحديد المواصفات الاساسية المتعلقة بالتأسيس والرساميل، يؤكد، في المقابل، ان طبيعة ونوعية المساهمين تحظى بأهمية خاصة في طلبات الترخيص ويحرص البنك المركزي ان يكون في عداد المساهمين وحدة مصرفية تكون بمثابة بيت خبرة مصرفي او مالي وتعكس في الوقت ذاته ثقة خاصة مطلوبة بالحاح لضمان انطلاقة وتحقيق تعاون مثمر مع السلطات النقدية والرقابية.

وحول ما اذا كان البنك المركزي حدد سقفاً لعدد المصارف الاسلامية التي سيرخص لها، يقول الجشي «نحن لا نضع سقفاً عددياً لان السوق هي التي تحدد امكانات ومدى التوسع في مجال العمل المصرفي الاسلامي، لكننا ومن واقع تجربتنا الطويلة مع المصارف التجارية العادية، نعتقد ان المؤسسات الكبرى الاقل عدداً ستكون قادرة على تغطية احتياجات السوق ومؤهلة اكثر للتأقلم والالتزام بالمعايير والمواصفات الدولية المصرفية والمحاسبية وبالأخص ما يتعلق بمتطلبات كفاية رأس المال وادارة المخاطر وامتلاك مزايا تنافسية في مجال المؤهلات البشرية والتقنيات الحديثة».

واذ يتوقع الجشي ان يشهد مطلع عام 2005 الانطلاقة الفعلية لنشاط المصارف الاسلامية في لبنان، يؤكد ان اللجنة المعنية بهذا النشاط التي يرأسها تعكف حالياً على تظهير الصيغ النهائية للتعاميم التطبيقية وسيتم عرضها تباعاً على المجلس المركزي لمصرف لبنان تمهيداً لبدء اصدارها خلال الاسابيع القليلة المقبلة، ضمن مخطط متكامل لانجاز واصدار معظم التعاميم الاساسية قبل نهاية العام الجاري.

وفي مجال الرقابة يقول الجشي «ان لجنة الرقابة على المصارف ستكون مولجة بمتابعة المصارف الاسلامية الجديدة، وستعتمد في اعمالها الرقابية، على التعاميم التنظيمية ونص القانون الاساسي، مع الارتكاز الى قانون النقد والتسليف وسائر القوانين الناظمة للعمل المصرفي والمالي في حال الالتباس او في حال غياب بعض الاحكام، وهذا امر محتمل في بداية التجربة، نظراً لخصوصية العمليات المصرفية الاسلامية وعدم اكتمال آليات المتابعة والمراقبة في بعض المجالات الهامة كتوزع وتنوع المخاطر وقياس نسبة الملاءة وتصنيف ابواب الموازنة. وسنحرص في كل ذلك، على المواءمة بين المعايير المحاسبية الاسلامية المتبعة خصوصاً في البحرين وماليزيا ومتطلبات اتفاقيتي بازل الاولى والثانية ومعايير بنك التسويات الدولية، اضافة طبعاً الى تعاميم وتعليمات البنك المركزي».