قطاع العقار في الأردن يواصل انتعاشه متجاهلا ارتفاع أسعار المواد وحالة عدم الاستقرار في المنطقة

تقرير: الأردن يحتاج إلى 31 ألف وحدة سكنية سنويا خلال العشرة أعوام لتلبية الطلب ولمقابلة التضخم السكاني

TT

تجاهل قطاع الاسكان والعقار في الأردن كافة المعيقات مثل ارتفاع اسعار المواد الاساسية للبناء (الاسمنت والحديد) بأكثر من 25 % خلال السنتين الماضيتين ليصل سعر الطن في الوقت الحالي الى 90 و 650 دولارا على التوالي، كما لم يأبه القطاع بقرار الحكومة الاردنية عدم منح تراخيص عمل للعمالة الوافدة العاملة في قطاع الانشاءات، حيث قدرت نقابة مقاولي الانشاءات تحويلات تلك العمالة بـ 45 مليون دينار (63 مليون دولار) سنويا ووجود تكلفة سنوية للعمالة تصل الى 85 مليون دينار.

وقال رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الاسكان محمود السعودي انه تم انجاز ما يقارب 30 الف وحدة سكنية منذ بداية العام الحالي، وهو قريب جدا من حاجة الاردن السنوية، اضافة الى تجاوز عقود العراقيين الاسكانية لـ400 عقد منذ بداية العام الحالي ليشهد القطاع انتعاشا رغم حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة بسبب الحرب في العراق وما يدور في اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية.

من جهته أشار مسؤول في الشركة الاردنية لاعادة تمويل الرهن العقاري ان الشركة تسعى الى تعميق النشاطات الاقراضية في السوق الثانوي للرهن العقاري والتوسع في مجال اصدار اسناد القرض والاوراق المالية قصيرة الاجل في سوق رأس المال، بالاضافة الى زيادة رأس مال الشركة ليتناسب مع نشاطات الشركة المتنامية التي تأسست في منتصف عام 1996 بمبادرة من الحكومة الاردنية وبدعم من البنك المركزي الاردني، وبالتعاون مع البنك الدولي للانشاء والتعمير والقطاع الخاص بهدف تطوير وتحسين سوق التمويل الاسكاني في المملكة وسوق رأس المال.

وأوضح المسؤول بأن الشركة ستعتمد آليات مناسبة للتعامل مع المؤسسات المالية التي تمنح القروض السكنية وفق مبادئ واحكام الشريعة الاسلامية، مشيرا الى ان الشركة قد حققت ارتفاعا في ارصدة قروض اعادة التمويل خلال النصف الاول من العام الحالي بنسبة 30 في المائة. وتظهر بيانات الشركة بأن حجم قروض اعادة التمويل التي تم منحها من قبلها للبنوك خلال النصف الاول مـن هذا العام بلغ 25.1 مليون دينار ( 39 مليون دولار )، بينما ارتفع حجم الموجودات بنسبة 26.6 في المائة، فضلا على زيادة رصيد اسناد القرض والاوراق المالية قصيرة الاجل المصدرة من قبل الشركة خلال النصف الاول من هذا العام بنسبة 37.7 في المائة، اضافة الى ارتفاع الربح التشغيلي بنسبة 9.3 في المائة. ووفقا لـ«مجموعة اكسفورد بنزنس غروب» ضمن تقريرها الجديد والصادر أخيرا حول الاردن تحت عنوان «اردن ناشئ 2004» اصبح قطاع الانشاءات مفعما بالحيوية والنشاط القوي رافقه انفاق حكومي متزايد على البنية التحتية والمدارس، مما أبقى المتعهدين واصحاب المشاريع منشغلين طوال فترات الصيف تحديدا رغم شكواهم المتواصلة من تدني مستويات الربحية خلال العام الماضي نتيجة التكلفة العالية المتزايدة لمادتي الاسمنت والحديد وارتفاع اسعار الاراضي.

وساهمت عوامل عدة بحسب ما افادت مجموعة اكسفورد في زيادة الطلب على المساكن الجديدة، كما هو الحال بعدد السكان المتزايد بمعدل نمو سنوي يصل الى 3% والذي يضمن مستويات طلب مرتفعة على قطاع الاسكان، الى جانب التعديلات الحاصلة بقانون الاستملاك والايجار التي الغت بنودا كانت تسمح للمستأجر البقاء في العقار بعد انتهاء عقد الايجار وانهاء نظام الايجارات الثابتة بحلول عام 2010 مما يجعل مسألة الملكية اكثر جاذبية للكثيرين في سوق الايجار. كما ان تحرير القوانين التي تحكم الرهونات العقارية وتسمح للبنوك في تمديد فترة القروض السكنية لمدة 20 عاما وتخفيض اسعار الفائدة خلال عامي 2002 و2003 جعل الرهونات العقارية اكثر جذبا لمشترين جدد.

