رفع القيود على تجارة الملابس والمنسوجات ينعش التصدير في بعض الدول النامية وسط تحذيرات من تهاوي أسعار الملابس بـ 20%

TT

جنيف ـ رويترز: في الاول من يناير (كانون الثاني) سينتهي نظام قائم منذ عشرات السنين يقيد واردات الملابس والمنسوجات لحماية الدول الغنية مما سيحدث حالة ازدهار بين المصدرين في العديد من الدول النامية والمستهلكين في مختلف أرجاء العالم. وكان النظام يفرض حصصا محددة للمبيعات للولايات المتحدة وأوروبا وكندا من الدول التي تنتج المنسوجات بأسعار رخيصة في الصين وغيرها وحمى الصناعات في هذه الدول المتقدمة من المنافسة الدولية. وبمقتضى شروط اتفاقية المنسوجات والملابس في منظمة التجارة العالمية يتعين الغاء هذه الحصص بحلول نهاية عام 2004 مما ينهي وضعا شاذا في النظام التجاري العالمي ويضع المنسوجات والملابس على قدم المساواة مع المنتجات الصناعية الاخرى.

ونتيجة لذلك، قد تتهاوى أسعار الملابس الجينز والقمصان القطنية في المتاجر بما يصل الى 20 % لكن لن يحدث ذلك بين عشية وضحاها، ويقول البنك الدولي ان الدول النامية قد تشهد مجتمعة زيادة في عائدات صادراتها تزيد على 20 مليار دولار سنويا. وأفاد تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «ستكسب الدول النامية والمتقدمة بدرجة كبيرة من إلغاء الحصص».

والمزايا التي ستتحقق للمستهلكين واضحة، اذ أظهرت بيانات نقلتها منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية ومقرها باريس أن الأسرة المتوسطة المكونة من أربعة أفراد سيمكنها توفير مبلغ 270 يورو ( 335دولارا) سنويا، اذ سيؤدي الغاء الحصص مع تزايد المنافسة الى انخفاض الاسعار.

لكن لن يستفيد الجميع في الدول النامية والمتقدمة من ذلك.

فصناعة الملابس والمنسوجات في الولايات المتحدة التي سعت جاهدة من دون جدوى لتأجيل انهاء نظام الحصص تقول ان 600 الف عامل قد يخسرون وظائفهم. حتى بعض الدول النامية التي كثفت جهودها لإلغاء النظام بدأت تعيد النظر في الامر خوفا من ألا تتمكن هي الأخرى من المنافسة مع الشركات ذات الكفاءة الكبيرة في الصين والهند وباكستان.

وقال جايا كريشنا كوتاري وزير خارجية موريشيوس «الغاء الحصص على المنسوجات والملابس يهدف لان يكون خطوة ايجابية لكن اصبح من الواضح أن ما يحدث هو العكس». وفي اطار الاتجاه الدولي لتحرير التجارة الذي بدأ في أعقاب الحرب العالمية الثانية كانت صناعات المنسوجات والملابس التي تحتاج لعمالة كثيفة دائما ما تستثنى بسبب أهميتها التقليدية باعتبارها قطاعات توظيف على نطاق واسع. ودخلت معاهدة المنسوجات والملابس في اطار منظمة التجارة العالمية عام 1995 لتحل محل اتفاقات مشابهة ترجع الى نحو 40 عاما مضت كلها تهدف الى تقييد حرية دخول المنتجات من الدول النامية للاسواق.

لكن نظام الحصص الذي قيد الكميات التي يجري شحنها منتجون اساسيون مثل الصين والهند ترك المجال مفتوحا امام نمو صناعات المنسوجات والملابس في دول نامية أخرى ما كانت لتزدهر في ظل الظروف العادية. وقالت لورا جونز المدير التنفيذي للاتحاد الأميركي لمستوردي المنسوجات والملابس ان صناعة المنسوجات والملابس ازدهرت في العديد من الدول بسبب نظام الحصص. ويرى الاقتصاديون ان هذه الدول التي تحتاج العديد منها لاستيراد المواد الخام مما يزيد من تكلفة الانتاج هي التي ستعاني من ضغوط بسبب غياب نظام الحصص. وتقول موريشيوس التي كانت من الدول التي قادت مناقشة هذه المسألة في منظمة التجارة العالمية ان الغاء نظام الحصص قد يؤدي الى فقد 27 مليون فرصة عمل في الدول النامية حيث كان القطاع عادة ما يمثل الفرصة الوحيدة لتوفير عمل مستقر للمرأة. ولا أحد يجادل في أن الصين ستكون أكبر الرابحين من هذا القرار فقد أشارت دراسة حديثة لمنظمة التجارة العالمية الى أنها قد تسيطر على نصف واردات الولايات المتحدة من المنسوجات بالمقارنة مع16 % فقط عام 2002 وفي الوقت نفسه قد يرتفع نصيب الهند الى 15 % من 4%. لكن بعض الاقتصاديين يقولون ان هذه التقديرات مبالغ فيها ولا تأخذ في الاعتبار عوامل مقيدة. وتطالب الصناعة الأميركية التي تدرك انه ليس امامها فرصة لتعطيل انهاء نظام الحصص ان تتخذ واشنطن اجراءات اجهاضية وان تطبق على الفور اجراءات «حماية» تقيد الواردات.

وبمقتضى شروط انضمام الصين للمنظمة في أواخر عام 2001 يمكن للولايات المتحدة ان تقيد نمو صادراتها من المنسوجات والملابس عند معدل سنوي يبلغ7.5 % حتى عام 2008 . ويرى منير أحمد المدير التنفيذي للمكتب الدولي للمنسوجات والملابس ومقره جنيف أن مسألة الحصص حظيت باهتمام كبير في حين لم تحظ مسألة التعريفات الجمركية وعوامل مقيدة أخرى باهتمام يذكر. ورغم عدم تهوينه من قوة الصين في السوق إلا أنه وصف بعض الآراء المطروحة بأنها «مبسطة للغاية».

وستستفيد العديد من أفقر الدول المنتجة خاصة في جنوب الصحراء الكبرى في افريقيا من ازالة التعريفات الجمركية على السوق الأميركية من خلال قانون النمو والفرصة لافريقيا وعلى السوق الاوروبية بمقتضى برنامج الاتحاد الاوروبي.

وسيواجه مصدرون آخرون منهم الصين تعريفات أعلى بكثير على المنسوجات والملابس منها على منتجات صناعية أخرى.

وفي صناعة تعتمد على التقلب والموضة لا يرغب المنتجون في الابقاء على مخزونات كبيرة ليتمكنوا من الاستجابة بمرونة لتحولات الطلب. وسيستفيد من ذلك منتجون مثل المكسيك ودول شمال افريقيا مثل المغرب وتونس على سبيل المثال لقربها الجغرافي من أسواقها الرئيسية.

وتقول الانكتاد «لذلك من المرجح أن تظل المكسيك والكاريبي وشرق اوروبا وشمال افريقيا من المصدرين المهمين للولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على التوالي». ويقول الاقتصاديون ان الحل بالنسبة للمنتجين الاوروبيين سيكون السعي للجودة، متبعين نموذج ايطاليا ثاني أكبر مصدر للملابس في العالم بعد الصين.