قطاع العقار والإسكان في الأردن يواصل نشاطه وسط منافسة سورية ولبنانية لاستقطاب الاستثمارات

TT

ما زال العراقيون يحتلون المرتبة الاولى من بين الجنسيات العربية في تملك العقارات والشقق السكنية في الاردن رغم حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة من جهة والقرارات الفجائية التي تتخذها الحكومة العراقية بين الحين والاخر مثل اغلاق الحدود والضغوط على حركة التجارة البينية بين الاردن والعراق والتي يمكن ان تؤثر على رغبة العراقيين التملك في الاردن.

وتشير الارقام الرسمية الاردنية الى أن عدد الشقق السكنية المباعة والمشتراة خلال الشهور العشرة الاولى من العام الحالي بلغ 14 الف شقة منها 11 الف شقة في العاصمة عمان، في حين بلغ حجم سوق العقار خلال ذات الفترة 2.5 مليار دولار وسط توقعات بأن يرتفع الرقم مع نهاية العام الحالي الى 2.9 مليار دولار. وحصد العراقيون العدد الاكبر من الشقق المباعة لغير الاردنيين حيث بلغ عدد العراقيين الذين اشتروا شققا 500 شخص وجاء في المرتبة الثانية السعوديون الذين اشتروا 150 شقة و100 من الكويت و80 من سورية بالاضافة الى 100 من الاردنيين المغتربين.

وقال الخبير الاقتصادي الاردني هاني الخليلي إن عوامل عديدة ساهمت في استقطاب الاستثمارات في العقار وباستثناء الحالة العراقية فإن الفائض الملحوظ في اموال المستثمرين بسبب ارتفاع اسعار النفط والذي دفعهم الى توظيفها في العقار بدلا من مجالات اخرى كونها اكثر أمنا وخصوصا في حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة في الوقت الحالي.

ومع اعلان المسؤولين في الاردن عن ازدهارٍ حقيقي في قطاع الانشاءات في النصف الاول من العام الحالي حيث نمت الانشطة الانشائية بمعدل 17%، وفي ضوء استمرار العمل على انجاز عدد من المشاريع التجارية والاسكانية الكبرى، التي تعكس الحاجات المتنامية للمجتمع، تشهد السوق منافسة حادة من دول اخرى مثل سورية ولبنان اللتان بدأتا تستقطبان رؤوس اموال ضخمة في مجال العقار سواء من المستثمرين من دول الخليج او العراق رغم ان اسعار العقارات في الحالة السورية ودمشق تحديدا الاغلى بين دول الجوار والمنطقة بشكل عام، ورغم كل القوانين التي اصدرتها الحكومة السورية والتي ساهمت في خفض الاسعار بين عامي 1996 و2002 اكثر من 40%.

واشار لـ «الشرق الاوسط» ناشطون في سوق العقار ومجالات تأجير الشقق وبيعها في سورية أن العوامل ذاتها التي حدثت في الاردن تتكرر الان في سورية، والتي تدفع لتملك العقارات ورفعت الاسعار، مثل خفض اسعار الفائدة في المصارف الحكومية على المدخرات وعودة المغتربين السوريين من دول الخليج، وتوظيف قسم كبير من أموالهم في شراء العقارات، فضلا على الاستثمارات العراقية، اضافة الى التوتر الذي تشهده المنطقة والضغوط على سورية، الامر الذي دفع الناس الى توظيف اموالهم في العقارات، التي تعتبر من الاستثمارات الآمنة، خوفاً من تدهور العملة.

وقال صاحب احد المكاتب العقارية في دمشق ان «احد العراقيين دفع 10 ملايين ليرة مقابل شقة في احدى الضواحي الراقية أي ما يعادل 137 الف دينار اردني (193 الف دولار) علماً ان الحد الاقصى لسعر المنزل لا يتجاوز 7 ملايين ليرة، ومقارنة مع الاردن لا يتجاوز سعر الشقة 60 الف دينار.

ويلازم وجود حالة ازدهار في بيع العقار والشقق السكنية في سورية حالة اخرى تتمثل في استئجار الشقق السكنية السياحية حيث كان العام الحالي مختلف عن كل الاعوام السابقة، بحسب مكاتب عقارية، فهنالك اشغال على مدار العام ولا يقتصر على مواسم الصيف فقط التي يمكن أن يصل ايجار الشقة المفروشة الى 7000 ليرة سورية ما يعادل 100 دينارٍ اردني في اليوم الواحد بحيث لا تتجاوز الايجارات 50 دينارا في حالات الذروة.

