رئيس «أوبك» يدعو واشنطن لاستخدام الاحتياطي لدفع أسعار النفط للانخفاض والبيت الأبيض يؤكد أن بترول الطوارئ لن يستخدم للتحكم في السوق

TT

خسرت اسعار النفط الأميركي للتعاقدات الآجلة في بورصة نيويورك التجارية «نايمكس» أكثر من دولارين وسط مبيعات لجني الارباح أمس لتهبط الى ادنى مستوياتها في سبع جلسات مع اظهار بيانات حكومية أميركية زيادة كبيرة في مخزونات الخام رغم سحب اكبر من المتوقع من مخزونات نواتج التقطير. وهبط سعر الخام الأميركي الخفيف للعقود تسليم ديسمبر (كانون الاول) الى 53 دولارا للبرميل منخفضا 2.17 دولار بعد ان سجل في وقت سابق 55.65 دولار.

من جهته قال البيت الابيض أمس، ان الولايات المتحدة لن تستغل احتياطياتها البترولية الاستراتيجية للتأثير على أسعار النفط في السوق، وذلك بعد أن أخذت اوبك خطوة لم يسبق لها مثيل حثت فيها واشنطن على استخدام احتياطيات الطوارئ. وقال المتحدث باسم البيت الابيض، ترينت دفي «رأينا تقارير الانباء. لكن الاحتياطي البترولي الاستراتيجي كما سبق أن اوضحنا لن يستخدم للتأثير على أسعار السوق. انه احتياطي الطوارئ لأميركا في أوقات الازمات الحادة في السوق».

وقد أوضح الرئيس انه لن يستغل الاحتياطي البترولي الاستراتيجي لاغراض سياسية. وأضاف دفي ان الولايات المتحدة تجري محادثات مستمرة مع اوبك والمنتجين من خارجها، «لأخذ إجراءات تضمن استمرار النمو الاقتصادي العالمي»، ولم يخض في تفاصيل.

وكان بورنومو يوسجيانتورو، رئيس اوبك، أمس قد حث الولايات المتحدة أمس على استخدام احتياطياتها البترولية الاستراتيجية لدفع أسعار النفط نحو الانخفاض.

وقال بورنومو، وهو ايضا وزير النفط الاندونيسي، للصحافيين «أجرينا اتصالات معهم (الولايات المتحدة)، وطلبنا منهم استخدام احتياطياتهم». ولم يقل ماذا كان رد واشنطن على الطلب. واحتفظت أسعار النفط بموقعها فوق مستوى 55 دولارا للبرميل أمس مع تأهب المتعاملين لبدء فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي. وارتفعت أسعار النفط نحو 70 بالمائة هذا العام بسبب النمو القوي للطلب على الطاقة. ويقول كثير من اعضاء اوبك الآن، ان أسعار النفط المرتفعة خارجة عن سيطرتهم بعد ان فاجأتهم الزيادة الكبيرة في الطلب هذا العام. ويخشى كثيرون من أن يؤدي بقاء النفط عند مستويات مرتفعة الى تقلص نمو الطلب على النفط مستقبلا من خلال تحفيز استخدام الوقود البديل.

وكانت آخر مرة لجأت فيها الولايات المتحدة الى السحب من الاحتياطيات الاستراتيجية في عام 2000، وهو ما ساعد آنذاك في إنهاء موجة ارتفاع قفزت فيها الاسعار من عشرة دولارات الى حوالي 38 دولارا في غضون 20 شهرا فقط.

وقد شرعت الولايات المتحدة في تكوين الاحتياطيات الاستراتيجية بقرار من الكونغرس في منتصف السبعينات بعد الحظر العربي على تصدير النفط. وتستهدف الاحتياطيات حماية الولايات المتحدة من أي أزمات في الامدادات.

وفي هذا الخريف، أقرضت الحكومة الأميركية اجمالي 5.4 مليون برميل من الخام الخفيف من احتياطيات الطوارئ لخمس مصاف من أجل تعويض نقص الامدادات الناجم عن الاعصار ايفان في منتصف سبتمبر (ايلول). ولا يزال أكثر من 400 الف برميل يوميا من انتاج خليج المكسيك متوقفا بسبب الاعصار. ورغم الأسعار القياسية للنفط، تمضي ادارة الرئيس جورج بوش قدما في خطط لملء الخزانات الواقعة تحت الارض حتى أقصى طاقتها مع خطط لإضافة 22 مليون برميل حتى ابريل (نيسان) المقبل.

على صعيد آخر، أعلن المدير العام لقسم التنقيب والانتاج في المجموعة النفطية البريطانية «بريتش بتروليوم»، توني هايورد، ان المجموعة تعرب عن أملها في ان يعود انتاجها من خليج المكسيك الى طبيعته تقريبا الاسبوع المقبل. وقال هايورد خلال مؤتمر صحافي، ان بعض وحدات الانتاج التابعة لـ«بريتش بتروليوم» في خليج المكسيك تلقت ضربة قاسية بفعل إعصار ايفان في نهاية سبتمبر. ويبلغ انتاج المجموعة في هذه المنطقة حاليا حوالي 180 ألف برميل في اليوم.

إلى ذلك، قال مسؤول اقتصادي بارز، ان اسعار النفط المتقلبة وتأثيرها على إيرادات الحكومة المتذبذبة أكبر تحد لخطة طموح للوحدة النقدية بين دول الخليج. وتحاول الدول الست الغنية بالنفط الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي التي تأمل في توحيد عملاتها بحلول عام 2010، الاتفاق على معايير اقتصادية موحدة للوحدة الاقتصادية، لكن التذبذب الحاد في أسعار أهم صادراتها يعني صعوبة الاتفاق على نظام مالي موحد، ناهيك عن الرقابة عليه. وقال عبد العزيز العويشق، مدير إدارة التكامل الاقتصادي في المجلس، في حديث لـ«رويترز»: «أتوقع ان يكون العجز والديون أكبر المشاكل. ليست هذه معايير انضمام فحسب، بل معايير لاستمرار الوحدة النقدية. وتأمل دول مجلس التعاون، أن تحدد في العام المقبل المستويات المقبولة لأسعار الفائدة والتضخم والاحتياطيات والدين، ولكن عليها أولا ان تتفق على تعريف للقضية الشائكة بشأن عجز الميزانية».

إلى ذلك، رأى المدير العام لشركة «بي.بي» النفطية البريطانية العملاقة، ان قدرة الانتاج النفطي العالمي ستبقى كافية الى حد ما حتى عام 2008، وهذا من شأنه أن يبقي اسعار النفط الخام فوق عتبة الثلاثين دولارا للبرميل في المدى المتوسط. ولفت جون براون، المدير العام لأضخم شركة في بريطانيا، خلال مؤتمر صحافي «ان 2004 تبدو سنة استثنائية بالنسبة لأسعار النفط التي بلغت مستويات قياسية». فسعر نفط برنت المرجعي المستخرج من بحر الشمال يدور حاليا حول 50 دولارا للبرميل، ما يعتبر سعرا قياسيا تاريخيا. لكن بسبب التضخم يبقى سعر الخام مع ذلك اقل ثمنا مما كان عليه في الثمانينات، حيث بلغ سعر البرميل ما يوازي حاليا 80 دولارا.