زياد أحمد بهاء الدين: مهمتي التحول إلى محام للمستثمرين والتنافس الاستثماري بين مصر ودول الخليج صحي

رئيس هيئة الاستثمار المصرية الجديد: سنقدم خلال وقت قصير حلولا شاملة لمشاكل الإفلاس والتصفية وتقييم الحصص العينية وتحديد النسب التصديرية

TT

أعلن الدكتور زياد احمد بهاء الدين، رئيس هيئة الاستثمار حاليا في أول حوار له مع الصحافة انه لا ينزعج من النشاط الاستثماري في السعودية وبعض مناطق الخليج العربي، لأن الاقوياء يحبون شراكة الأقوياء، ولأن «سمعة» المنطقة ككل ستجذب استثمارات تكفي الجميع وزيادة. وقال يزف الى المستثمرين هنا أنباء طيبة عن مشاكل معقدة عانوها، في تقييم الحصص العينية وتحديد النسب التصديرية لكل شركة في المناطق الحرة وعضوية الشخص الاعتباري في مجلس الادارة وقواعد الافلاس والتصفية.

ولم يكن هناك سبب يدعو «الشرق الأوسط» الى ان تطرح سؤالا عما ورثه من والده ومدى انعكاس ذلك على عمله الجديد، فزياد بهاء الدين يشعرك من الوهلة الأولى بأن احمد بهاء الدين الدور والمكانة المهنية والانسان بكل حنكته وسمته وهدوئه وعلمه ماثل أمامك في شخص زياد، وقد اكتسب الابن خبرة واسعة من قبل من عمله كمستشار لوزير الاقتصاد، ثم في رئاسة إحدى الشركات الكبرى للانتاج السينمائي والثقافي، ثم كمحام يدافع عن حقوق موكليه من المستثمرين ورجال الأعمال، اكتسب من ذلك كله رصيدا جعل الرأي العام يمنحه ثقته منذ اللحظة الأولى إثر اعلان تعيينه رئيسا لهيئة الاستثمار منذ شهرين، وضاعف من الثقة التناغم الفريد في الأداء بين الدكتور زياد والدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار، وقد تزامل الاثنان من قبل في أكثر من عمل، ان الدكتور زياد يلخص فلسفته هنا بالقول انه يعتزم تحويل هيئة الاستثمار من رقيب الى محام للمستثمر، وان افضل السبل لجذب المستثمر الاجنبي هو تذليل العقبات أمام المستثمر المحلي.

* في البداية هل اختلفت رؤيتك لمشاكل المستثمرين ودور الهيئة في مناخ الاستثمار من موقعك السابق الى موقعك الحالي كرئيس الهيئة؟

ـ أنا لا أستطيع أن أقول انني لم أغير آرائي، خاصة وان تلك الآراء نشرت في السابق كأوراق أكاديمية، لكن رؤية الاوضاع من الداخل تختلف بشدة عن رؤيتها من الخارج، وهناك اقتناع تام لم يتغير هو ضرورة التغيير في اسلوب عمل الهيئة، وربما تؤثر الرؤية الداخلية في توقيت اجراء هذا التغيير، لكن الى الآن لم أغير الاهداف التي آمنت بها من قبل.

* هل تتفق مع تعبير الدكتور محمود محيي الدين، ان هناك ما يشبه الاضراب عن الاستثمار في مصر، وما هي اسباب هذا الاضراب في رأيك؟

ـ نعم، هناك احجام في الفترة الأخيرة عن الاستثمار في مصر لأسباب كثيرة بعضها اقليمي من دون شك، ولكن هذا ليس نهاية المطاف فهناك فرص استثمارية جيدة تحوم حول المنطقة، لكن بعض الاسباب ترجع الى صعوبة الاجراءات في مصر، وقد انخفضت الاستثمارات الاجنبية المقبلة الى مصر منذ عام 1999/1998، وتشير الارقام الى حصول مصر على نصيب متواضع من الاستثمارات الاجنبية عموما، ولا أريد التعليق على رقم لأن من المهام الرئيسية التي أريد تنفيذها هي توحيد ارقام الاستثمار الاجنبي المباشر داخل مصر لأن هناك تفاوتا بين ارقام الجهات الرسمية المصرية جميعها، وهو محل اعتراض من المنظمات الدولية، لذلك فالجهود مركزة على التعاون بين الجهات المختلفة للوصول الى تعريف محدد لما هو الاستثمار الاجنبي بحيث يتم تطبيق نفس المعايير والخروج بأرقام دقيقة تعلنها جهة واحدة.

