الإفصاح في نشرات الاكتتاب وزيادة رأس مال الشركات المساهمة

د. عبد الرحمن إبراهيم الحميد*

TT

أشارت المادة الأربعون من نظام السوق المالية السعودية على أن يتم نشر محتويات نشرة إصدار الأسهم الأولية IPO أو نشرة زيادة رأسمال الشركات المساهمة للعامة ولا يجوز للمصدر أن يعرض أوراقا مالية ما لم يقم بتقديم نشرة الإصدار إلى الهيئة ونشرها بطريقة حددها النظام. كما أن المادة الحادية والأربعين من النظام ألزمت المصدر أن لا يبيع أوراقا مالية قبل أن تعتمد نشرة الإصدار من الهيئة، وفصلت المادة الثانية والأربعون المعلومات التي يجب على المصدر الإفصاح عنها، والتي تشمل ما يلي:

أ. المعلومات التي تتطلبها قواعد الهيئة التي تبين وصفا كافيا للمصدر وطبيعة عمله والأشخاص القائمين على إدارته، كأعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين وكبار الموظفين والمساهمين الرئيسيين فيه.

ب. المعلومات التي تتطلبها قواعد الهيئة، والتي تبين وصفا كافيا للأوراق المالية المزمع إصدارها من حيث العدد والسعر والحقوق المتعلقة بها أو أي أولويات أو امتيازات تتمتع بها أوراق مالية أخرى للمصدر، كما يجب أن يحدد كيفية صرف حصيلة الإصدار والعمولات التي سيتقاضاها الأشخاص المعنيون بالإصدار.

ج. بياناً واضحاً عن المركز المالي للمصدر وأي معلومات مالية ذات أهمية، بما في ذلك الميزانية، حساب الأرباح والخسائر والتدفق النقدي.

د. أي معلومات تراها الهيئة ضرورية لمساعدة المستثمرين ومستشاريهم على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية في الأوراق المالية.

والمستعرض لنشرات الاكتتاب الأولية وكذا نشرات الاكتتاب في زيادة رأسمال بعض الشركات المساهمة يجد أن جلها ينقصه الإفصاح الكافي عن معلومات أساسية تساعد متخذي القرار الاستثماري على أسس منهجية وأن جلها في رأيي الشخصي وجد أن الفرصة مناسبة لطرح أسهم جديدة أو زيادة رأس المال نظراً للزيادة الهائلة في السيولة النقدية لدى المجتمع والحمد لله، والنمو الواضح المتزايد في الاقتصاد الوطني، دون أن يراعي أهمية الإفصاح عن الحد الأدنى من المعلومات، اخذاً في عين الاعتبار تجارب طرح أسهم جديدة أو زيادة رأس المال في أسهم قائمة حيث يتدافع الناس للاستثمار فيها بأضعاف مضاعفة بغض النظر عن مستقبل تلك الشركات أو ماذا سيعمل بزيادة رأس المال وما هي الأسباب التي دعت الشركة لزيادته، فقد يكون طلب الزيادة في رأس المال علامة سلبية واضحة على الشركة وليست علامة صحة وعافية. ويمكن بكل سهولة تحديد فيما إذا كانت زيادة رأس المال سلبية أم إيجابية بالإفصاح عن المعلومات المالية الحالية والمستقبلية وعن مدى الجدوى الاقتصادية لطلب زيادة رأس المال. كما يلاحظ أيضاً تحفظ بعض الإصدارات الأولية IPO عن تحديد أسماء ومهن المؤسسين ونسبة ملكية كل مؤسس، حيث يعتمد نجاح الشركة المساهمة بالدرجة الأولى على سمعة وكفاءة القائمين على الاستثمار.

ومما لاحظته في الآونة الأخيرة عدم وجود أو عدم الإفصاح عن الأسس والقواعد التي يتم فيها تحديد علاوة الإصدار عند زيادة رأس المال، فمن حق ملاك الشركة الحاليين والمستقبليين أن يوضح لهم الأسلوب الذي تم به تحديد علاوة الإصدار ، فهناك شركات حددت علاوة إصدار مبالغ فيها، كما أن هناك شركات حددت علاوة إصدار على الرغم من خسائرها المتتالية، وقد تكون هذه وسيلة لتغطية مثل هذه الخسائر. إن عدالة تحديد قيمة الإصدار بما في ذلك علاوتها تقع على كاهل الجهة الرقابية وذلك لأن عاطفة المالك الأصلي ومصالحه والإدارة تنتج قيماً مبالغا فيها، كما يعتمد جل المستثمرين متوسطي الدخل في قراراتهم على حماية الجهة الرقابية وأن أي خلل في الإجراءات الرقابية أو تنفيذها سينعكس على عدالة القيمة المحددة وعدم عدالة علاوة الإصدار المضافة على القيمة الاسمية. وقد ينتج عن ذلك، لا سمح الله ، خسائر للمستثمرين غير متوقعة نتيجة لعدم إعلامهم بها مقدماً.

أبدي هذه الملاحظات السريعة مع علمي التام ويقيني بأن مسؤولي هيئة سوق المال على إطلاع تام بها وأنهم بصدد تصحيحها بأسرع وقت ممكن، وقد تكون صححت قبل إبدائي لهذه الملاحظات. ثقتي في المسؤولين عن سوق المال كبيرة وأعرف جازماً حرصهم على حماية صغار المستثمرين الذين ليست لهم القدرة في الحصول على مثل هذه المعلومات إلا من خلال الإشاعات. أما كبار المستثمرين فإنهم يستطيعون بطريق مباشر أو غير مباشر استنباطها. نتمنى أن تكون سوق المال السعودية جالبة لاستثمارات صغار ومتوسطي الدخل لا طاردة لها، وفي هذا كله نمو لاقتصادنا الوطني.

* أستاذ المحاسبة والمراجعة في جامعة الملك سعود