الى ذلك ادى تحول بعض العراقيين الى الاردن واتخاذ عاصمتها عمان قاعدة اعمال رئيسية لهم ولسكناهم الدائم بدلا من بغداد بعد الحرب الى تعزيز الثقة بالسوق المحلية، خاصة مع تزايد ولع العراقيين باقتناء الفيلات والشقق الفاخرة في ضواحي عمان الراقية والتي تفوق اسعارها في احيان كثيرة رقم المليون دينار اردني. الا انه لا يزال اجمالي عدد الممتلكات للمشترين الاجانب في الاردن متواضعاً، حيث لا تزال العاصمة عمان غير منافسة على مستوى حصة الاجانب اصحاب الممتلكات من قطاع الانشاءات كما هو الحال في بيروت التي يجتاهها الخليجيون لشراء شقق ومساكن للعطل والاجازات الموسمية لغايات الاستجمام والسياحة العربية. واكدت مجموعة اكسفورد سعي الجهات المعنية في الاردن لزيادة مستوى تملك الاجانب، وبخاصة من العرب في سوق الانشاءات المحلية وذلك بتسويق الاردن في الخارج من قبل جمعية مستثمري قطاع الاسكان الاردني.

وساعدت جميع تلك العوامل الى انتعاش نشاط صناعة الانشاءات في المملكة، خاصة في ضواحي عمان الغربية الامر الذي دفع بأسعار الاراضي للارتفاع بنسبة حوالي 30% عام 2003 رافقه توسع بقطاع الاسكان في جميع مناطق العاصمة. وترى مجموعة اكسفورد التجارية ان وضع قطاع الاسكان الاردني بوجه عام مرض بصورة معقولة، حيث بلغ عدد الوحدات السكنية 1.1 مليون وحـــدة سكنية خلال عام «2001» في بلد عدد سكانه يبلغ 5 ملايين نسمة. كما يشير التقرير الى ان مؤسسة الاسكان والتطوير الحضري افادت بأن ما نسبته 97% من الابنية والممتلكات في المملكة بحالة جيدة وثلثي المنازل المأهولة تقل اعمارها عن 20 سنة. وتحتاج المملكة وفقا للتقرير ما بين 30 الفا ـ 31 الف وحدة سكنية سنويا خلال العشرة اعوام المقبلة لمقابلة التضخم السكاني الحاصل وتفادي وقوع اي نقص مع انشاء ما بين 20 الفا ـ 25 الف وحدة سكنية في الوقت الحالي. الى ذلك تكمن المشكلة الرئيسية في الاردن من جانب قطاع الانشاءات والاسكان في وجود اختلال بين عدد الوحدات السكنية الجديدة المنشأة لاصحاب الدخول المتدنية والمرتفعة. وتتركز المعضلة في العاصمة عمان وفقا للتقرير في نقص مساحات الاراضي مما يدفع اسعار الاراضي للارتفاع لمستويات شاهقة خاصة في ضواحي العاصمة الرئيسية ولجوء اصحاب الدخول المتآكلة للتملك خارج عمان.

وبين التقرير ان الحكومة حاولت عددا من المساعي الحثيثة لمساعدة اصحاب الدخول الضئيلة وذلك من خلال تخصيص 70 مليون دينار من عوائد التخاصية لدعم الاحتياجات الاسكانية لذوي الدخول المتدنية. وشهدت حركة انشاء الفنادق في المملكة تباطؤا في الآونة الاخيرة بعد ان سجلت ازدهارا خلال الاعوام الخمس الماضية بظهور كل من فندق «جراند حياة» و«الفور سيزنس» و«شيراتون» و«الرويال» من فئة 5 نجوم. وتوقعت مجموعة اكسفورد التجارية ان تبقى صناعة الانشاءات في المملكة على حالتها الحالية منتعشة خلال العام الحالي وعلى المدى المتوسط في حال استمرار الطلب القوي على قطاع الاسكان ومواصلة السعي نحو انشاء مشروعات اضافية في البنية التحتية.