خسائر مالية لتجار سعوديين يتعاملون مع السوق الصينية بسبب ثغرات في العقود وانعدام لغة التفاهم

جدل حول جودة البضائع الصينية ومستثمرون سعوديون يفتحون مكاتب وساطة لتقديم حلول تجارية متكاملة

TT

أدى تدافع التجار السعوديين في الآونة الأخيرة نحو السوق الصينية لاستيراد مختلف البضائع والتي أصبحت تشكل حوالي 60 في المائة من إجمالي الواردات التي تغزو السوق السعودي من مختلف دول العالم خاصة الملابس والإكسسوارات وألعاب الأطفال والأثاث والسيراميك، إلى ظهور ثغرات كبيرة في عمليات التعاقد ونوعية المنتجات المخالفة للعقود المبرمة مع المصانع الصينية، مما تسبب في إلحاق خسائر كبيرة بعدد كبير من التجار السعوديين، وذلك نظرا لانعدام لغة التفاهم بين الطرفين. وأشار لـ «الشرق الأوسط» عدد من التجار السعوديين الذين يتعاملون مع البضائع الصينية إلى أن اكبر عقبة تواجههم عند استيراد البضائع من الصين هي عدم فهم التاجر الصيني لطلباتهم من السلع المختلفة خاصة عند التعامل لأول مرة، رغم تعاملهم في كثير من الأحيان مع مكاتب تعمل في خدمات الترجمة، إلا أن المشكلة تظل قائمة نظرا إلى جهل هذه المكاتب للقيود الجمركية في السعودية والتي في الغالب يتم تجديدها من وقت لآخر. وفي ذات السياق اتجه عدد من المستثمرين السعوديين لفتح مكاتب في الصين على شكل وسطاء لتقديم حلول تجارية متكاملة للتجار الذين يتعاملون مع السوق الصينية في ظل تصاعد شكاوى المستوردين السعوديين ومعاناتهم مع التجار الصينيين، وتشمل الخدمات التي تقدمها هذه المكاتب بحسب ما قاله لخالد الظافر الذي يعمل في هذا النشاط، مساعدة التاجر السعودي على إبرام العقود بشكل واضح والتدقيق ببنوده وتفاصيله، وتغذية التاجر بأي قيد جمركي جديد تفاديا لأي مشكلة جمركية وان تكون البضائع ليس عليها قيود جمركية، وقيام المكتب بمعاينة البضائع بشكل فني ومطابقتها للمواصفات المتفق عليها بحسب العقد المبرم بين الطرفين، ومتابعة شحن البضائع حتى وصولها إلى السعودية، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى مثل الحجز في الفنادق ومرافقة التاجر إلى المصانع والشركات المصدرة في جميع أنحاء الصين. إلى ذلك تتباين وجهات نظر السعوديين حول مدى تأثير غزارة المنتجات الصينية في السوق المحلي على الصناعات الوطنية وأذواق المستهلكين. فبينما يؤكد تجار سعوديون متعاملون مع البضائع الواردة من الصين أن ميزة هذه المنتجات هو تناسبها مع جميع المداخيل وتحقق رغبات جميع المستهلكين من حيث الأسعار والجودة، يرى آخرون أن معظم البضائع الصينية التي تباع حالياً في السوق السعودية تصنف على أنها رديئة وفاسدة، نتيجة تركيز التجار المحليين على استيراد البضائع الرخيصة والمتدنية الجودة.

