كثافة الإقبال على اكتتاب «اتحاد الاتصالات» في السعودية تستنفد الاستمارات المخصصة للفروع وسط ظهور سوق سوداء للبيع

مستثمرون يترقبون عدد المكتتبين في الأسبوع الأول لاتخاذ قرار حول حجم الاستثمار في الشركة

TT

يتوسل ماجد الحربي وهو طالب في الصفوف الثانوية والده أن يعطيه بعض الاستمارات التي أحضرها والده مع انطلاقة اكتتاب «اتحاد الاتصالات» مطلع الأسبوع الماضي ومع تشديد والده معرفة اهتمامه الزائد بالاكتتاب كشف أن له نيات في بيعها لأشخاص سيدفعون له 300 ريال (80 دولارا).

وفي السياق ذاته أكد مكتتب رفض الإفصاح عن اسمه أنه وجد عددا من بائعي الاستمارات بجوار بعض البنوك حيث تم شراء استمارة بقيمة 250 ريالا (66.6 دولار) في عملية بيع سريعة لتسهيل دخول حاملها الى البنك والانتظام في طوابير طويلة حيث استطاع ملء جميع خانات الاستمارة خلال الوقوف، مشيرا إلى أن أسعار الاستمارات في صعود مطرد بعد الأسبوع الأول بدأت بـ 25 ريالا (6.6 دولار) ووصلت حاليا مع الأسبوع الثاني وخلال فترة شحّ الاستمارات ونفادها من المصارف إلى 350 ريالا (93.3 دولار) قبل تدارك شركة «اتحاد الاتصالات» وضخ أكثر من مليون استمارة في المصارف.

من جانبه أكد عدد من تحدثت اليهم «الشرق الأوسط» بيع الاستمارات للراغبين في الاكتتاب مع نفاذ الاستمارات من البنوك في آخر أوقات الدوام مما اضطر الذين يرغبون في الاكتتاب شراء الاستمارات من السوق السوداء.

وتحدث أحدهم وهو ممسك بالنماذج بيده اليمنى وسيجارته بيده اليسرى مع أحد الراغبين في شراء نموذج ويصر الأخير أنه كان يبيع الاستمارة بما لا يقل عن 300 ريال (80 دولارا) وكان يشتري النموذج بمبلغ 20 ريالا (5.4 دولار) لكنه رفض الكشف عن هوية بائعي هذه الاستمارات.

من جهة أخرى كشف استطلاع «الشرق الأوسط» في مكان قريب من أحد البنوك التي تشهد ازدحاما شديدا بسبب الاكتتاب وجود عدد بائعي الاستمارات ، وعند سؤال أحدهم عن سعر الاستمارات ذكر أنه يبيعها بـ 50 ريالا (13.3 دولار ) وعندما ذكر له أنه في البنك الذي في الناحية المقابة تباع بأقل من هذا السعر رد بأنهم اشتروا هذه النماذج ولم تأتيهم بالمجان مثل هؤلاء. وتمثل الحالات السابقة الواقع الذي تشهده المصارف السعودية خلال إجازة نهاية الأسبوع الخميس والجمعة الماضيين في حالة هي الأولى من نوعها إذ أقدمت بعض المصارف على مواصلة أعمال فروعها لفك الازدحامات القائمة للاكتتاب مع كثافة منقطعة النظير ونفاذ كميات ضخمة من الاستمارات مما دعا بعض المصارف إلى اتخاذ إجراءات احترازية كما لاحظته «الشرق الأوسط» في البنك السعودي الفرنسي فرع البديعة في جنوب العاصمة حيث تم تنظيم تسليم الاستمارات لراغبي الاكتتاب بالأرقام ومن ثم تعبئتها عبر مكاتب خدمات العملاء للتأكد من الاستفادة منها فيصعب استخدامها لأغراض أخرى.

من جانب آخر، خيم الظلام على بعض المصارف إذ لم تشارك إخوتها في البنوك الأخرى الاستفادة من فترة إجازة نهاية الأسبوع في مقابل صفوف مكتظة في بنوك أخرى كالراجحي و«سامبا المالية» وكان الأول يشهد باستمرار نفادا للاستمارات في بعض فروعه من أبرزها فرع البديعة في حين كشف الثاني، مدير الاكتتاب، عن توقعه أن يلامس عدد المكتبين 2 مليون مساهم. من جهة أخرى، أكد عدد من الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أمس في المنطقة الشرقية من السعودية أن شريحة لا بأس بها من المتعاملين في سوق الأسهم يفضلون تأخير اكتتابهم في أسهم شركة اتحاد اتصالات لحين اتضاح الرؤية بشأن عدد المكتتبين خلال الأسبوع الأول والذي سيعطي دلالة لإمكانية الحصول على عدد كاف من الأسهم، فإذا بلغ عدد المكتتبين مليوني مكتتب فان العديد من العملاء سيفضلون الاكتتاب بمبلغ صغير تحاشيا لحجز مبالغ يمكن استثمارها في عمليات مضاربة يومية في سوق الأسهم.

وأكد مدير لفرع أحد البنوك في محافظة القطيف شرق السعودية أن تأخر وصول إبلاغ رسمي بشأن بدء عملية الاكتتاب حتى يوم الاربعاء قبل الماضي خلق حالة من الارتباك خلال الأيام الثلاثة الأولى من الاكتتاب والتي شهدت أيضا شحا في عدد استمارات طلب الاكتتاب وسط الإقبال الكبير، مما دفع الفرع لفرز عدد من الاستمارات لتوفيرها لمالكي الحسابات، ولكن شهدت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين توافر كميات كبيرة من الاستمارات لبت طلب الجميع.

