خريجو جامعات سعوديون يعملون 18 ساعة يوميا كسائقي سيارات أجرة والدخل الشهري يتجاوز ألفي دولار

برنامج عبد اللطيف جميل لتمليك سيارات الأجرة العامة انطلق عام 2002 وبدأ بـ9 أفراد ليصل العدد إلى 380 شخصا على مستوى السعودية

TT

برهن تجمع أكثر من 22 شابا سعوديا في مركز الحمراء لشركة عبد اللطيف جميل بالرياض لتسلم مفاتيح سيارات الليموزين التي خصصت لهم على تغير كبير لدى الشباب السعودي، وأشارت قصيدة ألقاها احد الشباب يشيد فيها ببرنامج «عبد اللطيف جميل لتمليك سيارات الأجرة العامة» الى حماس لافت لدى الشباب للعمل كسائقين لسيارات ليموزين وترحيبهم بالعمل في هذا المجال، الذي يعرف عنه قسوة ظروفه، وكأن لسان حال الشباب وما عبرت عنه القصيدة يقول إن جيل الشباب السعودي أصبح يدير ظهره إلى احلام الشباب المتداولة في مكتب فخم في وزارة أو شركة.

ويؤكد ثامر العتيبي (32 عاما) أول المستفيدين من البرنامج، الذي يعمل حاليا لمدة 18 ساعة سائق اجرة لسيارة ليموزين، أن التغير قائم بالفعل وان هناك شبابا يرفضون حاليا العمل في وظيفة طلبا للراحة، وبجانب عمله الشاق يدلل بقصة اخيه الذي تخرج منذ عامين من كلية الزراعة في جامعة الملك سعود والذي يعمل سائق اجرة ايضا لسيارة ليموزين، علاوة على صديق خريج قسم إعلام من جامعة الإمام محمد بن سعود حصل على سيارة أجرة من برنامج عبد اللطيف جميل ويعمل حاليا سائق أجرة. ويعزي هذا التغير في عقلية الشباب السعودي إلى نظرتهم الموضوعية حاليا للحياة، وبان الوظيفة الحكومية لم تعد هي طموحهم، فدخله الحالي من الليموزين يصل إلى 8000 ريال (2.3 ألف دولار) شهريا، كما ان أسرته المكونة من زوجة و4 أولاد سعداء بهذا العمل الذي يوفر لهم احتياجاتهم.

ويثني العتيبي على آلية البرنامج حيث يقارن بين عمله الحالي والأعمال التي تنقل بينها بعد ترك العمل العسكري، حيث عمل سائقا لاحدى الحافلات، ثم سائق سيارة ليموزين لمدة عامين، مضى على موديلها 5 سنوات، اما حاليا فسيارته جديدة موديل العام ومؤمنة وتتم الصيانة لدى الشركة بصفة دورية، ويتحمل فقط البنزين وتغيير الإطارات مما يساعده والشباب الآخرين على الحصول على إيراد جيد. ومن جهة أخرى يحلم فيصل العمري ( 26 عاما) الذي عمل سابقا في سوق جملة الخضر وحصل منذ عام على سيارة ليموزين من مشروع عبد اللطيف جميل لتمليك سيارات الأجرة العامة، بان يمتلك سيارة ثانية من نفس البرنامج، وهذا يدفعه إلى دفع الأقساط بأسرع وقت ممكن، ويدرك أن عمله الذي لا يقل عن 16 ساعة يوميا ويصل أحيانا إلى 18 ساعة يوميا هو السبيل الوحيد لتحقيق حلمه.

ويضيف العمري الذي لم يتزوج بعد، أن ترتيب الأولويات لدى الشباب السعودي تغيرت، فبالنسبة له يضع العمل وتكوين مستقبله في المرتبة الأولى ثم يأتي بعد ذلك التفكير في الزواج عندما يملك القدرة على الإنفاق، مشيرا إلى أن دخله من الليموزين سوف يساعده بسرعة على تحقيق العديد من أحلامه.

لكن العمري يرفض النظرة التقليدية عن الشباب السعودي فهو يعرف شبابا سعوديين يتجهون بحماس إلى العمل في العديد من المهن والحرف، فبعض أصدقائه لم يترددوا في العمل في مطاعم براتب 1500 ريال (400 دولار)، وأصبحوا حاليا مديرين برواتب اكبر، لأنهم صبروا وكافحوا.