ووفقا لأحد التجار الموردين للمنتجات الصينية للسوق السعودية، فإن البضائع الصينية المتوفرة في الأسواق المحلية تشمل ثلاثة أنواع، رخيصة السعر «تباع في محلات كل شيء 2 ريال»، ومتوسطة السعر والجودة، وأخيرا عالية الجودة والسعر، مبيناً أن هذه المنتجات تلبي رغبات جميع المستهلكين، من حيث السعر والجودة، وبالتالي فهي تتناسب مع موجة الكساد التي تضرب كافة الأسواق العالمية، ومن ضمنها السوق السعودية. وأضاف أنه بحسب تجربته الطويلة مع البضائع الصينية يعتقد أنها بدأت تنافس بقوة في السوق السعودية، وان جودتها تقارب المنتجات الأوروبية رغم الفارق الكبير في السعر، متوقعاً في ظل تدني دخول الأفراد بشكل عام أن تكون المنتجات الصينية هي التيار الكاسح والمزاحم القوي لبقية البضائع الوطني منها أو المستورد من السوق الأوروبية أو الأميركية. ونوه إلى أن كثيراً من المنتجات الأوروبية بدأت في الآونة الأخيرة تصنع منتجاتها في الصين، كما أن بعض المنتجات الصينية تحمل حالياً اسم وكالات عالمية مثل سوني وغيرها.

وذهب تاجر آخر يتعامل مع البضائع الصينية في ذات الاتجاه قائلاً، إن الصناعات الصينية تتميز بأنها تتكيف وفق مستوى سلوك المستهلك، وتقوم باستمرار بدراسة متغيرات البلدان التي تتعامل معها، أي لديها متابعة دقيقة للأسواق المختلفة، مؤكداً أن هذه المنتجات تحقق رغبة أي مستهلك، حيث توفر مختلف الأشكال ومختلف أنواع الجودة بأسعار مناسبة ومشجعة قل ما تجدها في أي منتجات أخرى.

ويرى تاجر ثالث يعمل في نشاط الأجهزة الإلكترونية أن المنتجات الصينية بدأت تنافس بضراوة في السوق السعودية لأنها تراعي الجودة والسعر، كما أنها في متناول يد الجميع، بالإضافة إلى أنها تغطي كافة المجالات من الإبرة إلى الصاروخ على حد تعبيره. كما بين أن كثيرا من الناس يفضلون الصناعة الصينية حالياً خاصة في مجال الأجهزة الإلكترونية على ما يتم تجميعه من أجهزة في بلدان أخرى.

على الطرف الآخر يرى أحد التجار العاملين في الأجهزة الكهربائية أن نسبة كبيرة من البضائع المتوفرة في السوق السعودية رديئة، وذلك لكون معظم التجار الذين يتعاملون مع الصناعات الصينية يبحثون عن الربح المادي فقط من خلال استيراد البضائع الرخيصة، وبالتالي فهم لا يبحثون عن المواصفات والجودة. ويبين أحد المستوردين من السوق الصينية أن الصناعات الصينية تنقصها خمسة أشياء هي، الإعلان، اللغة، والتقليدية، وعدم إتباع أسلوب التخصص في المعارض، وعدم وضوح المعاملات البنكية. ورغم ذلك، فإن أي رجل أعمال إذا لم يضع يده ويتعامل مع الصينيين يعتبر خاسرا لما في هذا السوق من الفرص الاستثمارية الناجحة، خاصة أن هذه المنتجات تشكل نسبة كبيرة من حصة السوق السعودية في كافة المجالات والأنشطة بحسب ما يعتقده بعض المراقبين. من جهتهم يرى الصينيون أن حجم التبادل التجاري بين بلادهم والسعودية يعد منخفضاً قياساً بحجم صناعاتهم المتطورة، إذ تحتل الصين المرتبة الخامسة بين اكبر عشر دول مصدرة للسعودية بقيمة إجمالية تصل إلى 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، كما أن عدد المشاريع الصينية المستثمرة في السعودية تعتبر قليلة للغاية، فالهيئة العامة للاستثمار أصدرت خلال الفترة الماضية تراخيص أربعة مشاريع صناعية وخدمية مشتركة بين مستثمرين سعوديين وصينيين يبلغ إجمالي تمويلها 128 مليار ريال (34.1 مليون دولار)، إضافة إلى مشروعين تعود ملكيتهما بالكامل لمستثمرين صينيين يبلغ إجمالي تمويلهما 110 ملايين ريال (29.3 مليون دولار).