* ما هو تصورك لكيفية الترويج الخارجي لجذب الاستثمار الى مصر أو بمعنى آخر «تسويق مصر»، هل من خلال مكاتب التمثيل التجاري والمؤتمرات والندوات أم هناك اتجاه آخر؟ ـ الترويج في مفهومه المعروف كحضور المؤتمرات والندوات والحديث عن البلد ومجالات الاستثمار فيها مهم في حد ذاته ولن يتوقف لكن لا بد ان يكون لدينا نوع من الانتقائية، فلا استطيع أن اتكلم في «ستين» بلد مرة واحدة، بل الاجدى أن اتكلم مرتين في ثلاثين بلدا، وان يكون لدي الوعي عن أولويات قائمة الدول التي اتوجه اليها وخصائص الجمهور الذي أحدثه، وإلا أصبح الأمر مجرد حضور فقط.

من ناحية أخرى، لا بد ان امتلك المعلومات الدقيقة والكافية التي اقدمها، وان تتعاون الوزارات المختلفة في مصر بحيث تقدم كل وزارة اولويات الاستثمار والفرص المتاحة لديها، وبذلك يسهل الترويج في الخارج طبقا لهذه المعطيات الدقيقة والاولويات المهمة. إذن فالترويج بالمواد الترويجية المعروفة شيء جيد ويحتاج الى مزيد من الاستعداد والادوات المناسبة، وهناك شق آخر في عملية الترويج هو حل مشاكل المستثمرين في مصر، سواء مصريين أو أجانب، فالقضية لا تقتصر عند حد جذب المستثمر، لكن متابعته وحل المشاكل التي تعترضه داخل مصر.

* من واقع معايشتك لواقع ومشاكل المستثمرين، ما هي أكثر المشاكل التي تعترضهم في مصر؟

ـ يمكن ان اقول ان المشاكل جميعها تصب في قضيتين، الاولى هي صعوبة الاجراءات الادارية، والقضية الثانية هي شفافية ووضوح القواعد في الاجراءات.

* الاطار النظري للتغييرات واطلاق مبادرات جوهرية لا بد ان تصحبهما قرارات حاسمة لإحداث التغيير على الارض، فما هي القرارات التي اتخذتها حتى هذه اللحظة؟ ـ القرارات التي اتخذتها لا تنحصر في حل مشاكل شركة ما لكن تركز على الوصول الى أصل هذه المشاكل وحسم المسألة من بدايتها، وهناك عدة قرارات ستصدر قريبا منها.

ومن القرارات الهامة التي آمل خلال اسبوعين ان نعلن عنها اسلوب تقييم الحصة العينية في الشركات، وهذا يتم بالتنسيق مع هيئة سوق المال، واظن اننا سنزيل عقبة سمجة أمام الكثيرين، وكذلك اعتماد محاضر الشركات التي تستغرق وقتا طويلا من دون داع، فالجمعية العامة هي شأن المساهمين، والهيئة مهمتها هنا هو التحقق من صحة اجراءات الجمعية العامة واعتماد محاضرها بسرعة.

ومن الأمور الهامة أيضا، وضع معايير محددة للنسب التصديرية لكل نشاط في المناطق الحرة ووضع المعايير الخاصة بكل نشاط، فالأساس هنا هو إلغاء السلطة التقديرية الممنوحة إذ أمكن وضع قواعد ثابتة، واذا كانت هناك نسب تصديرية يمكن الاتفاق عليها ما بين الهيئة ووزارة الاستثمار ووزارة التجارة الخارجية والصناعة، فالأفضل ان نضع هذه النسب ونعلنها لجمهور المستثمرين بحيث يعرف كل مستثمر ان دخوله في هذا النشاط سيلزمه بنسبة تصديرية محددة، وهذا لا يعني ان يتحول الموظف الى «ماكينة» ولا تتوافر لديه سلطة تقديرية، لكننا نضع المعايير، والمستثمر الذي يريد مخالفة هذا المعيار يراجع الهيئة وليس العكس، وبذلك تكون حالات المخالفة حالات قليلة يتم فيها البت من خلال السلطة التقديرية بسرعة.

