الأردنيون يقبلون على شراء السيارات المستعملة بعد فتح باب الاستيراد دون اعتبار سنة الصنع

المرسيدس في القمة وغياب ملحوظ للسيارات الأميركية

TT

شهدت السنوات الأربع الماضية اضطرابا ملحوظا في سوق السيارات بالاردن وازدحاما ملموسا في شوارع العاصمة عمّان والمدن الرئيسية، وذلك إثر قرار حكومي بالسماح بإدخال السيارات المستعملة بغض النظر عن سنة الصنع، وخفض الرسوم الجمركية على كل أنواع السيارات والتي كانت تزيد عن 100% سابقاً.

هذه القرارات أدت إلى فتح الأبواب أمام استيراد السيارات المستعملة بمختلف أنواعها واغراق السوق بسيارات رخيصة الثمن، مما أثر سلباً على مبيعات وكلاء السيارات حديثة الصنع. ولدى التنبه لهذا الوضع وضعت السلطات المختصة ضوابط لإدخال السيارات لا تشترط سنة الصنع، لكنها تحترم في المقابل ضرورة الا تتسبب المركبات المستعملة المستوردة بتلويث البيئة، وتحدد صلاحيتها للسير ميكانيكياً. كذلك شجعت هذه السلطات مالكي السيارات العمومية (التاكسي) على ابدال سياراتهم القديمة بسيارات حديثة مع إعفائهم من الجمارك. ويلاحظ المتجول في شوارع عمّان حالياً انتشار معارض السيارات المستعملة في معظم الشوارع، كما تتكدس آلاف السيارات في «المنطقة الحرة» بمدينة الزرقاء وميناء العقبة.

حول أسباب التوسع في استيراد السيارات المستعملة، يقول عبد الله العموري وهو صاحب معرض للسيارات، «إن حركة استيراد السيارات المستعملة ازدادت منذ القرارات الحكومية بالسماح بالاستيراد وخفض الجمارك، لكنها انتعشت بشكل أكبر منذ حرب الخليج، مع اقبال العراقيين على استيراد مختلف أنواع السيارات المستعملة، بل وحتى المعطوب منها، كما انفقت الشركات الأجنبية العاملة في العراق على شراء كميات كبيرة من السيارات وبخاصة مركبات الجيب والدفع الرباعي والشاحنات. هذا الإقبال الكبير من السوق العراقية أدى إلى استيراد كثيرين من التجار كميات ضخمة من السيارات المستعملة، لكن هذه الحركة توقفت منذ أحداث الفلوجة عندما لم تعد الطريق آمنة بين عمان وبغداد، إضافة إلى أن التجار العراقيين أصبحوا على اتصال مباشر بشركات في الخارج وأخذوا يستوردون لحسابهم دون الاستعانة بالسوق الأردنية».

عن أكثر ماركات السيارات شعبية في السوق الأردنية يقول العموري: تبقى «المرسيدس» (مرسيدس بنز) السيارة الأولى والأكثر رواجاً وانتشاراً في الأردن، ولئن كان البعض يفضلها كونها تخدم طويلاً، بدليل وجود سيارات مرسيدس من موديلات الخمسينات ما زالت تعمل على خطوط السرفيس، فان كثيرين يرون فيها «وجاهة». ومن جهة أخرى يميل الشباب الى سيارات بي ام دبليو... وطبعا هذا بالنسبة لفئات القادرين. أما الفئة الأكبر والتي يمكننا تسميتها بالفئة المتوسطة الدخل، فتفضل السيارات الكورية واليابانية. وقد بدأت السيارات الكورية تغزو الأسواق أخيراً نظرا لرخص ثمنها واستهلاكها المحدود للبنزين وتوفر قطع غيار لها رخيصة الثمن نسبياً.

وعن سبب عزوف الأردنيين عن اقتناء السيارات الأميركية، يقول العموري إن وكلاء الشركات الأميركية «لم ينشطوا بالدعاية اللازمة لمحو الفكرة المترسخة في الأذهان حول استهلاك السيارات الأميركية الكبير للبنزين، رغم وجود سيارات أميركية صغيرة تماثل في استهلاكها للوقود السيارات الأخرى المشابهة، إضافة إلى تقصير هؤلاء الوكلاء في توفير قطع الغيار وخدمات ما بعد البيع».

* العرض والطلب والاستيراد

* على صعيد آخر، عن سبب تكديس السيارات في المعارض والمناطق الحرة حالياً يرى أسامة النجار ـ وهو أيضاً صاحب معرض سيارات ـ أن سوق السيارات متذبذبة، فهي تارة تنتعش وبخاصة من خلال بيع السيارات للدول المجاورة، وطوراً تصاب بحالة ركود بسبب زيادة المستوردات. «والمطلوب حالياً أكثر من المعروض وخاصة بالنسبة للسيارات المميزة، وأنا كمتخصص في هذه السيارات أرسلت مندوبين إلى المملكة العربية السعودية والإمارات لمحاولة شراء أنواع مميزة من السيارات التي يقبل عليها زبائن محدودين من العراقيين والأردنيين».

وحول تأثير ارتفاع أسعار اليورو على أسعار السيارات الأوروبية، قال النجار «إن ارتفاع سعر صرف اليورو يؤثر على مبيعات السيارات الجديدة لدى الوكلاء، أما مصادر الاستيراد فليست بالضرورة من الدول الأوروبية، إذ أن هناك أسواقاً في شرق آسيا تزود التجار الأردنيين بسيارات ألمانية وغيرها. ولكن اقبال بعض التجار قليلي الخبرة على استيراد كل أنواع السيارات مهما كانت حالتها أضرّ بالسوق، وأدى إلى اضطرار هؤلاء لبيع ما لديهم بخسارة، نظراً لزيادة حجم المستوردات عن حاجة السوق، وهو ما أدى بالتالي إلى مضاربات تصب في صالح المواطنين، أدت حقاً إلى خفض أسعار السيارات اليابانية والكورية».

* رؤية فنية

* وحول رؤية الفنيين لسوق السيارات الأردنية، يرى المهندس الميكانيكي وضاح زيتون «أن كثيرين ممن اشتروا سيارات أوروبية مستعملة، ألمانية تحديداً، ندموا ولكن بعد فوات الأوان. فمواصفات السيارات الألمانية لا تتماشى مع مواصفات السيارات عندنا، لأنها بحاجة إلى بنزين خال من الرصاص، واستخدام البنزين العادي أو حتى الممتاز عندنا يؤثر على أداء السيارة بشكل كبير. ثم ان وجود الفلاتر (المصافي) في محرك السيارة ونقص عدد مهندسين ميكانيكيين متخصصين، أدى إلى تزايد شكاوى معظم الذين اشتروا هذه السيارات من توقفها بشكل فجائي أو اضطراب أداء الكمبيوتر ، وغيرها من الأمور الفنية التي تصعب معالجتها لدى أصحاب الكاراجات والميكانيكي العادي. أما السيارات المستوردة من دول الخليج وغيرها فهي تتماشى مع مواصفات السيارات في الأردن. وفي رأيي أن شراء سيارة جديدة ، أكثر وفرا لصاحبها من شراء سيارة مستعملة لا يمكن التنبؤ بما تحتاجه من إصلاحات».