وأفاد أن فرعه شهد إقبالا كبيرا وسط تقديم تسهيلات بلغت 9 أضعاف مبلغ الإيداع وبسقف يصل إلى 4.5 مليون ريال (1.2 مليون دولار)، بل قدم الفرع تسهيلات مجانا أي من دون مقابل أتعاب إدارية بشرط الاكتتاب بحد أدنى بواقع 20 ألف ريال (5.3 ألف دولار) لافتا إلى أن نظام الكومبيوتر الخاص بالاكتتاب رفض قبول الشيكات ما أعطى الأولوية لمالكي الحسابات في البنك.

من جهته، أبان عدنان درويش وهو مكتتب خلال الأسبوع الماضي أنه بادر للاكتتاب يوم الخميس خصوصا مع حصوله على تسهيلات بـ 9 أضعاف إيداعه وبدون رسوم إدارية، مشيرا إلى أن حصل على العدد الذي يحتاجه من استمارات التقديم.

وأضاف أنه لم يقم بتسييل ملكيته من الأسهم الأخرى لقناعته بان حجم التخصيص لن يكون كبيرا كما أن حركة السوق اليومية كفيلة بتحقيق أرباح جيدة، منوها إلى أنه سيقوم بشراء ما يستطيع شراءه عند بدء تداول سهم اتحاد اتصالات لقناعته بان السعر سيصل مستويات مربحة.

وفي تجربة لافتة للانتباه، تحدث حسين الجيراني عن سعيه لاستثمار عملية الاكتتاب لدعم النادي الرياضي الذي يشجعه، وبالتحديد فريق كرة اليد بنادي النور في سنابس شرق السعودية، حيث طرح فكرة استقطاب أسماء الشباب في النادي والذين لا يرغبون في الاكتتاب بأسمائهم ليتم الاكتتاب بأسمائهم ليعود ريع عائد بيع الأسهم المخصصة لدعم فريق كرة اليد. وقال الجيراني إنه استطاع فعليا تجميع 50 اسما واكتتب باسمهم من ماله الخاص وأنه سيتم عند بيع الأسهم المخصصة استرجاع رأسماله المكتتب، وسيتم توجيه الربح لتلبية احتياجات لعبة كرة اليد في نادي النور الذي أحرز الكثير من البطولات على المستوى السعودي والخليجي والعربي ويمر منذ مدة بصعوبات مالية ما يفرض توفير تمويل لعدة أغراض بينها علاج بعض اللاعبين، وجلب مدرب، أو توفير المستلزمات الفنية.

من جانب آخر تحدث احد المكتتبين ممن التقتهم «الشرق الأوسط» في إحدى صالات التداول التابعة لبنك الجزيرة في المنطقة الشرقية، أنه آخر اكتتابه ليوم الأحد المقبل بغرض التعرف على حجم الإقبال على الاكتتاب ليكون في حينها واضحا ما إذا كان ممكنا الحصول على عدد كاف من الأسهم وبالتالي اللجوء للتسهيلات، خصوصا أن البنك عرض على عملائه وهو منهم تسهيلات تبلغ 20 ضعف مبلغ الإيداع برسم إداري يبلغ 500 ريال (133.3 دولار).

وفي جدة، أثبتت الجولة الميدانية لـ «الشرق الأوسط» أن الجهل في عمليات الاكتتاب بدا واضحا في أوساط المكتتبين، وهو الأمر الذي قاد إلى مشاكل في تنظيم عمليات الاكتتاب، فيما أدى ظهور السوق السوداء لنماذج طلبات الاكتتاب إلى مخاوف حقيقية في أوساط المكتتبين لا سيما أن البعض منهم ظن أن فترة الاكتتاب انتهت، وأنه لم يعد لهم أمل في الحصول على سهم واحد من أسهم شركة اتحاد الاتصالات.

ومن أبرز مظاهر الجهل في الاكتتاب محاولة البعض الاكتتاب في أسماء غيره من دون الحصول على وكالة رسمية منهم، بحجة أن لديه أصل الوثائق الرسمية الخاصة بهم، فضلا عن فشل عدد من الفتيات في الاكتتاب بسبب غياب ولي الأمر الذي يحق لها الاكتتاب باسمها وذلك بموجب دفتر العائلة.

وقال البنك السعودي الأميركي «مدير الاكتتاب» إنه يحق للسيدات المتزوجات الاكتتاب بأسمائهن فقط بشرط إحضار أصل دفتر العائلة، ولا يحق لهن الاكتتاب بأسماء بناتهن على الرغم من كونهن في مدرجات في دفتر عائلة واحد.

وفي الطائف بلغ سعر نموذج طلب الاكتتاب الواحد إلى مائة ريال(26.6 دولار)، وهو السعر ذاته الذي وصلت إليه هذه النماذج في مناطق: حائل، الجوف، والحدود الشمالية، وذلك وفقا للمعلومات التي وردت إلى «الشرق الأوسط» من مصادرها في تلك المنطقة.

ووفقا لعدد من المكتتبين جاء ضمن أبرز المشاكل التي يواجهونها عدم رد هواتف البنوك على استفساراتهم التي ترد عبر الأرقام المجانية التي وفرتها البنوك لعملائها، فيما قال بعضهم إن عددا من اتصالاتهم يتعثر بأحد العبارة الشهيرة «جميع الموظفين مشغولون الآن» و«لقد نعثر مرور مكاملتك» و«إن الرقم الذي طلبته غير صحيح فضلا تأكد من الرقم الصحيح وشكرا».