ومن الموضوعات التي ندرسها وسيتم اتخاذ قرار فيها أيضا عضوية الشخص الاعتباري في مجلس ادارة الشركة وهو محل خلاف كبير، فعندما تكون شركة ما مساهمة في شركة أخرى تصبح من حقها كراس في مجلس الادارة، ثلاثة مثلا من بين خمسة كراسي، هنا الأمر يواجه اختلافا فهل الثلاثة الجالسون يمثلون شخصا واحدا أم ثلاثة أشخاص وهي قضية نحاول أن تكون لها قاعدة معلنة. كذلك نعمل على ايجاد رابط سريع جدا ما بين اجراءات الافلاس التي تتم بالهيئة والمحاكم المعنية بدعاوى الافلاس لكي لا تعمل كل جهة بمعزل عن الاخرى، وهذا يشتمل على جانب ترويجي في حد ذاته، لأن الاهتمام بتشجيع المستثمرين على دخول البلد يجب أن يقابله اقناع بسهولة الخروج منها.

وفي النهاية، لا أريد أن أبالغ بالتصريح انه ستكون هناك قرارات تعلن كل اسبوعين كنوع من كشف الحساب عما تم اتخاذه في برنامج تبسيط الاجراءات، وأنا أصر على تسميته برنامجا ليأخذ معنى الاستمرارية وعدم التوقف. أما من ناحية التصميم على التغيير، فالتصميم موجود ولدي قائمة بثلاثين إجراء لا بد من إنهائها خلال شهر.

* ما هي برأيك المجالات المهمة التي تحتاج مصر الى استثمارات فيها؟

ـ أفضل الاعلان عن ذلك من خلال الخريطة الاستثمارية التي ستعلنها وزارة الاستثمار، لكن هناك مجالات واضحة تستطيع استيعاب مزيد من الاستثمارات مثل قطاعات السياحة والصناعة والبترول والخدمات البترولية والطاقة والتعدين والنقل.

* من الشكاوى المتكررة من المستثمرين بطء النظام القضائي وهناك اتجاه لعمل محاكم اقتصادية خاصة وآخر يرى ان ذلك سيضر بوحدة النظام القضائي ويفضل دوائر لفض منازعات الاستثمار؟ ـ هذا الموضوع من القضايا التي تطاردني فيها كتاباتي السابقة، فأنا من أنصار وحدة النظام القضائي، لكن هذا شيء، و«إفراد» دوائر خاصة لنظر مواضيع معينة شيء آخر، ان الأمر كله يخص وزارة العدل وهي التي تفصل فيه. من جانب آخر، هناك عدد من آليات فض المنازعات نصت عليها قوانين الاستثمار في الفترة الأخيرة والافضل ان نضع جهدنا في تفعيل ذلك ودفعه للامام، خاصة أن قانون الاستثمار الجديد صدر من أربعة أشهر فقط، والمجال مفتوح لإنشاء دوائر للاستثمار بالتشاور مع وزارة العدل.

* هل هناك معيار لتقييم أداء الهيئة يمكن على أساسه تحديد مدى نجاحها في أداء مهامها ومحاسبة المسؤولين على أساسه؟

ـ في نهاية الأمر، كافة الجهود التي تقوم بها هيئة الاستثمار يجب أن تنتهي الى زيادة حجم الاستثمار المحلي والأجنبي بطريقة سهلة ومضمونة، لكن في الواقع يجب ان ترتبط بالتقييم أشياء أخرى منها تقييم حجم الاصلاح المؤسسي لأن الاستثمار يمكن ان يزيد في عام وينخفض في آخر، لكن المعيار الحاكم هو وجود مؤسسة قوية، وهل تم بالفعل حل مشاكل المستثمرين، وهل هناك شفافية في الاجراءات المتبعة أم لا.