ويضيف حضور المهندس محمد جميل رئيس مجلس إدارة برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع بعدا آخر، فقد كان حماسه للتعرف على ردود افعال الشباب حول البرنامج ومناقشة مواعيد تسلمهم للسيارات وسؤاله المتواصل عن ارائهم وأفكارهم حول البرنامج حماسا متزايدا لدى الشباب الذين اهتموا بأخذ صور معه امام سيارات الليموزين وكأنهم يسجلون بفخر مسيرتهم.

وعلق إبراهيم محمد باداود مدير عام برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع بان هذا الاحتفال الذي أقيم في مركز الشركة بالحمراء في الرياض وحضره خصيصا رئيس مجلس الإدارة لتسليم 22 شابا سيارات الأجرة، يقدم البراهين القوية على جدية وحماسة الشباب السعوديين، فمن واقع تعامله معهم والتزامهم بسداد الأقساط يؤكد جديتهم وولائهم وحبهم للعمل برغم مشقته، مما جعل الشركة تستقطب بعضهم للعمل لديها. وأضاف أن برنامج عبد اللطيف جميل لتمليك سيارات الأجرة العامة انطلق في منتصف عام 2002، وبدأ بـ 9 أفراد وحاليا وصل العدد تقريبا إلى 380 شخصا على مستوى السعودية، ويتوقع أن يصل العدد الإجمالي في نهاية 2004 إلى 400 شخص. وان هذا البرنامج يستفيد منه الشباب الذين لا يعملون، ولديهم حد ادنى من التعليم، مثل الحصول على الشهادة الابتدائية، وان يتجاوز عمره 21 عاما ولديه رخصة عمومي، وان يجتاز الاختبارات وبحث الحالة الاجتماعية. كما يتطلب سدادا اسبوعيا بقيمة 500 ريال أو بمعدل 82 ريالا في اليوم. ويقدم البرنامج للشباب سيارة موديل العام مغطاة تأمينيا وكاملة التجهيزات وشاملة الصيانة.

كما يقدم البرنامج مزايا أخرى للشباب مثل إمكانية تملك سيارة أخرى لمن يتملك السيارة الأولى ليصبح مالكا لسيارتين بعد 3 سنوات، وقبول كفالته لشخص ثالث أيضا، علاوة على تكريم المتميزين بمنحهم ضمانا طبيا وحفلات شهرية ودورات تدريبية متخصصة في التعامل مع الجمهور أو استقبال الطلبات. وأكد باداود حرص البرنامج على تحقيق اهدافه وتلافي السلبيات من خلال وضع آلية اختيار دقيقة وعلى مستوى عال، حيث تمت الاستعانة بلجنة خارجية متخصصة لاختيار المستفيدين، ويتبع ذلك القيام ببحث حالة للتعرف على المشترك وأسرته وجيرانه للتأكد من الجدية وصدق المعلومات التي قدمها المشترك واستحقاقه للسيارة، والتأكد كذلك من عدم وجود نية إعطاء السيارة إلى آخرين، وان الوضع المادي للأسرة يتلاءم مع متطلبات البرنامج. ويشير إلى خطط برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع المستقبلية حيث تجري حاليا دراسة توفير برامج التدريب غير المتوفرة في السعودية بالتنسيق مع بعض مراكز التدريب المشهورة على مستوى العالم العربي، وقد تم التنسيق مع مراكز في مصر ولبنان والأردن والهند لتدريب الشباب السعودي في بعض البرامج التدريبية والحرفية غير المتوفرة في السعودية لتوفير كفاءات سعودية متخصصة في مجالات غير موجودة في السعودية.

وتطرق إبراهيم محمد باداود إلى برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع التي تهدف جميعها إلى إيجاد فرص عمل للشباب والشابات السعوديين، وهي برامج غير ربحية بدأت منذ تأسيس الشركة عام 1954، ولكنها في العامين الآخرين تم تجميعها تحت إدارة واحدة وهي إدارة برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع، وأبرزها 3 صناديق رئيسية خصص لها 203 مليون ريال سعودي.