وأخبر مالكون واصحاب مكاتب عقارية في دمشق الـ«الشرق الاوسط» أن افواجا من العراقيين ومن الايرانيين وجنسيات اخرى خليجية وليبية تزور سورية وفي كافة المواسم، مما رفـع الاسعار وأنعش القطاع الاسكاني والقى بظلاله على اسعار الشقق والعقار.

ومن الجدير بالذكر انه يجري العمل حاليا على تطوير عدد من المشاريع في الاردن، منها مشروع مدينة الحدائق الجديدة بالزرقاء، الواقعة على بعد 25 كيلومترا شمال عمان وسيشتمل هذا المشروع البالغة مساحته 2500 هكتار، على عقارات سكنية، ومطاعم، ومقاه، ومتاجر، ودور للسينما، واماكن ترفيهية اخرى يمكن ان تستقطب المزيد من المستثمرين وقد بدأت مؤسسة التطوير الحضري بيع تلك الاراضي للمواطنين. ويعتبر مشروع احياء منطقة العبدلي اكبر المخططات السكنية الشاغرة والقريبة، في وسط العاصمة عمان. وسيضم هذا الموقع، بمساحته البالغة 30 هكتارا، الجامعة الاميركية بالاردن، التي ستخرج 6000 طالب سنويا، وابراجا سكنية عالية، وشققا فاخرة، ومتاجر، ودورا للسينما، ومرافق ترويحية اخرى، ومركزا طبيا وفندقا.

رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الاسكان محمود السعودي قال ان مشاركة قطاع الاسكان في الاقتصاد الاردني العام الماضي كان بحوالي مليار دينار من خلال بناء الشقق السكنية وبيع الاراضي متوقعا ان يزيد 20% هذا العام بسسب الاقبال على الشقق نتيجة الأمن والامان وسياسات الحكومة التي ادت الى انخفاض اسعار الفائدة وقانون المالكين والمستأجرين الذي سيدخل عام 2010 حيز التنفيذ والذي أعطى مالك الحق بتجديد عقد الإيجار إن رغب مما دفع المواطن لفكرة ان يكون مالكا لا مستأجرا.

واضاف السعودي ان الاقبال على تملك الشقق السكنية بدا ملموسا، مبينا ان اسعار الاراضي ارتفعت بنسبة 40% عن مثيلاتها في العام الماضي، ويعود ذلك الى النشاط الذي تقوم به الشركات الاسكانية في هذا القطاع. ولعبت الشركة الاردنية لاعادة تمويل الرهن العقاري في الاردن دورا بارزا في هذا المجال والتي تم تأسيسها من قبل الحكومة الاردنية بالعمل مع البنك الدولي في عام 1996 لدعم الاقراض الإسكاني الطويل المدى من قبل بنوك تجارية، إضافة إلى استغلال أموال القطاع الخاص للمساعدة في دعم القطاع الإسكاني.

وبدأت الشركة بتقديم قروض متوسطة المدى إلى البنوك التجارية لإعادة تمويل إقراضهم الإسكاني والمساعدة بذلك في التقليل من مخاطر السيولة التي تواجهها البنوك وتمول الشركة عملياتها من خلال طرح سندات، وهناك اليوم حوالي 10 مقرضين تجاريين يتنافسون في السوق. ويسيطر على سوق الشقق في الاردن 500 شركة تسعى لبيع انتاجها من الشقق السكنية باعلى الاسعار وان الفرق بين السعر للأجانب والاردنيين بسيط جدا على الرغم من معظم الاردنيين الساعين للتملك من فئة الموظفين من ذوي الدخول المتوسطة والذين يشكلون حوالي 70% من الراغبين في الشراء.

ويتراوح الطلب على العقارات السكنية في الاردن بين 20 و25 الف وحدة سنويا، ويتوقع ان يرتفع هذا الرقم باطراد، نظرا لاتساع شريحة السكان من صغار السن، اذ تصل نسبة السكان ممن تقل اعمارهم عن 15 سنة الى 37 %، في حين تشكل الشريحة القادرة على الانتاج الاقتصادي، والتي تتراوح اعمار السكان فيها بين 15 و64 عاما ما نسبته 58 %.

وتبين ارقام دائرة الاراضي والمساحة الاردنية زيادة مقدارها 50% في معاملات تسجيل الاراضي والشقق السكنية مقارنة مع العام الماضي.