تحفتان ترويان قصة الريادة عند سيتروين

TT

سيتروين ماركة سيارات عريقة التقت عندها فلسفتها في التصميم الراديكالي المثير والتقنية الاستثنائية العصرية منذ أسسها اندريه سيتروين.

اندريه سيتروين، يمكن وصفه بالرائد الذي سبق عصره. فعندما كانت السيارات في عقد الثلاثينات من القرن الماضي ما زالت تبنى بالاستعانة بالهياكل الخشبية المكسوة بصفائح الفولاذ وتربط الة هيكل قاعدي، والعجلات تركب على محاور قاسية، المكابح تشغل بالكابلات والقضبان... ابتكر سيتروين عام 1934 أول سيارة عصرية بجسم فولاذ احادي الهيكل (مونوكوك) هي طراز الـ«تراكسيون آفان» الرائعة. هذه السيارة عمرت حتى عقد الخمسينات وشغلت الناس وصارت عنواناً وتجسيداً لفلسفة مبتكرها النابغة.

نجاح الـ«تراكسيون آفان» المعزز بالنجاح الأكبر للكلاسيكية الصغيرة الـ«دو شيفو» (الحصانان ـ اي السيارة بمحرك قوته حصانان)، كان لا بد ان يفرز نقلة نوعية. فبالرغم من محبة الناس لمزايا هذه السيارة المتميزة كان واضحاً انها في جوانب تقنية عديدة شاخت بعض الشيء وباتت تتخلف عن ركب المنافسات الأحدث عهداً. جاءت هذه النقلة عام 1955 مع سيارة «مستقبلية» في كل شيء هي الـ «دي اس».

الـ«دي اس» التي عرضت في معرض باريس للسيارات في ذلك العام بهرت العالم حقاً. وتلقت سيتروين 749 طلباً عليها خلال ثلاثة أرباع الساعة فقط من ازاحة الستار عنها، في حدث غير مسبوق في عالم السيارات. والحقيقة ان الـ«دي اس» كانت في عقد الخمسينات تماماً ما كانته الـ«تراكسيون آفان» قبل عشرين سنة في عقد الثلاثينات... سيارة مستقبلية ثورية بكل ما لهاتين الكلمتين من معنى. فالجسم الانسيابي البديع الجرئ ـ من تصميم النابغة الايطالي برتوني ـ الذي أذهل الحضور في معرض باريس كان في الواقع لسيارة انتاجية لا لنموذج مفهومي. لم تكن «شطحة فنان» بل مشروعاً عملياً مطروحاً في السوق.

السيارة صممت بمحرك وسطي، ودفع أمامي، مع نظام تعليق مستقل هوائي ذاتي التحكم، وبمكابح معززة، وعلبة تروس نصف اوتوماتيكية من دون معشّق (كلاتش). ولقد تخللت الثورية والاناقة في التصميم كل جوانب هذه السيارة وزواياها في الخارج وداخل مقصورة القيادة. وكان من شأن الانسيابية المدهشة لجسمها ان ظلت أكثر السيارات انسيابية في العالم لمدة 15 سنة حتى تغلبت عليها طرازات لاحقة، أيضاً من انتاج سيتروين.

وتزايدت شعبية الـ«دي اس»، وبوشر بتصنيعها عام 1957 في بريطانيا (حتى عام 1966)، وذلك رغم تعقيداتها الميكانيكية التي شكا منها البعض، وأدت بسيتروين الى اطلاق طراز «اي دي» التوأم الأبسط ميكانيكياً. كما عرفت هذه السيارة طوال عمرها بسيارة أهل السلطة في فرنسا، وكانت نشرات الاخبار التلفزيونية لا تخلو من منظر اسطول سيارات السيتروين «دي اس» السوداء وهي تصطف الواحدة تلو الأخرى في اجتماعات مجلس الوزراء الفرنسي. بل لقد بلغ من ريادتها التصميمية المدهشة انه لم يطرأ عليها على امتداد 20 سنة من عمرها الا تعديلان بسيطان في الشكل وشملا تقنية المصباح الامامي وشكله الذي صار اكثر انسجاماً مع خطوط السيارة الانسيابية.